Facebook Pixel
الغنى من العافية
988 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

أكره الضيق والقلة، وأحب السعة والوفرة، إلا أن يكون ذلك من مصدر مريب أو من ناحية مشبوهة، فعندئذ أقرر الصوم، وألوذ بالفرار، من كتاب الحق المر للكاتب محمد الغزالي

كتاب : الحق المر - تأليف : الشيخ محمد الغزالي

الحلقة [ 406 ] : الغنى من العافية

أكره الضيق والقلة، وأحب السعة والوفرة، إلا أن يكون ذلك من مصدر مريب أو من ناحية مشبوهة، فعندئذ أقرر الصوم، وألوذ بالفرار، وعلى لسانى قول القاضى الجرجانى رحمه الله:

يقولون : هذا مورد قلت: قد أرى .. ولكن نفس الحر تحمل الظما..!

أما المورد السائغ العذب فلا معنى للبعد عنه أو الزهد فيه، وهو عندى شعاع من حسنة الدنيا التى ندعو الله بها، أو من زينة الحياة التى هى حق عباد الله المؤمنين به..

وأذكر أن أحد الصحابة كان يدعو بهذا الدعاء: اللهم أعطنى كثيرا فإن القليل لا يكفينى..

ومن المهم أن يأتى هذا الكثير مما أباح الله، وألا يكون عائقا عن أداء الحقوق وفهم طبيعة الحياة المؤقتة التى نحياها...

أعنى إيثار الدار الآخرة فى مواقف الموازنة والاختيار التى تعرض للناس فى اختيارهم الطويل هنا..

وأعرف أن طبائع الناس تختلف، فقد سئل غاندى: لماذا تركب الدرجة الثالثة فى القطار؟ قال: لأنه لا توجد درجة رابعة!!

وظُنَّ أن ذلك الموقف الخشن تفرضه زعامة غاندى لشعب بائس أذله الاستعمار الإنجليزى، ودحرجه إلى درك بعيد!

والناس يحسبون الدين رضا بالدنية، أو ركونا إلى البأساء والضراء، وانصرافا متعمدا عن مباهج الحياة..

وهذا خطأ إلا أن يفرض الجهاد على الأمة التحمل والشظف، فهنا توجب الرجولة أن نتحمل ونصابر ونقبل الواقع دون ضجر!

أعجبنى قول ابن الجوزى: " مازال جماعة من المتزهدين يزرون على كثير من العلماء إذا انبسطوا فى مباحات، والذى يحملهم على هذا هو الجهل فلو كان عندهم فضل علم ما عابوهم، وهذا لأن الطباع لا تتساوى، فرب شخص يصلح على خشونة العيش، وآخر لا يصلح على ذلك، ولا يجوز لأحد أن يحمل غيره على ما يطيقه هو، إن لنا ضابطا هو الشرع، فيه الرخصة وفيه العزيمة، فلا ينبغى أن يلام من حصر نفسه فى هذا الضابط، ورب رخصة كانت أفضل من عزائم، لتأثير نفعها، وحسن عاقبتها " أ. هـ.

وكلام ابن الجوزى فى تربية النفس، وإحسان رقابتها يشبه قول البوصيرى فى الموضوع نفسه:

وأخس الدسائس من جوع ومن .. فرب مخمصة شر من التخم

إن الإسلام لا يعلن حربا على الجسم، وإنما يستعين بقواه على إقامة الفرائض، وترك المحرمات، ولا يعلن حربا على الدنيا، وإنما يجعلها معبرا لما بعدها!

وأى حرج فى أن يكون الجسر متينا أمينا؟ إن المعتلين بدنا وروحا لا يجوز أن يعرقلوا النشاط الإنسانى باسم الدين فالدين صحة عقلية ونفسية قبل كل شىء.

----------( يُتَّبع )----------
#محمد_الغزالي
#الحق_المر ج3
كلمة حرة
نشر في 21 أيلول 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع