Facebook Pixel
سعي القلوب
635 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

إن الحال التى تعانيها هى الوعاء التى تولد فيه السيئات ثم تنمو، حتى إذا جاءت المناسبة للظهور تحركت، والقلب القاسى هو الذى يدفع إلى الكبر حينا وإلى الكنود حينا آخر

كتاب : الحق المر - تأليف : الشيخ محمد الغزالي

الحلقة [431] : سعى القلوب

شعرت بضيق فى نفسى، وانحراف فى مزاجى! وأدركت أن حكمى على الأمور سوف يبعد عن الصواب إذا بقيت سجين هذه الحال الرديئة، فقلت أستغفر الله وأتوب إليه لعل صدرى ينشرح وميزانى يعتدل!!.

ولكن هاجسا تحرك فى نفسى يقول: علام تستغفر؟ إنك ما أخطأت فى شىء ولا ظلمت أحدا، فاطمئن... فقلت لنفسى: وهل انتظر حتى أسىء أو أعتدى ثم استغفر الله؟

إن الحال التى تعانيها هى الوعاء التى تولد فيه السيئات ثم تنمو، حتى إذا جاءت المناسبة للظهور تحركت. والقلب القاسى هو الذى يدفع إلى الكبر حينا وإلى الكنود حينا وإلى استباحة الآخرين حينا، فإذا شعرت أن قلبك أخذ يقسو فاستشعر الخطر وتذكر قوله تعالى (فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله)

إن الله قد يمتن بالنعمة على واحد من خلقه، فيقول المسكين: هذه ثمار عبقريتي ونتيجة جهدى وكفايتى ويمتلئ اعتدادا وفخرا (فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون * قد قالها الذين من قبلهم فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون) فليرقب المرء أحواله الباطنة فإن فساد الظاهر يغلب أن يكون من رداءة الباطن..

جاء فى السنة أن أحد الراسخين فى العلم جاءه مجرم اعتاد القتل، وسأله هل لى من توبة، فأجابه العالم من يمنعك من التوبة؟ دع أرضك التى تعيش فيها، والحق بأرض صالحة تعينك على الاستقامة! فانطلق الرجل صوب القرية التى تعينه على تقوى الله.

ولكن منيته أدركته فى الطريق! قيل إنه لما أحس دنو أجله أخذ ينوء بصدره إلى الإمام، ولكن الأجل عاجله. قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب.

قالت ملائكة الرحمة: إنه جاء تائبا، مقبلا بقلبه إلى الله تعالى. وقالت ملائكة العذاب إنه لم يعمل خيرا قط!! فأتاهم ملك فى صورة آدمى فجعلوه بينهم ـ حكما ـ فقال: قيسوا ما بين الأرضين، فإلى أيهما كان أدنى فهو له، فقاسوا فوجدوه أدنى إلى الأرض التى أراد بشبر، فقبضته ملائكة الرحمة ".

شبر واحد بت فى مصيره! لم يكن نشاط قدم تسعى، بل كان جهاد قلب تائب مستميت فى العودة إلى الله، جعل صاحبه ـ وهو يغالب الموت ـ يتحرك إلى الأمام.

إن المؤمن يتطلع دائما إلى الكمال ويتبرم دائما بالنقص ولا يستكين إلى وضع إذا ركن إليه يوشك أن يهبط إلى القاع ولأمر ما قال رسول الله: " أيها الناس توبوا إلى الله فإنى أتوب إلى الله فى اليوم والليلة مائة مرة " .

هذه دعوة حثيثة إلى التسامى مادامت الحياة.

----------( يُتَّبع )----------
#محمد_الغزالي
#الحق_المر ج4
كلمة حرة
نشر في 28 أيلول 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع