1043 مشاهدة
0
0
إن العلمانية تحارب الانتماء الدينى، ويوجد الآن من يهتمون بالسلوك ولا يهتمون بالعقيدة، وهيهات فلن يكون مع القلب الفارغ إلا المسلك التافه، من كتاب الحق المر
كتاب : الحق المر - تأليف : الشيخ محمد الغزاليالحلقة [423] : إنهيار
الانهيار الواقع فى النفس العربية بعيد المدى، وأخشى إن بقى طويلا أن يضيع معه اليوم والغد! وقبل أن أصف علاجات له أريد أن أسرد بعض مظاهره..
كنت أرقب المباريات الرياضية بين بعض الفرق العربية وأشمئز من خروج البعض عن قواعد اللعب وحقوق الزمالة ثم رأيت أخيرا كيف خرج العرب كلهم مهزومين أمام زنوج إفريقية على نحو مضحك!.
إنهم لم يُهرموا بسلاح سرى، أو لقلة فى العدد! لقد كان الزنوج مردة فى الساحة لا ينتقصهم فن أو صبر على حين كان الشباب العربى سريع الإعياء قليل الحيلة فاستحق الهزيمة بجدارة.
وما وقع فى الميدان الرياضى نموذج لما يقع فى ميادين شتى، الشباب لا يحسن الإجادة ولا يعشق الإتقان مشغول بذاته قبل كل شىء، تستهويه القشور ويحترق فى أنوار الشهرة.
فى ميدان التجارة الكلمة رباط، وهو يستهين بالكلمة، وكأن التجارة أن يأخذ المشترى أكبر ما يستطيع من البائع وأن يدفع أقل ما يُدفع، ولا مكان للوضوح والصدق والعدل.
وفى ميدان الوظائف الرياسة شرف يُشترى بأى ثمن، والعمل عبء يحتال للخلاص منه، ومصالح الجمهور مشغلة ينبغى الفرار منها!!.
ورأيت المناور فى أغلب العمارات مجامع للقمامة، وليس بين السكان تعاون ما على تنظيف الشوارع والحارات.
وشكا لى قريب أنه اشترى علبا لأدوية كتبت له فرأى بعض العلب ناقصا..
وهموم الرزق جعلت المدرسين يشتغلون بالحصص الإضافية أكثر مما يشتغلون بالحصص الأساسية، والناس ينطلقون فى المدن والقرى كما تخرج الوحوش للصيد..
أما الارتباط القديم بالله وحدود الحلال والحرام، والتواصى بالحق والصبر، فإن حباله رثت أو انقطعت.
كان المؤمن قديما يخرج من بيته وعلى لسانه الدعاء المأثور "بسم الله توكلت على الله اللهم إنى أعوذ بك من أن أزل أو أزل أو أضل أو أضل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يُجهل علىّ .."
أما اليوم فللناس شغل آخر أو هدف آخر!!. والسبب الأول فى هذه المأساة التى هدمت الإنسان العربى، انتشار الفكر العلمانى وانحلال الرباط الدينى، ونسيان اليوم الآخر..
فى أقطار أخرى يمكن أن يكون للأخلاق مهاد غير الدين، ولو كان مهاداً رديئا، أما فى البلاد العربية فإن ضياع الدين يعنى ضياع الأخلاق، فلن أنتظر أخلاقا من امرئ كافر بربه واهى الصلة به!.
إن الثورات القومية الكبرى فى بلادنا أدركت حظا من نجاح، لأنها اعتمدت على رجال رباهم الدين وضبط أحوالهم! فلما خفت داعى الدين، وقام داعى المنفعة ركدت ريح الأمة، وهانت على عدوها.
إن العلمانية تحارب الانتماء الدينى، ويوجد الآن من يهتمون بالسلوك ولا يهتمون بالعقيدة. وهيهات فلن يكون مع القلب الفارغ إلا المسلك التافه.
إن النفس العربية انفرط عقدها لما ذهب يقينها، ولن تتماسك هذه النفس وتتكون فيها ملكة الإجادة والصلاح والإصلاح إلا بعودة الإيمان الغائب، وانعقاد الإرادة على فعل الجميل وترك القبيح.
----------( يُتَّبع )----------
#محمد_الغزالي
#الحق_المر ج4
نشر في 27 أيلول 2018
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع