Facebook Pixel
هل الفاعل مجهول؟
968 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

بعد دراساتنا لعلوم الكيمياء والفيزياء والأحياء كنا نستعرض خواص المادة وقوانينها أو مظاهر الخلايا الحية وأطوارها، دون معرفة المصدر أو صاحبها، فهل هو مجهول الهوية؟

كتاب : علل وأدوية - بقلم : الشيخ محمد الغزالي

الحلقة [ 35 ] هل الفاعل مجهول؟

فى دراساتنا لعلوم الكيمياء والفيزياء والأحياء كنا نستعرض خواص المادة وقوانينها أو مظاهر الخلايا الحية وأطوارها، ثم نمر مر الكرام على ذلك كله، فلا نعرف له صاحبا ولا نذكر له مصدرا ونكاد نقرر بلسان الحال أو بلسان المقال أن الفاعل مجهول.

والسبب فى هذا الجحود السائد أن نشأة تلك العلوم كانت فى بيئات مادية تكره الدين وتضيق بمنطقه وترفض أغلب أحكامه! ومعروف أن نزاعا داميا نشب بين الكنيسة والتقدم العلمى، جعل جمهور المفكرين يعد الدين مرادفا للجمود والوهم!

والحقيقة أن الكنائس فى العصور الوسيطة حاربت المنطق العقلى وبحوثه المنتجة لأنها اعتبرت ذلك تأثرا بالإسلام واستجابة لتوجيهه . ومن ثم عالجت اليقظة العلمية بالحديد والنار، وخشيت أن تكون هذه الحركة طليعة لتقدم إسلامى مدنى يسبق تقدمه العسكرى، فلم تهادن مكتشفا ولا باحثا وسفكت الدم بغزارة.

ورأت بهذا المسلك أنها تخدم الدين ! وما درت أنها تخدم الإلحاد، وتمهد أمامه الطريق، وأن العلم لما انطلق إلى غاياته كفر بالدين كله، وتحدث عن المادة ناسيا ربها، وعن قوانينها ناسيا مَنْ أحكمها.

وغفا المسلمون غفوتهم الكبرى، وتأخرت بلادهم تأخرا مخزيا، ثم استيقظوا يطلبون العلم من مظانه، فإذا النقلة والمترجمون يعرضون الدراسات الكونية والحيوية مبتوتة العلاقة بمبدع الكون والحياة، لا تذكر له اسما ، ولا تنبىء له عن وصف، كأن العالم لا صانع له ـ أو بتعبير العصر ـ كأن الفاعل مجهول.

وهذه سوءة فكرية يلزمنا عارها إن لم نتداركها بالإيمان العاقل، أو العقل المؤمن، فنربط الكون بخالقه وفق المنهج الذى رسمه القرآن الكريم ومشت فيه ثقافتنا الصحيحة وقامت عليه حضارتنا الأولى.

إن بعض الناس يظن الدين نوعا من الأدبيات الحالمة أو الوجدانات العائمة! وهذا كلام ينطبق على الأديان الوثنية أو نصف الوثنية، ولكنه لا ينطبق أبدا على الإسلام الذى تدعمه الحقائق، ويسانده البرهان فى كل مجال، والذى يرفض كل ما يأباه العقل ويناقض أدلته.

كنت أقرأ قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً ۗ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّـهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ).

فتوقفت قليلا ثم أعدت النظر فيما قبل الآيتين وما بعدهما فوجدتنى أمام سبعة عشر اسما أو صفة لله تعالى، جاءت مع الحديث عن الكون والحياة والمكان والزمان وكأنها تقول للناس: ما ترون فى كل أفق هو صنع الله، إن الفاعل غير مجهول عند أصحاب العقول!

وتدبرت صفتى اللطف والخبرة مقرونتين باخضرار الأرض وسريان الحياة فى كيانها بعد هطول المطر، ثم قلت لنفسى: ما أحرانا نحن المسلمين بتصحيح منهج الدرس لعلوم الكون والحياة، وتأليف كتب أدق فى علوم الكيمياء والفيزياء والنبات والحيوان وسائر العلوم الأخرى، كتب تزيل الإبهام والريب عن أسرار الحياة، وخلق العالم.

إننا بهذا التصحيح الواجب نؤدى رسالة الإسلام ونستحيى حضارتنا الأولى، ونرفض الفكر المادى فى صوره القديمة والحديثة على سواء، ونعقد الصلح الواجب بين الإيمان والعلم، ونقطع الطريق على التدين المغشوش حين يحاول فرض نفسه على العالم، بالكهانة والتهويم.

----------( يُتَّبع )----------
#محمد_الغزالى #علل_وأدوية
كلمة حرة
نشر في 10 تموز 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع