1207 مشاهدة
0
0
ما هو فقه الدعوة الإسلامية، وما هي مشكلة الدعاة من كتاب مشكلات في طريق الحياة الإسلامية للكاتب محمد الغزالي
كتاب : مشكلات في طريق الحياة الإسلامية - تأليف : الشيخ محمد الغزاليالحلقة [ 19 ] الفصل السابع : فقه الدعوة الإسلامية ومشكلة الدعاة (5 من 5)
• الهزيمة الأولى .. والأخيرة :
وبقيت نقطتان الآن .. الأولى : حول قضية فلسطين للاستفادة من درس التاريخ من خلال تجربة طويلة . . ففى الوقت الذى تدرس إسرائيل فيه الهجمة الصليبية وتنتفع من درس التاريخ فى مواجهتها ، وتدرس الهجمات المغولية والسبب فى اندحارها ، وتأخذ بذلك عبرة ودرسا لواقعها ومستقبلها ، نجد بأن الواقع الفلسطينى ـ من خلال تجربة طويلة ـ ما زاد القضية إلا إنهاكا وشتاتا ، فنحن نعجز عن الاستفادة من الدرس الإسلامى الذى يؤكد أنه ما صدَّ الغزاة عن هذه المنطقة إلا الإسلام ، بينما نرى أن الإسلام الآن لا يعتمد ولا يؤخذ بعين الاعتبار فى المواجهة . .
أما النقطة الثانية : فهى كلمة نصح للعاملين فى الحقل الإسلامى بشكل عام . .
والحقيقة ـ فيما رأيت ـ أن القيادة الأولى لأهل فلسطين كانت قيادة إسلامية ، وكان " عز الدين القسَّام " والذى تلاه من بعده " أمين الحسينى " ، كانوا رجالا ما يعرفون إلا الإسلام والطاقات الإسلامية ، وكان لابد من هذا ـ لا عن تعصب ضد الأقليات النصرانية التى تعيش عندنا ، بل مواجهة للموقف الذى عليه أعداؤنا ، فإن أعداءنا جاؤوا بالتوراة وبالتلمود ، ومن ورائهم نصوص العهد القديم تقول لهم: " سأقيم مظلة داود الساقطة ، سألتقط شعبى من بين الشعوب وأجيء بهم إلى هذه الأرض . . "
هذه الهتافات الدينية وراء اليهود جعلتهم يحاربون حربا دينية ، بل جعلت البروتستانت ـ على شواطئ الأطلسى بين أمريكا وأوروبا ـ وهم مرتبطون بالعهد القديم ، جعلتهم يؤكدون ولاءهم للصهيونية ويؤازرونها بكل ما لديهم من طاقات إلى الآن عسكريا . . فتجريد المقاومة العربية فى فلسطين من الناحية الدينية ، وإبعاد الإسلام عن المعركة واعتباره غريبا فى الميدان ، هذه فى نظرى الهزيمة الأولى والأخيرة . .
لقد استطاع الجزائريون أن يؤمِّنوا مستقبل ثورتهم عندما ارتبطوا بالإسلام ارتباط غيرهم بالنصرانية ، فإنهم رفضوا إلا أن تكون الصيحة صيحة الجهاد لاستنقاذ أرض الإسلام ، فكانت الصيحة الإسلامية هى التى كسبت المعركة فى ثورة الجزائر ، وهى التى ترد لها التعريب الآن ، هذا درس يجب أن يستفيد منه إخواننا فى فلسطين . . إن استبعاد الإسلام ليس معناه إلا تسجيل الهزيمة على هذه الأمة ، وإذا كان غيرنا ما استبعد دينه ، فلم نستبعد نحن ديننا ؟! هل اليهودية تُقبل عالميّا عقيدة هاجمة ويُرفض الإسلام عالميّا عقيدة مدافعة ؟! كيف هذا ؟! وإذا كان هذا مرفوضا فكيف نقبله نحن ؟!
اعتقد ـ وأنا رجل مصرى الجنسية ، أقولها من باب إقرار الحقائق كما وعتها تجربتى ـ أعتقد أن الشعب الفلسطينى من أذكى الشعوب العربية وأقدرها على الكفاح وأصلبها عودا ، وهو ـ للأسف ـ قد تعرَّض لمؤامرات عالمية خبيثة ، وتحمّل آلاما مُرَّة ، وخانه أصدقاء وخانه أعداء ، ولا يزال إلى الآن يعانى الكثير ، ولكن أريد أن ألفت نظره إلى ما لابد منه ، لكى يضمن مستقبله ويكسب معركته ..
لننظر إلى أعدائنا ، لقد نقلت فى كتابى : " الدعوة الإسلامية تستقبل القرن الخامس عشر " كيف أن صحيفة الفاتيكان تسدى نصحا للكيان الصهيونى فى فلسطين ، وتقول للأجهزة العسكرية فى هذا الكيان : ادرسوا لماذا انهزم الصليبيون فى هذه الأرض قديما وأفلتت منهم . .
إن فترة أربعين سنة من الشتات والتيه والتمزق وتألب الأصدقاء وتآمر الأعداء ، أصبحت كافية كتجربة للفلسطينيين للعودة ـ بعد هذه المأساة المريرة ـ إلى دينهم وقواعدهم الأولى التى انطلق منها آباؤهم ، لأن كثيرا من الأفكار فى الواقع ـ كانت عبارة عن أقنعة تختفى وراءها الطوائف والتجمعات غير الإسلامية التى فتكت بهم ..
أما عن النصح للعاملين فى الحقل الإسلامى ، فأطلب من إخوانى ـ الذين شرفهم الله بالعمل فى ميدان الدعوة الإسلامية ـ أن يصمدوا وأن يرابطوا فى أماكن الدفاع عن عقيدتهم ، وعن مقدساتهم ، حتى يحرزوا النصر ويسلموه إلى أولادهم وأحفادهم كى يتموا المشوار كما يقال ..
إن المرابطين الآن فى ميادين الدفاع عن الإسلام ودعوته يتحملون الكثير من العنت والكثير من الإرهاق ، لكن لا أزال أذكر نفسى وأذكّر غيرى بقوله تعالى : (ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون)
لتكن التضحيات كثيرة . . لتكن الآلام مترادفة ، لكن علينا أن ننطلق ونمضى ونؤدى ما علينا ونحن الكاسبون ، وكما أمر الله المجاهدين دائما أن يتوقعوا أحد أمرين والحسنى فى الأمرين معا . . قال لهم : (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا و على الله فليتوكل المؤمنون * قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين و نحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون )
ومع الزمن ستنضج الزروع ، وتتحقق النتائج ، ولأمر ما نجد سورة "هود" ختمت بهذه الآيات : (وانتظروا إنا منتظرون * ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون)
----------( انتهى )----------
#محمد_الغزالى
#مشكلات_في_طريق_الحياة_الإسلامية
نشر في 08 تموز 2018
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع