1615 مشاهدة
1
0
العالم اليوم يفكر فى الانتحار، وقد يصيبه مس فيقدم على حرب تحصد الأخضر واليابس، من كتاب الطريق من هنا للكاتب محمد الغزالي
كتاب : الطريق من هنا - تأليف : الشيخ محمد الغزاليالحلقة [ 8 ] : حملة صليبية على الإعجاز العلمى للقرآن الكريم
تدارست مع أحد الأخوة ما نشر المعهد البابوى عن الإعجاز العلمى للقرآن الكريم، وشعرت بأن قدر كبير من التحريف والمغالطة تخلل الكتابات المنشورة فى هذا الموضوع المهم.
إنه يسرنا أن يقرأ القوم ما لدينا، وأن يتناولوه بالنقد العلمى، ولهم الحق فى إبداء وجهة نظرهم المخالفة، وما نشكو أبدا من هذا المسلك..
لكن " مجلة الدراسات العربية والإسلامية " الصادرة عام 1958 أعدادها 66، 68، 69 تنكبت هذا النهج، واتخذت طريقا آخر يخدم الحملة على الإسلام، ويحقق سياسة الفاتيكان فى النيل منه، وتعكير مستقبله.
وقد كان الأسلوب ناعما ماكرا، ولكنه يحمل فى طياته ما سوف نراه..
ترى المجلة أن الحديث عن الإعجاز العلمى للقرآن بدعة اختلقها دكتور موريس بوكاى، وأن المسلمين أعجبتهم هذه البدعة المساعدة فطاروا بها هنا وهناك...!.
وهذا كلام باطل، فما كتبه موريس بوكاى أواخر السبعينيات من هذا القرن لم يأت بجديد يفاجئنا بروعته، بل أكد ما كان معروفا لدينا، والحديث عن الإعجاز العلمى فى القرآن الكريم كان شائعا قبل ذلك بنصف قرن.
كان الأستاذ محمد أحمد الغمراوى سنة 1937 يدرس كتابه " سنن الله الكونية " فى السنة الأولى من كلية أصول الدين بالقاهرة، وما أدرى أكان موريس بوكاى ولد أم لا؟ فكيف يقال : إنه صاحب " مودة " الإعجاز العلمى؟.
وقد اعتمدت على كتاب الغمراوى وأنا أتحدث عن الإعجاز العلمى فى كتابى "نظرات فى القرآن الكريم " المؤلف من ثلث قرن تقريبا، وحديث العلماء عن هذا اللون من الإعجاز مأنوس مدروس فى كتبنا من زمان بعيد...
وتمضى المجلة فى وهمها عن دور " موريس بوكاى " فى الإعجاز العلمى فتعرض ما كتبه الأستاذ أحمد حنفى عن التفسير العلمى للآيات الكونية وكأنه فيما كتب قد تأثر ببوكاى، وأنا موقن بأن المحرر يعرف أن كتاب أحمد حنفى صدر أواخر الخمسينيات، وأنه لم ير بوكاى ولم يقرأ له، فكيف يتأثر السابق بعشرين سنة باللاحق المتأخر الذى جاء بعده.
لكن هذا اللبس مقصود للأسف، ولا يعتذر عنه بأن الطبعة الثانية لكتاب أحمد حنفى صدرت عام 1985، فإن الطبعة السابقة كانت عام 1960 م وقد تحدث المؤلف عن آرائه فى دروس ومحاضرات كثيرة قبل ذلك، والعلاقة بينه وبين موريس بوكاى مقطوعة!.
ثم يوهم المحرر جمهور القراء بأن الإعجاز العلمى ـ الذى أرخ له على كامل حسين، وأن له مقالا منشورا عام 1983 م فند فيه هذا الإعجاز وأبطله..
والدكتور كامل حسين مات من عشر سنين، والمقال المنسوب إليه نشر عام 1961 م وهو مقال نعرف قيمته عندما نعرف كاتبه..
كامل حسين طبيب بشرى، كرس حياته فى دراسة المذاهب الباطنية من قرامطة ونصيرية وإسماعيلية... الخ، ثم ألف قصة عنوانها " قرية ظالمة " تعتبر من الأدب التبشيرى الحديث! ومات الرجل والكنيسة راضية عنه...
أما مقاله عن الإعجاز العلمى الذى حظى بالثناء المستطاب، فهو مقال محشو بالسباب، وليست له قيمة علمية، وقد أضفت المجلة البابوية نعوتا طيبة على الطبيب المريب، وهو كما ذكرنا..
إننا سنتحدث عن نماذج للتفسير العلمى أدق وأصدق مما اختار محرر " مجلة الدراسات العربية والإسلامية " التى تصدر بروما، ولكن قبل هذا الحديث نشجب التدليس العلمى الذى ظهر جليا فيما ساقه المحرر من تواريخ للأشخاص والبحوث.
ويظهر أن اللعب بالتواريخ عادة قديمة عند القوم نذكر نموذجا لها بعيد الأثر فى تعمية الحقائق وتضليل الجماهير.
عندما انهزم الرومان قديما أمام الفرس كانت هزيمتهم من الشدة والخزى بحيث قدر العالم أن الرومان لن تقوم لهم قائمة بعدها..
لقد فقدوا مستعمراتهم فى الشرق الأوسط كلها، وأرغموا على دفع غرامات فادحة من أموالهم ونسائهم، وهذا ذل ما وراءه ذل!.
بيد أن صوتا فذا فى أعماق الجزيرة العربية كذب الظنون كلها، وباغت الناس بخبر مثير، هو أن الروم سوف ينتصرون فى بضع سنين!! ولم يكن هناك ما يدفع إلى تصديق هذه النبوءة العجيبة.
وانتصر الروم فى الأمد الذى حددته النبوءة وانهزم الفرس انهزاما سلبهم ما أخذوا، وكاد يفقدهم أنفسهم.
وكان على نصارى العالم أن يستمعوا إلى هذا النبى، أو يدرسوا سيرته، أو يؤمن بعضهم على الأقل برسالته!!! لكن شيئا من ذلك لم يحدث، فقد قال لهم المؤرخ الرومانى جيرون إن سبب هذه النبوءة هو حقد محمد على كسرى، بعد أن مزق له رسالة يدعوه فيها إلى الإسلام (!).
والرسالة التى يذكرها المؤرخ الكذوب أرسلت إلى كسرى بعد هذه النبوءة ببضعة عشر عاما!.
النبوءة كانت فى العهد المكى، والرسالة الداعية إلى الإسلام كانت فى المدينة، قبل وفاة الرسول بثلاث سنين تقريبا..!.
اللهم إلا إذا كان المؤرخ الرومانى يسرد الوقائع على نحو ما قال الشاعر العربى المخمور :
أسكر بالأمس إن عزمت على .. الشرب غدا، إن ذا من العجب .
وندع موضوع اللعب بالتواريخ إلى قضية الإعجاز العلمى نفسه، فهذا الإعجاز لا يبدأ من فراغ، إنه يبدأ من حقيقة لا يليق تجاهلها بباحث مخلص!.
لقد شعر القارئون للكتب القليلة المنتسبة إلى السماء أن القرآن يمتاز بخاصة لا تعرف لغيره، هى حديثه المستفيض عن الكون، وحثه القوى على النظر فيه، ووصفه المتكرر لآفاقه، واستخلاصه عظمة الخالق من عظمة المخلوق.
وإنك لتستثار طوعا وكرها، وتنتقل من بناء الكون إلى بانيه البديع عندما تقرأ.
(ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا).
(ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها).
(ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض…).
هذه الآيات ومئات غيرها وصفت الملكوت وصفا دقيقا لا تجد فى أسواره ثغرة.
وقد وثب العلم فى عصرنا وثبات رحبة، وعرف من أسرار العالم ما لم يعرفه الأوائل، واستمع إلى آيات القرآن، وهى تصف الكون والحياة، فوجد تطابقا أو تقاربا يقطع بأن مصدر هذا الكلام، هو خالق العالم نفسه (قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفورا رحيما).
وماذا يقول علم الأجنة فى وصف القرآن لأطوار الجنين فى نشأته الأولى، ومتابعته المذهلة لمراحل تخفقه؟.
لم يكن هناك تصوير بالأشعة يستكشف هذه الخبايا داخل جدار الرحم، لم يكن هناك علم تشريح يعرض مرئياته وتجاربه على الناس بهذه القدرة الصادقة!.
أنى لمحمد هذا العلم؟ إن أرقى الحضارات عند بعثته كانت تجهل هذه الشئون، فكيف بحضارة بدائية تملأ أكناف الجزيرة العربية وتجعل الوثنية دينها الأثير!؟؟.
لا أحب أن يستحمق أحد فيقول: إن القرآن كتاب طب أو فلك، فليس يزعم ذلك عاقل إنه كتاب يهدى إلى الله بأسلوب يربط بين عقل الإنسان وعجائب الكون، مع ارشاد إلهى يكمل قصوره، ويضبط مسيره..
وسنعلم أن هذا الإعجاز العلمى قد اختص به القرآن الكريم وحده، وأن غيره مستبعد ابتداء لأسباب مادية وأدبية.
وقبل أن نشرح ذلك نريد تبيان أن علماء المسلمين لم تملكهم عاطفة جامحة وهم يتابعون هذا الإعجاز، لقد نظروا إلى دلالات الكلام وفق مقررات علم أصول الفقه وهو فلسفة الإسلام فى استنباط الأحكام من مصادرها، فأجازوا ما أجازوا ورفضوا ما رفضوا..
سمعت قائلا يذكر من إعجاز القرآن هذه الآية: (والذي أخرج المرعى * فجعله غثاء أحوى) يقول: الآية تشير إلى الأصل النباتى للنفط، وهو ما يقرره العلماء الآن!.
قلت: دلالة القرآن على ما تحكى بعيدة، ولا أستطيع تفسيرها على هذا النحو!.
وسمعت آخر يقول: لقد سبق القرآن إلى اعتبار الرجل هو المسئول عن نوع ولده أذكر هو أم أنثى؟
وذلك آخر ما وصل إليه العلم من كشوف، وساق من القرآن الكريم هاتين الآيتين. (وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى * من نطفة إذا تمنى). وكذلك قوله تبارك اسمه (ألم يك نطفة من مني يمنى * ثم كان علقة فخلق فسوى * فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى).
وتدبرت الآيات فى الموضعين، وشعرت بأن الدلالات واضحة وقريبة على أن ذكورة الولد أو أنوثته تجىء من ماء الرجل لا من البويضة التى تتكون فى الرحم، وقلت: نعم هذا حق!.
وعلى أية حال فإن النظريات العلمية لا تفسر بها الآيات القرآنية ذلك ما رآه علماؤنا، فإن النظريات قابلة للتغير، ولا نُعرض القرآن لظنون رجراجة.
أما الحقائق العلمية، فانها إذا وافقت كتابنا كانت تفسيرا حسنا له، بل كانت تفسيرا عمليا لقوله تعالى (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق).
قال لى بعض الكتاب: ان الباحثين فى الفضاء يتعرفون هل الكواكب التى يرصدونها بها ماء أو لا، فإن وجد بها الماء كان ذلك مظنة الحياة على سطحها، أليس ذلك مصداق قوله تعالى: (وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون).
قلت: إن الحياة البشرية وغير البشرية على سطح الأرض تعتمد على الماء يقينا، والآية لا ريب فيها.
وقد تكون هناك حيوات أخرى لأجناس أخرى لا علاقة لها بالماء، إننا نحن المسلمين نتبع اليقين، ونأبى الظنون والتخامين، والإعجاز العلمى له رجاله الراسخون.
وأمثل من قرأت لهم الدكتور محمد أحمد الغمراوى طيب الله ثراه. والدكتور موريس بوكاى زاده الله هدى وتوفيقا.
والآن يجئ الكلام عن الكتب الأخرى التى تنتسب إلى السماء ونتساءل: هل وصف أهل دين ما ـ سوى المسلمين ـ كتابهم بأنه معجز؟ إن التحدى لم يقع إلا بالقرآن وحده (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا).
أما الكتب الأخرى فلم تنسب إلى نفسها إعجازا علميا ولا بلاغيا ولا نفسيا، وعرضت ما بها وكفى.
وشىء آخر نتحدث عنه مصارحين: أن الوحى الالهى المتجسد فى القرآن ليست به شائبة من صنع بشر، لكن الأمر الذى استقر عليه القوم فى آخر تعاريفهم للوحى أنه إلهام من روح القدس، لا تنفك عنه الخصائص الإنسانية عند من يتلقاه!.
هل يعنى ذلك أن كلمات الكتاب المقدس تشبه أقوال الأنبياء؟ كنت أتمنى ذلك!.
الذى يبدو لى أن واضعى التعريف الأخير أرادوا به تجاوز ما استحال عقلا أن ينسب إلى وحى سماوى فى إصحاحات كثيرة، أقول: بل ما يستحيل أن ينسب إلى رجال صالحين!!.
من أجل ذلك توقفت وأنا أقرأ مجلة " الدراسات العربية " التى يصدرها المعهد البابوى وهى تعلق على التفسير العلمى للقرآن الكريم قائلة: " إن هذا التفسير الذى ظهر بين المسلمين هو محاكاة للمحاولة المسيحية التوفيقية بين التوراة والعلم التى وقعت فى القرن التاسع عشر ".
وهذه جرأة لا نتركها تمر، فليست بين القرآن والعلم فجوة نحاول ردمها، ولا مسافة نبغى تقريبها أو محوها، إنما الفجوة العميقة والمسافة الشاسعة هى بين العلم وبين التراث الدينى الذى تركه كاتبو العهد القديم.
ويستحيل عقلا ونقلا أن تنجح أية محاولة للتوفيق بين الطرفين، إن الخلاف بينهما علمى وعقائدى وأخلاقى وتاريخى!!.
وأكاد أجزم بأن مؤلفى هذا الكتاب جمعت بينهم نية مشتركة فى تلطيخ سيرة الأنبياء، ونسبة المناكر إليهم، وإبراز حقيقة الدين ـ بعد سقوط قادته ـ كالحة رديئة.
إننا نحن المسلمين نأبى كل الإباء وصف إسرائيل بأنه نصاب مخادع احتال على صفة النبوة، وهى حق أخيه عيصو كما يقولون، ومثل أمام أبيه الأعمى اسحاق أنه عيصو نفسه ولبس إهاب ضأن ليبدو كثير الشعر كأخيه، وقلد صوته.. الخ.
هل النبوة منصب يسرق؟ وهل رسل الله لصوص يسلبون الآخرين حقهم؟.
ماذا تكون حقيقة الدين بعد ذلك؟ وماذا ينتظر من أتباعه إلا أن يكونوا خطافين؟ وكيف يتصور الناس الألوهية فى هذا الجو؟.
إن الصورة المثلى للألوهية، كما ذكرها أحد كتاب العهد القديم أن يحكى للأجيال قصة طريفة، كان إبراهيم جالسا تحت أشجار البلوط فى " ممرا "، فنظر بعيدا فوجد الله قادما يمشى مع بعض الملائكة (!) فهرع إليه وسجد بين يديه، وقال له: ان كان عبدك يجد نعمة لديك فتعال وتناول الغداء معه!!.
وقبل الرب الضيافة وشارك فى أكل عجل ذبحه له إبراهيم الخليل!! إنها ألوهية عجيبة تلك التى جسدها لنا أحد كتاب العهد القديم!.
والتفسير العلمى للتوراة فى القرن التاسع عشر حاول أن يوفق بين الدين والعلم وهو يواجه هذه الأساطير السقيمة.
والمسلمون عندما يتحدثون عن الإعجاز العلمى للقرآن إنما يقلدون فى هذا القرن العشرين ما فعله كهان القرن التاسع عشر فى العالم الغربى!.
ترى ما فعلوا وكيف وفقوا؟؟.
ولست الآن فى مجال استعراض لما نأخذ به الآخرين من تخبط فى فهم الألوهية والنبوة ومعنى الوحى، ومعنى التاريخ.. فذاك أمر له ميدان فسيح، إننا فقط ننبه محرر مجلة الفاتيكان أن يكون يقظا أو حذرا قبل أن ينال منا بالباطل.
إنه يعلم أن مفكرى أوربا أحصوا مئات الأغلاط فى هذه الكتابات، ورفضوا نسبة قداسة ما إليها.
قداسة؟ قداسة لنص يقول: ان الله صنع قوس قزح عند نزول الأمطار كى يتذكر، فلا يترك المطر يهطل حتى لا يحدث فيضان آخر، فإنه ندم على الفيضان القديم:
إله ذاهل يحتاج إلى منبه!!.
ومن أغرب ما قرأت ما جاء فى سفر " حزقيال " فى الفقرة 13 حيث يقول الرب لحزقيال: " وتأكل كعكا من الشعير على الخرء الذى يخرج من الإنسان: تخبزه أمام عيونهم ـ يعنى بنى إسرائيل ـ وقال الرب هكذا يأكل بنى إسرائيل خبزهم النجس بين الأمم التى أطردهم إليه ".
ترى: ما هى محاولات التوفيق بين العلم والتوراة التى بدأت مع القرن التاسع عشر؟ وهل هذه المحاولات هى التى نقلدها نحن المسلمين، عندما نتحدث عن إعجاز القرآن، ونجعل التفسير العلمى نوعا من التفاسير للوحى الأعلى؟.
يؤسفنا أن نقول: إن المحرر لصحيفة الفاتيكان يهزل، ويتحصن وهو يهاجم القرآن وراء نسيج من بيوت العنكبوت.
وكأنما شاءت الأقدار أن تثأر للكتاب الذى افترى عليه المفترون، فإذا نقابة الأطباء فى مصر تدعو إلى مؤتمر عالمى لبحث الإعجاز العلمى فى القرآن الكريم، والتقى فى القاهرة علماء قدموا من نيف وعشرين دولة، وقدم فى الموضوع نحو ثلاثمائة بحث!.
ورأينا الراسخين فى أهم علوم العصر يستمعون فى وعى إلى ما يقال، فلما رأوا الصوت الذى انبعث من خمسة عشر قرنا يتحدث إليهم حديث خبير بأسرار الحياة، عليم بقوى الكون والإنسان، لانت قلوبهم لذكر الله، فمنهم من ذهب الى الأزهر يعلن اسلامه، ومنهم من قرر متابعة الدراسة مع إخوانه، وهو مبهور مما أفاد!.
الدكتور "برسو" أستاذ التشريح يقول: إن تحقيقه لبعض الآيات والأحاديث أشعره بأن القرآن وحى الله إلى محمد يقينا.
فمن أين أتت هذه المعارف التى صدقتها كشوف العصر الحديثة؟ ويتساءل الدكتور "مارشال جونسون" لماذا لا يكون محمد نبيا؟ ومعه هذا الكتاب المشحون بالنظرات الصائبة إلى العالم وقواه وأسراره التى تجلت لنا فى القرن العشرين؟.
نقول: هل أحق منه بالنبوة من نقرأ التراث المنسوب إليهم فلا نجد به إلا محنة العقل والضمير، ودسائس الحقد والجهل؟؟.
ويقول الدكتور " كيث مور" أستاذ علم التشريح وأحد الخمسة الأوائل من علماء الأجنة وله مؤلف مترجم إلى ثمانى لغات: إن تصنيفنا لأطوار الجنين لم يعرف إلا أواخر القرن الماضى وأوائل هذا القرن.
وقد أعطيت مراحل التخلق فى بطن الأم أرقاما وحروفا أبجدية لا معنى لها، ولكن الدراسات الحديثة المقارنة لعلم الأجنة، وللقرآن والسنة أسفرت عن مصطلحات أخصر وأنفع تعتمد على الشكل الذى يمر به الجنين، شكل النطفة والعلقة والمضغة والعظام وكسوة العظام باللحم ثم طور النشأة الأخيرة!.
وعرض الدكتور صورا تبرز هذه الأطوار وفق ما ذكر القرآن الكريم من خمسة عشر قرنا.
نقول: وبحوث اليوم كثيرة، وبحوث الغد أكثر، اننى حسن الظن بالفطرة الإنسانية مادامت تسترشد بالوحى الأعلى، وتتحرى مرضاة خالقها.
ومصيبة الإنسانية فى نظرى من فريقين: فريق يستعلى على ربه أو يفسق عن أمره، وفريق يزوِّر مراده ويفترى عليه.
وفى بعض الأحيان أبحث عن أسباب العوج السائد، فأرى الذين قدموا الحق شوهوا وجهه وزهدوا الناس فيه، وأرى الآخرين هاموا على وجوههم، ما احترموا فطرتهم ولا أنصفوها.
والمدنية الحديثة تتبع هواها وتأبى بشدة أن تخضع للدين!.
ولا يزال الدين جديرا بالازدراء والنبذ إذا كان رجاله يحاربون التوحيد الإسلامى ويبيتون الويلات له، ويهادنون الإلحاد الأحمر والأصفر ولا يشتبكون معهما.
ولا يزال الدين أهلا لظنون السوء إذا وجه جهده بجنون لمحاربة تعدد الزوجات، وصمت صمت القبور عن شيوع الزنى واللواط!!. أليس ذلك ما يفعله الفاتيكان الآن، وما يجتهد رجاله الكبار والصغار لتحقيقه؟ منتهزين الهزيمة التى ألمت بالمسلمين فى العصر الأخير لبلوغ مآربهم..
لقد انطلق العلم وحده منفردا بزمام الإنسانية جمعاء وحقيق به أن ينفرد! من يشركه فى هذه القيادة أو يستبد بها دونه، ورجال الأديان على ما علمنا؟..
على أن المسلمين إذا ارتفعوا إلى مستوى الإسلام أنقذوا أنفسهم وأنقذوا الدنيا معهم.
إن العالم اليوم يفكر فى الانتحار، وقد يصيبه مس فيقدم على حرب تحصد الأخضر واليابس! فهل نصحو نحن قبل فوات الأوان؟ ونأخذ على أيدى العابثين بالأديان؟.
----------( يُتَّبع )----------
#محمد_الغزالى
#الطريق_من_هنا
نشر في 11 تموز 2018
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع