Facebook Pixel
781 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

وقعت المغارم كلها على الإسلام وأهله٬ باسم التحرر من القديم٬ والإخلاص للوطن فحسب، من كتاب ليس الإسلام للكاتب محمد الغزالي

النزعة القومية
=======
شر ما رُمِى الإسلام به- فى الغارة الأخيرة على أرضه- هذا التمزيق الذي فرق بين أهله وجعلهم شيعا متناكرة٬ وخلق من بلادهم إمارات وممالك يدهشك عدها ويثيرك إحصاؤها....
وكذلك صنع زبانية الاستعمار بالعرب والمسلمين٬ فقطعوهم فى الأرض أمما شتى٬ وكانوا أمة واحدة٬ ووزعوهم طرائق قددا٬ وكانوا- من قبل- طريقا قاصدة... وتصور جسما متماسكا٬ يقال لكل عضو فيه : عش وحدك٬ ولا تفكر فى غيرك! فتكون اليد دولة٬ والرجل دولة أخرى٬ والعين دولة٬ والأنف دولة أخرى. لا صلة بين رأس وقلب٬ ولا بين قلب وأطراف!! أهذا عمل طبيب يريد الحياة٬ أم عمل جزار يبغى القتل؟
إن ساسة `أوروبا` رسموا خطتهم وأنفذوها على هذا النحو المهلك. وكلما تحركت غريزة البقاء فى هذه الأشلاء الممزقة لتجتمع من فرقة٬ ولتقترب من بعد٬ جدد الاستعمار سعيه القديم ليبقى المسلمون فرقا متباعدة متحاقدة٬ يزعم بعضها أن سيعيش وحده٬ مستغنيا
بنفسه! وهيهات.. فما الحرص على هذه القطيعة إلا الحرص على الانتحار.. والبلية المختفية وراء هذه المأساة٬ هى إحياء النزعات القبلية٬ والعصبيات القومية الضيقة٬ إن الجرح الذى نفذ إلى أحشاء الإسلام٬ جاء من هذا الداء.
ولئن كانت التعصبات المحدودة آفة إنسانية عامة٬ إنها- فى يوم الإسلام هذا وفى حالته تلك- إثم غليظ. بل هى أقصر طريق للخروج عن الإسلام٬ وتسليم أوطانه كلها للأجانب الغاصبين. باسم ماذا؟ باسم التعصب لوطن واحد!.. وقد فطن الغزاة الجدد٬ إلى ما لم يفطن إليه الصليبيون القدماء٬ فوجدوا أن أنجع أسلوب لكيد الإسلام٬ وإذهاب ريحه٬ وإسقاط دولته٬ وإظلام مستقبله٬ هو ملء القلوب بالعصبيات الوطنية الغبية٬ بعد تفريغها من حقائق الإيمان وإذهالها عن حقوق االله٬ حتى ليهتف الهاتف مناجيا بلاده:
حديثك أول ما فى الفؤاد ونجواك آخر ما فى فمى
وإذا كان الأمر كذلك٬ فماذا يبقى لله من قبل ومن بعد!؟ إن الجهود التى تضافرت لتحول المسلمين إلى هذه الأفكار والمشاعر الجديدة٬ رسمتها- كما قلت- سياسة خبيثة٬ شديدة الوطأة علينا٬ شديدة الحقد على ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا... فاحتالت على إذابة صبغته وفك عراه بإشاعة النعرات القومية والفتن الإقليمية٬ فنالت بذلك ما لم تنل بالعدة والعديد...
وقد سُمح للدين أن يكون عنصرا ثابتا فى القوميات الغربية٬ وخصوصا وهى تزحف فى بلاد المشرق غازية ساطية٬ بينما أُقصِى الدين إقصاء عن القوميات فى البلاد الإسلامية وحدها٬ وفرض .على المسلم فى الجزائر ألا يحزن أو يتحرك إذا استذل المسلم فى تونس
وطلب من المسلم فى العراق ألا يهتاج أو يتحرك٬ إذا هدد كيان الإسلام فى مصر. وهكذا تقع المغارم كلها على الإسلام وأهله٬ باسم التحرر من القديم٬ والإخلاص للوطن فحسب..

كتاب: ليس من الإسلام
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع