2658 مشاهدة
0
0
واحدة من أكبر المعارك الفاصلة في التاريـخ وذلك بعد أربعة أيام من القتال المتواصل، حتى استطاع المسلمـون بقيـادة الصحابـي الجليل سعـد بن أبـي وقاص بسحق جيش الفـرس
التاسع عشر من نوفمبر عام 636 للميلاد الموافق لسنة 14 للهجرة .. المسلمـون بقيـادة الصحابـي الجليل سعـد بن أبـي وقاص .. يسحقـون جيش الفـرس بقيـادة رستـم فرخـزاد في ملحمـة القادسيـة ... في واحدة من كبرى المعارك الفاصلة في التاريـخ ... و ذلك بعد أربعة أيام من القتال المتواصل ...اهتـم أميـر المؤمنين الفاروق عمـر بن الخطاب لأمر المسلمين في العـراق بعد أن انكسروا في معركـة الجسر أمام الفرس .. و استشهد قائدهم أبو عبيـد الثقفـي .. و زاد من تحذره لخطورة الوضع في العراق .. اجتماع الفرس على ملكهم الجديد يزدجرد و التئام شملهم من جديد ...
فخرج الفاروق من المدينة و عسكر في منطقة تسمى صرار باتجاه العراق ... و هو عازم أن يتوجه للجهاد بنفسه .. و بدأ يبث الرسل في كل مكان يستنفر المسلمين للجهاد ... إلا أن الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف نصحه بأن يرسل قائداً و يبقى هو في المدينة ... خشية من النتائج التي قد تترتب فيما لو انكسر المسلمون بقيادته في العراق .. على كافة بلاد الإسلام .و هو الخليفة ..
فاستحسن الصحابة الرأي و وافقه عمـر ... و استشارهم فيمن يولي على الجيش .. فقال له ابن عوف : الأسـد في براثـنه .. سعد بن مالك الزهري ... فاستحسن الفاروق الرأي و أمّر سعـداً على المسلمين ..
خرج سعد بن أبي وقاص في 4000 من المسلمين 3000 منهم من أهل اليمن و الباقي من عامة الناس .. و شيعه الفاروق حتى وصلوا لمنطقة تسمى الاعوص ... فخطب الفاروق في المسلمين و وعظهم و أرشدهم ... ثم استوصى الفاروق سعد بن أبي وقاص بوصايا عدة كان بينها :
(( انظر الأمر الذي رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم عليه منذ بعث إلى أن فارقنا فالزمه .. فإنه الأمر .. هذه عظتي لك .. إن تركتها و رغبت عنها حبط عملك و كنت من الخاسرين )) ..
وصل المسلمون بقيادة سعد إلى مشارف العراق ليلتقوا بالمسلمين هناك و الذين استشهد قبل ايام قائدهم المثنى بن حارثة من جراحه يوم الجسر .. و اجتمعت إلى سعد حشود المسلمين و انصاع الكل لقيادته الموحدة ... و أمده الخليفة بالمقاتلين حتى اجتمع له يوم المعركة ما يقرب ال 30 الف مقاتل .. فيهم جل سادات العرب .. حيث قال الفاروق عمر : والله لأرمين ملوك العجم بملوك العرب ..
و كان في الجيش ما يقرب ال 300 صحابي من صحابة رسول الله .. و 700 من أبنائهم ... و ما يقرب من ال 70 صحابياً ممن شهدوا بـدراً ..
و كان أمير المؤمنين عمـر طوال فترة التجهيز للمعركة على تواصل دائم بسعد ... أمره أن ينظم الجيش و أن يكتب له واصفاً أوضاع المسلمين و العدو و ما يجري لهم و كأنه معهم .. فراحت الرسل بين العراق و المدينة تنقل الاخبار بشكل منتظم للخليفة و تضعه على عين الحال ..
و أرسل الفاروق كاتباً لسعد بعد أن أطلعه سعد على الأوضاع :
(( قد جاءني كتابك و فهتمه .. فإذا لقيت عدوك و منحك الله أدبارهم ، فإنه ألقي في روعي أنكم ستهزمونهم ، .. فلا تشُكَّنَّ في ذلك .. فإذا هزمتهم فلا تنزع عنهم حتى تقتحم عليهم المدائـن .. فإنه خرابها إن شاء الله ... )) ..
و خلال ذلك الوقت ... أمـر ملك الفرس يزدجرد قائده رسـتم أن يخرج بالجيش لملاقاة المسلمين .. فحشد جيشاً عظيماً يزيد عن المئة الف مقاتل ... و أرسل يطلب من المسلمين رجالاً عقلاء ليفهم منهم لم أتوا بجيشهم للعراق ... فخرج إليه من أفاضل الصحابة فدعوه للإسلام و وصفوه له .. فاستحسن كلامهم و استشار قادته فأخذتهم عزة الفرس و استحقارهم للعرب .. و تكبروا على دين الله و ازدروا بساطة لباس المسلمين و تواضعهم و زهدهم ..
و كان سعد قد أرسل رسولاً ليزدجرد ملك الفرس في المدائن يدعوه للإسلام قبل المعركة ... فأساء للمسلمين و استحقر العرب و أخذته عزة الأكاسرة و تكبرهم وجبروتهم ... فرد عليه المغيرة بن زرارة بأبلـغ رد ... و قال له بأن الإسلام قد أعز العرب و أعلا شأنهم .. و قال له بثقة المؤمن بالنصر :
( فاختر إن شئت الجزية و أنت صاغر .. و إن شئت فالسيف .. أو تسلم فتنجي نفسك ) .. فصعق يزدجرد من رده و أمر بإهانة المسلمين و إخراجهم و لم يمنعه من قتلهم إلا عادة عدم قتل الرسل .. و أمر أشرفهم أن يحمل التراب على رأسه حتى يصل إلى سعد و يخبره بأن الفرس سيدفنون المسلمين في خندق القادسية و ينكلون بهم ..
فلما عاد الرسل استبشر سعد بن أبي وقاص بالنصر و قال :
( أبشروا فقد والله أعطانا الله أقاليد ملكهم ) ..
و في يوم 16 نوفمبر خطب سعد بالمسلمين و حثهم على الجهاد و تلا قول الله : ( و لقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ) .. ثم كبر أربع تكبيرات و بدأ الهجوم و التحم المسلمون بالعـدو و هو في أعداد كالرمل .. و قد جلب معه الفيلة التي أفزعت خيـول المسلمين ... و اشتد القتال و حمي الوطيس ... و استدام القتال أياماً بلياليها .. و أفنى المسلمون ألافاً من جيش الفرس .. و استشهد منهم ألاف ..
و بـرز في ساح الوغى أبطال الإسلام و صناديده أمثال عمـرو بن معد يكرب و عاصم بن عمرو ... و انقض ثلة من أبطال المسلمين إلى الفيلة التي أنهكت جيش المسلمين في القتال فطاعنوها و قتلوا منها و هاجت البقية بعيداً عن ساح القتال ..
حتى كان يوم القادسية فهبت ريح شديدة اقتلعت خيام الفرس ثم حمل المسلمون عليهم حملة رجل واحد فأبادوا أمة منهم .. و هرب رستم قائد الفرس و رمى نفسه في النهر فانقض عليه هلال التميمي فاحتز عنقه و صاح بالمسلمين : قتلت رستم و رب الكعبة !! إلي إلي ... و قتل المسلمون القادة بهمان و الجالينوس ... ثم شد المسلمون بخيلهم يتتبعون فلول الفرس و مزقوهم في الأمصار و على أنهار العراق ... و منّ الله على المسلمين بأعظم نصـر ... و كان الفاروق رصي الله عنه يقف على أبواب المدينة و يترقب المسافرين العائدين من جهة العراق ... يتلهف لسماع ما حل بالمسلمين ... إلى أن جاء رجل من جهة العراق فأخذ عمر يمشي بجانب راحلته و يسأله بالله أن يخبره إن كان يعرف خبراً .. فأخبره بأن الله قد فتح على المسلمين و نصرهم على الفرس فتهلل وجهه .... و ما هي إلى شهور حتى اقتحم المسلمون عاصمة ملك الأكاسرة .. المدائن ... و دخلوها مكبرين ... و دخلوا قصـر كسـرى و إيوانه ... و غنمـوا كنوزه كلها و تحقق ما قاله رسول الله صلى الله عليه و سلم في أمر الفرس و الأكاسرة و دعائه عليهم ... و حملت الغنائم إلى المدينة المنورة لا ينقص منها درهم أو دينار واحد حتى تعجب الفاروق من عظيم أمانة المسلمين على ما كان منهم من فقر العيش و قال :
(( إن قوماً أدوا هذا لأمناء )) ... و كان في حضرته علي رضي الله عنه فقال: (( يا أمير المؤمنين : أعجبت من أمانتهم .. لقد عففت فعفوا .. و لو رتعت لرتعوا )) ..
نشر في 19 تشرين الثاني 2016