4171 مشاهدة
0
0
لقوله عليه الصلاة والسلام لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش
"لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش"هكذا كانت بُشرى رسول الله - عليه الصلاة والسلام - نبراسا لكل القادة من بعده يضيء لهم طريق الفتوحات، وهكذا كان الحلم حاضرا في أذهانهم لا يفارق مخيلتهم، وأي شرف ينالوه بعد شرف أن يحفر اسم أحدهم بحروف من ذهب في سنة رسول الله.
لكن الدرب لم يكن أبدا سهلا، لم يكن الطريق إلى مدينة هرقل مفروشا بالورود، لكن ذلك لم يثن أيا ممن حاولوا ولم يفت في عضدهم، حاول معاوية وأرسل جيشا ليحاصر المدينة لكنه عاد دون أن يفتحها ودون أبو أيوب الأنصاري، بعدها بخمسة عقود أقسم سليمان بن عبد الملك ألا يعود إلى دمشق إلا فاتحا، فلم يكتب له الله العودة وعاد الجيش قافلا، مر تسعون عاما حتى حاول هارون الرشيد مرة أخرى، ثم انتظر المسلمون ثلاثة قرون حتى أتى ألب أرسلان ليستكمل الطريق.
ثم جاء العثمانيون، جاءوا ومعهم الحلم، جاءوا ولم يتوانوا لنيل هذا الشرف، حاول الصاعقة بايزيد وكان قاب قوسين أو أدنى من فتح المدينة لولا تيمورلنك، ثم حاول مراد الثاني لكن المجد كان ينتظر سلطانا شابا لم يتجاوز الرابعة والعشرين من عمره ليسطر اسمه في أنصع صفحات التاريخ الإسلامي في أوروبا، لقد فعلها محمد بن مراد، لقد فعلها الفاتح.
احتاج الأمر لثمانية قرون كاملة لتحقيق الحلم الإسلامي والقضاء على امبراطورية عمرها أكثر من ألف عام، احتاج لمحاولات عديدة وتطلب ضرب الحصار على المدينة لسنوات طوال، لكن المسلمين لم يصبهم اليأس بل لقد صار إصرارهم على المضي قدما في تحقيق بشارة الرسول درسا في الإيمان والثقة بالله، تسابقت الجيوش الإسلامية والخلفاء المتعاقبون في السعي لنيل شرف الفتح، تسابقوا ليعلنوا للعالم أجمع أن هذه بشرى رسولنا قد صارت اليوم حقيقة. وحين تولى الفاتح عرش الدولة العلية بدأ في التخطيط لهذه اللحظة وصار جُل همه أن يعبر البوسفور ويخترق حصون المدينة.
أكثر من خمسين يوما صمد فيها البيزنطيون ولم يكل فيها المسلمون، أكثر من خمسين ليلة باتها المسلمون على أمل أن يأتي الصباح بنصر مبين، ماتوا على أسوار المدينة وحُرقت سفنهم وتجرعوا بعض الهزائم بعد وصول الدعم المسيحي لكن الفاتح لم يتراجع، وحين استيقظ أهل المدينة في الثاني والعشرون من أبريل كانت المفاجأة حين رأوا السفن العثمانية وقد عبرت القرن الذهبي بعد فكرة عبقرية بنقل السفن برا. صام العثمانيون ثلاثة أيام قبل الفتح، خطب فيهم شيخ الإسلام آق شمس الدين فأخبرهم برؤياه وبقرب الفتح فدب الحماس في نفوسهم، قاتلوا قتال الأبطال فكان الجزاء من جنس العمل، دخل الفاتح المدينة فلم ينس أن يشكر ربه على هذه النعمة، صلى في آيا صوفيا بعد أن صار مسجدا، ثم بدأ في التفكير في فتح رومية ليحوز شرف فتح المدينتين التي بشر بفتحهما رسول الله لكن قضاء الله كان أقرب.
هذه الأيام تطل علينا ذكرى أعظم معارك الإسلام والتي تضاهي في عظمتها القادسية واليرموك، يمر علينا شهر مايو فتختلط مشاعر الفرح بفتح القسطنطينية بألم ووجع فقدان فلسطين، لكن وعد الله حق، وكما بشرنا الله ورسوله بفتح مكة والنصر على الفرس والروم، وكما انتظرنا قرونا لتصبح القسطنطينية إسلامبول فسوف يأتي يوما نصلي جميعا في المسجد الأقصى، عندها فقط سيظهر فاتح جديد.
غدا بإذن الله موعدنا ورؤية جديدة لفتح القسطنطينية بدراسة شخصية #الفاتح والعوامل والأشخاص التي أثرت في تكوينها، وأعماله الجليلة بخلاف القسطنطينية.
#سيرة_قائد
#فريق_بصمة
نشر في 28 أيّار 2016
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع