1086 مشاهدة
0
0
لاتغرك المظاهر مهما بدت لك عظيمة فوراء كل موقف يبدي عظمته من الناس هناك سر يقف وراءه!
السبت 08 أكتوبر2011 (جريدة الاتحاد)_
منذ أعوام قامت الحكومة المصرية بإنشاء مشروع عملاق للمياه يدعى (توشكى)، وهو اسم قد لا يعرفه القارئ غير المصري لكن المصريين يحفظون الاسم جيدًا، ولفترة كانت هناك سجائر فظيعة جدًا تحمل نفس الاسم ثم اختفت لسبب مجهول. هذا المشروع كان وسيكون مصدر جدل لا ينتهي بين من يراه عملاً متهورًا بلا قيمة، بدد السيولة المالية للبلاد، ومن يراه عملاً عبقريًا .. ليس هذا مجال إبداء الرأي على كل حال وإن كنت أنا من أصحاب الرأي الأول.
هناك قصة حقيقية طريفة عن العداء الذي حمل شعلة، وراح يركض بها من محافظة الجيزة حتى توشكى ذاتها وهي مسافة مرعبة، لكنها احتفالية أراد محافظ الجيزة أن يقيمها في ذلك الوقت.. هكذا انطلق العداء مفتول العضلات حاملاً الشعلة من أمام محافظة الجيزة، وراح يركض حتى غاب عن الأبصار، وبعد ثلاثة أيام ظهر من وراء الأفق في توشكى ليسلم الشعلة .. أي أنه ظل يركض كبطل إغريقي حقيقي في الصحراء لمدة ثلاثة أيام، غير مبال بالظلام ولا الذئاب ولا الإرهاق ..
القصة كما حكتها صحف المعارضة التي اكتشفت ما حدث فعلاً، تقول إن العداء لما ابتعد عن الأنظار، أطفأ الشعلة ثم اتجه إلى مقهى شعبي، حيث جلس يدخن الشيشة (النارجيلة) ويلعب الطاولة لمدة ثلاثة أيام ... ثم إنه ركب سيارة (الميكروباص) إلى توشكى وأشعل الشعلة وراح يجري نحو مكان الاحتفال!
إذن هو بطل فعلاً.. من يدخن الشيشة ثلاثة أيام متواصلة لا بد أنه يتمتع برئة مذهلة..
هذه هي المشكلة الحقيقية .. أنت تبحث حولك فلا تجد شخصًا يتمتع بلياقة جسدية. عندما أذهب إلى الشاطئ أصاب بالذهول من كل هذه الأجساد المترهلة الرخوة المكتنزة بالدهن، ولا تتهمني بالترهل مثلهم، فأنا لا ألبس ثياب البحر أبدًا وإنما أجلس بثيابي الكاملة، لأنني أؤمن أنه إما أن تكون بطل كمال أجسام، أو لا تنزع ثيابك أبدًا .. الحياة لا تحتاج إلى مزيد من القبح ..
في مرسى مطروح المصيف المصري الشهير، هناك شاطئ يدعى شاطئ روميل. السبب هو أن روميل ثعلب الصحراء النازي كان يسبح هناك ويمكنك أن ترى مقر قيادته، وأن ترى معطفه الجلدي وخرائطه. نزل أولادي إلى البحر في هذا المكان وسبحوا كثيرًا جدًا وتوغلوا حتى لم أعد أرى منهم سوى بقع صغيرة فوق سطح الماء. بدأت أقلق وسرعان ما كنت أنزل إلى الماء لأقترب منهم قليلاً وأنصحهم بالعودة ... هنا فوجئت أني توغلت كثيرًا جداً وبرغم هذا ظلت قدماي على الأرض، والماء لم يبلغ خاصرتي بعد !! من يرني من الشاطئ يحسبني تحولت إلى بطل العالم في السباحة.. هكذا عرفت سر الجنرال النازي الذي لا يجيد السباحة، لهذا اختار هذا الشاطئ الآمن ...
الناس ينزلون إلى الماء فلا يسبح أحد على الإطلاق، إنما يمارسون هواية المشي على قاع البحر ..وروميل كان يمارس الخدعة ذاتها ...
أما عن القوة الجسدية فهناك مواقف محرجة فعلاً. مثلاً عندما تتعطل سيارة صديق ويطلب منا أن ندفع سيارته قليلاً.. نتجمع ونبدأ في دفع سيارته وقد برزت أوردة أعناقنا وعضلاتنا، ونحن نقول من بين أسناننا كلامًا على غرار: هيييه !... هااان !...
ثم نكتشف أن السيارة لا تتحرك على الإطلاق .. يتضح بالتدقيق أن أحدًا لا يدفع وإنما يعتمد كل واحد على الآخرين عالمًا أن أمره لن يفتضح. وأقسم أنني رأيت في مرة مماثلة أحد من يدفعون العربة يعيد ضبط عقارب ساعته، وهو يتظاهر بأنه يدفع .. في لحظة تتضح الحقيقة ويحرجنا واحد منا معلنًا أننا لا ندفع وإنما نتظاهر بذلك ..
يقول الشيوخ إن سبب تدهور الصحة العامة هو تلوث الجو، أو الأغذية الصناعية المسمومة، وهم يحكون لنا عن ماض جميل كان فيه البيض حقيقيًا وكانوا يشربون السمن شربًا ... على كل حال أعتقد أنني أفضل انعدام اللياقة على أن يرغمني أحدهم على شرب كوب من السمن .. ومهما كانت النتائج مغرية !
سيدتي .. عندما تقابلين ذلك الرجل الذي يتمتع باللياقة فعلاً، ولا يركب «الميكروباص» ليتظاهر بأنه عدّاء، فلا تترددي ... تزوجيه فورًا لأن ذرية هذا الرجل جديرة بأن تبقى.
نشر في 26 نيسان 2017
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع