Facebook Pixel
من رواية تلك المدينة
1143 مشاهدة
3
1
Whatsapp
Facebook Share

بدأت الألغاز من صفحة الغلاف .. ترى أى لغـة شيطانية هذه ؟.. الحروف عريية على الأقل وتستعمل الضاد, مقتطفات من رواية تلك المدينة للكاتب أحمد خالد توفيق

أجزاء من الرواية تُنشر للمرة الأولى ..

__
وعلى الصفحة الأولى قرأت العنوان بخط واضح :

هربوى تنزاك
سكفج تصهتفبن
ما شاء الله ! بدأت الألغاز من صفحة الغلاف .. ترى أى لغـة شيطانية هذه ؟.. الحروف عريية على الأقل وتستعمل الضاد ..
ثم فتحت الورقة الأولى فوجدت :
" ثرتج يزى تنلطى هوز .. » إلخ ..............
هـل هى مقلوبة ؟.... كازنت فش تض .. جميـل فعلاً .. زاد الأمر وضوحًا .. عبارة بليغة جدًّا وذات معنى .. إن الرجل والحق يُقال لبليغ . تبدو لى كلغة فارسية نوعًا .. ولكن لماذا يكتب رفعت إسماعيل خواطره بالفارسية ؟ للتمويه ؟ ربما .. لكن هذا فى عصر جوجل يُعتبر مزحة سخيفة جدًّا لأن البرنامج قادر على تحديد نوع الكتابة وترجمتها فى ثوان ..
هكذا فتحت جهاز الكمبيوتر وكتبت هذه العبارة وطلبت من جوجل أن يعرف نوع اللغة ..
غريب هذا .. لم يعرفها ..
..
ثم أدركت الحقيقة وهى أن هـذه الأوراق كتبت كلها بشيفرة خاصة .. شيفرة يعرفها رفعت .. هذا جهد لا طائل منه لأنه مات بسره ..
ثم عدت أتأمل الحروف وتذكرت قصتين ..
فى التاريخ العربى قصة شهيرة عندما جرب ملك الروم أن يختبر العبقرى ( الخليل بن أحمد ) ، لذا أرسل له رسالة بحروف يونانية ، وتحداه أن يقرأها عالمًا أنه لا يعرف حرفًا من تلك اللغة ... طلب الخليل مهلة للتفكير واعتكف فى غرفته قليلاً ثم عاد بعد نصف ساعة حاملاً ورقة عليها كتابة بالعربية وناولها الضيف وقال : هل هذه رسالتك ؟. فيما بعد فسر الخليل الطريقة التى اتبعها فقال : ملك الروم يعرف أننى أجهل معانى الكلمات اليونانية .. هكذا فهمت أنهم استخدموا الحروف اليونانية ليكتبوا لى بها نصًّا عربيًّا .. بما أن هـذه الرسـالة كتبت بالعربيـة فلا بد أنهـا بدئت بـ ( بسم الله الرحمن الرحيم ) .. هكذا قارنت حروف أول سطر لأعرف كيف تكون الباء والسين والميم والألف واللام والراء .. إلخ فى اليونانية .. ثم رحت أقرأ النص .. فإذا وجدت لفظة أعرف أكثر حروفها استنتجت الحروف الباقية ..عنـدما تجد لفظة ( الرسـ ....ل ) فإنك تستنتج أنها ( الرسول ) وهكذا تعرف شكل حرف الواو لدى اليونانيين ، من ثم كونت الأبجدية اليونانية كلها ..
فى قصة الحشرة الذهبية لإدجار آلان بو ، وجد البطل شفرة تقود لكنز القرصان .. كان يعرف أن أكثر الحروف استعمالاً فى الإنجليزية هو E . ، بالتالى قرر أن أكثر رمز يتكرر فى الرسالة سيكون هو الـ E مهما كان شكله .. عندما تتكرر ثلاثة حروف تنتهى بـ E فالاحتمال الأكبر هو أنك تعنى لفظة The .. هكذا استطاع أن يصل إلى ثلاثة حروف ، ومع جهد جهيد بدأ يكون الرسالة كاملة .. الطريقة التى استعملها هذا البطل هى التى عرفها علماء الشفرة فيما بعد باسم entropic attack . وهى لا تحتاج إلى عبقرية خاصة .. كل من يملك المثابرة قادر على أن يحـل الشفرة التى تكون بهذا الشكل ..
هناك طريقة تدعى ( أجندة المرة الواحدة أو One time pad ) وتستخدم لقراءة هذه الشيفرة ..
قررت أن أجرب استعمال طريقة entropic attack هذه وخطر لى أن أكثر الكلمات العربية تبدأ بأداة التعريف ( ال ) .. فهل يتكرر حرفان فى كتابة رفعت ؟
تن ..
هذا ممكن .. لا آمل أن أنجح وإلا كانت معجزة حقيقية .. سوف أقضى عدة أيام أحاول ثم أضرب رأسى فى الجدار وأعيد الأوراق لماجى ..
ولكن .. ما علاقة التن بحرفى ( ال ) ؟ كتبت الأبجدية ورحت أتتبع الحروف .. حرف التاء يقع بعد الألف بحرفين .. النون تقع بعد اللام بحرفين ..
وهنا خفق قلبى .. لقد استعمل شفرة سهلة يعرفها هو ، وبالطبع كان أى كمبيوتر قادرًا على حلها .. كل حرف فى الأبجدية يستعمل بدلاً منه الحرف الذى يليه بحرفين ..
أ تصير ت
ف تصير ك
ب تصير ث
إذن فالعنوان ( هربوى تنزاك ) هو ببساطة ( ) ...
لقد صار كل شىء واضحًا ...
مهمة عسيرة تنتظرنى إذن فى فهم هذه الأوراق .. قراءة هذا النص تحتاج إلى سكرتارية كاملة . قمت بكتابة نص برنامج كمبيوتر صغير بلغة البازيك العتيقة BASIC ليقوم بعمل التحويل اللازم للحـروف .. ثم خرجت قاصدًا أقرب مكتب لطباعة الرسائل العلمية ، فطلبت من الفتـاة المذعورة هناك أن تنسخ هذه الأوراق كما هى بالحرف إلى ملف نصى ..
نظرت لى فى حيرة وحركت شفتيها محاولة النطق :
ـ « ثرتج يزى تنلطى هوز .. أى لغة هذه ؟ »
قلت لها فى برود :
ـ « عملك هو النسخ لمن يدفع ، وليس من ضمنه أن تجرى تحقيقًا مع كل عميل .. »
كانت مهمتها صعبة طبعًا لأن نسخ لغة تعرفها يتيح لك أن تبعد عينك عن الورق بعض الوقت وتكمل الكلمات من خبرتك وذاكرتك ، أما هنا فهى تنقل بشكل حرفى ..
بعد يومين أخذت الملف ، ونظرت لها فوجدت أنها أصيبت بالحول كما توقعت .. وعدت للبيت لأغذى به الكمبيوتر .. ثم راح البرنامج يجرى عمليات التحويل .. وعلى الشاشة قرأت ....
روايات مصريـة
نشر في 25 كانون الثاني 2016
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع