2222 مشاهدة
6
1
هو أبو مروان عبد الملك بن زُهر الأندلسي، الذي يُعتبر أعظم معلِّم في الطب الإكلينيكي بعد الرازي، كما تَدِين له الجراحة بأول فكرة عن جراحة الجهاز التنفسي، كما أن له أبحاثاً كثيرة عن الأطعمة والأدوية والكسور، وغير ذلك الكثير
شخصية الحملةأيها الساقي إليك المشتكى قد دعوناك وإن لم تسمع..
سيتبادر إلى أذهانكم أن شخصية حملتنا اليوم هو شاعر أندلسي معروف، ولكم الحق طبعا فقائل هذا البيت الرائع يستحق أن يطلق عليه لقب شاعر ، لولا إجادته الطب أكثر من غيره؛ ولهذا فشخصية حملتنا هو الطبيب المسلم ابن زهر الإشبيلي.
هو أبو مروان عبد الملك بن زُهر الأندلسي، الذي يُعتبر أعظم معلِّم في الطب_الإكلينيكي بعد الرازي، كما تَدِين له الجراحة بأول فكرة عن جراحة الجهاز التنفسي، كما أن له أبحاثًا كثيرة عن الأطعمة والأدوية والكسور، وغير ذلك الكثير.
وُلِدَ أبو مروان عبد الملك بن أبي العلاء، المعروف بابن زهر الأندلسي الإشبيلي الإيادي سنة (464-557هـ/ 1072-1162م)، وينتسب أبو مروان عبد الملك بن زهر إلى أسرة أندلسية لمعت في ميدان الطب والعلوم الطبيعية والكيمائية، وفي العلوم الشرعية الإسلامية أيضا؛ فكان جدُّه محمد بن مروان بن زهر (ت 422هـ/ 1031م) شيخ زمانه وعالم عصره، وهو أول مَن رفع من شأن هذه العائلة؛ فقد كان عالمًا فقيهًا جليلاً في بلاد الأندلس. ثم خلفه في العلم ابنه عبد الملك بن محمد بن زهر، الذي نبغ في الفقه إلاَّ أنه كان طموحًا فاشتغل بالطب؛ حيث رحل إلى القيروان فتتلمذ على يد كبار أطبائها، ثم رحل بعد ذلك إلى القاهرة فنال شهرة واسعة في مجال الطب، بيد أنه عاد إلى إشبيلية و توفي بها سنة (471هـ/ 1078م)، فخلفه في الشهرة ابنه أبو العلاء، واسمه زهر بن عبد الملك بن محمد بن زهر، وقد ذاع صيته هو أيضًا في الطب مثل أبيه، و تدفَّق الطلاب عليه من كل حدبٍ وصوب؛ لشهرته وتبحُّره في العلوم الطبية، وقد قرَّبه إليه الأمير يوسف بن تاشفين أمير المرابطين، ثم إنه لزم بلاد الأندلس حتى وافاه الأجل سنة (525هـ/ 1131م)، وكان من مؤلفاته: كتاب الخواص، وكتاب مجريات الطب، وكتاب التذكرة، وكتاب الأدوية المفردة، وكتاب النكت، وغيرها من الكتب والرسائل. ثم جاء بعد ذلك الابن الذي نال شهرة أبيه وجدِّه، وملأ الدنيا بعلمه، إنه أبو مروان عبد الملك بن أبي العلاء بن زهر، الذي يُعْتَبَرُ أول من خصَّص كل وقته في الطب فكانت أسرة بني زهر بذلك مفخرة الإنسانية؛ لما قَدَّمَتْ من مؤلفات ومبتكرات طبية أدهشت العلماء في الشرق والغرب، واشتهرت في جميع أنحاء المعمورة، وهو ما كان له أبعد الأثر في تشكيل كيان أبي مروان عبد الملك بن زهر العلمي، الذي ورث مهنة الطب من أبيه، وأورثها لأبنائه وأحفاده، وكان هو أفضل تلميذ لأمهر معلم.
ترك ابن زهر ثروة علمية ناضجة، تنمُّ عن سعة أفقٍ وكثرة اطلاع، ولعل من أهم مؤلفاته كتابه (التيسير في المداواة والتدبير)، الذي يُعَدُّ من خير ما أَلَّف المسلمون في الطب العلمي؛ فقد تحرَّر فيه من كل ما تقيَّد به غيره من آراء نظرية، وأخذ فيه بما تُؤَدِّي إليه الملاحظة المباشرة، وفيه وصف التهاب التَّامُور، والتهاب الأذن الوسطى، وشلل البلعوم، كما وصف عملية استخراج الحصى من الكُلى، وفتح القصبة الهوائية . كذلك أَلَّف ابن زهر كتاب (الاقتصاد في إصلاح الأنفس والأجساد)، والذي علَّق عليه أحد المستشرقين قائلا: "إنه عبارة عن تذكرة لمن سبق له أن قرأ كتبًا أخرى في الطب"، فالمؤلِّف لا يتكلَّم مع العموم، ولكن مع طبيب مثله، وقد أوضح بكيفية عملية التفريق بين الجذام، والبهاق، ومسألة العدوى، وقد تحدَّث ابن زهر في هذا الكتاب عن أطباء عصره، فذكر أنهم يختلفون في الاعتناء بالمرضى، وأن الناس يجهلون الطب؛ لأن الطبيب الذي يستشيره مريض من المرضى، يبادر فيصف له دواءً من الأدوية دون تمحيص للحالة في جميع خواصِّها ليس عالما بالطب. وأَلَّف ابن زهر أيضًا كتاب (الأغذية)، وقد أهداه لمحمد عبد المؤمن بن علي أمير دولة الموحدين، وألّف كذلك كتاب (الجامع في الأدوية والمعجونات)، و(تذكرة في أمر الدواء المسهل وكيفية أخذه)، وهو عبارة عن رسالة ألَّفها لابنه أبي بكر، وتعتبر أول ما تعلَّق بعلاج الأمراض، كما أن له مصنفات كثيرة تتعلَّق بالكلي والبهاق والحصى، و في منهجه لدراسة الطب اعتمد ابن زهر على التجربة والتدقيق العلمي، وتوصَّل بذلك إلى أمراض لم تُدرس من قبلُ، وقد درس أمراض الرئة، وأجرى أول عملية في القصبة المؤدية إلى الرئة، ويعتبر ابن زهر من أوائل الأطباء الذين اهتمُّوا بدراسة الأمراض الموجودة في بيئة معينة، ومن أوائل الأطباء الذين بيَّنُوا قيمة العسل في الدواء والغذاء، وعلى الرغم من سعة معارفه، إلاَّ أن تخصُّصه في العلوم الطبية جعله يضيف أبحاثًا مهمة؛ منها ما يتعلَّق بالأمراض الباطنية والجلدية وأمراض الحمى والرأس؛ مما جعله فريدًا بين أقران عصره.
ومن أهم ما يميِّز ابن زهر أنه لم يأخذ آراء الآخرين على أنها مسلمات غير قابلة للتعديل، فكانت آراءه المخالفة لجالينوس -وخاصة آراءه التشريحية- الشاهدة على ذلك، وقد ساعدت هذه الآراء على التخلُّص من تهويمات الجالينوسية، ومن الخضوع المشين الذي طبع عصورًا برُمَّتِها بطابع الجمود المزري هذا، وقد تُرجمت كتب ابن زهر إلى اللاتينية، وخاصة كتابه (التيسير)؛ حيث تُرجم إلى اللاتينية سنة (895هـ/ 1490م)، وكان له أثر كبير على الطب الأوربي حتى القرن السابع عشر، كما تُرجم كتابه في الأغذية والأدوية. وقد امتدح جورج سارتون أبا مروان بن زهر في كتابه (المدخل إلى تاريخ العلوم)، فقال: "إن أبا مروان تميَّز عن غيره في حقل الطب في شرق وغرب الدولة الإسلامية، بل إنه أعظم طبيب في عصره في العالم أجمع" وهكذا كان الطبيب الأندلسي ابن زُهر عبقرية فذَّة في مجال العلوم الطبية، وكان لأعماله وإسهاماته أثر كبير في تطور الطب في أوربا فيما بعد.
بالنهاية نحب أن نعرفكم أن حفيدة لابن زهر كانت عالمة بصناعة الطب تعالج النساء، وكان لها بنت مثلها في الصناعة وكانتا تعالجان نساء المنصور صاحب الأندلس(أبو يعقوب المنصور الموحدي))
من الحملات السابقة
#الأندلس_طمس_بأيديهم_وإنبعاث_بأيدينا
#فريق_رؤية
#النكبة_الأندلسية
#ذكري_سقوط_الأندلس
#نقلا_عن_صفحة_المسلمون_في_الأندلس_وفريق_رؤية
نشر في 08 كانون الثاني 2017