1053 مشاهدة
1
0
ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً ، عندما يرى المجتمع الموضوع من بعيد يكثر النقد وإطلاق الأحكام العابرة ،وهذا ليس فقط في وقتنا الحالي بل من زمن الرسول عليه الصلاة والسلام
التفاصيل هي المهمة:يوم الخندق، عرض الرسول عليه الصلاة والسلام نصف ثمار المدينة على غطفان مقابل رجوعهم وانسحابهم من جيش الكفار، وكلّنا يعرف هذه المعلومة
ويوم الحديبية، أتى أبو جندل بن سهيل بن عمرو طلباً لحماية المسلمين ولكن المسلمين أعادوه لقريش تنفيذاً للاتفاق
ما المشترك في هاتين الحادثتين؟
الأولى: جيش كافر جاء متحالفاً مع ألد أعداء المسلمين غازياً لهم في المدينة، والرسول عليه الصلاة والسلام حاول دفع الضرر والوصول إلى حل يتناسب مع معطيات الأمور
لو كانت هذه الحالة واقعةً اليوم، ووقعت بالفعل في سوريا والعراق، فكان كلّ الكلام عن تطبيق حدود الحرابة وأحكام الكافر المعتدي لدفع ما تبقى من المظلومين المقهورين إلى مقتلة محكمة لاتبقي ولا تذر
والحادثة التانية مشابهة
لم يكن بإمكان دولة المسلمين الوليدة في المدينة المنوّرة وقتها حماية المسلمين في مكة ومن بينهم أبو جندل، فكان الحلّ الاستمرار بالبناء وتقوية الدولة لتصبح قادرة على حماية المسلمين خارج حدودها
واليوم كثيرٌ من الأصوات تطالب المسلم المحاصر في غزة مثلاً بحمل هموم الأمة الإسلامية كلها والتصدي لإيران وأمريكا وإسرائيل معاً
كما تطلب تلك الأصوات من السوري القابع في المخيمات في الجرود والصحارى بحمل قضية العراق وسوريا وفلسطين كلها معاً دون تقديم أي تهاون وهو بالأساس غير قادر على حمل أوتاد خيمته
لذلك لكل قضية أو مسألة تفاصيل دقيقة قد لا يدريها بحيثياتها إلا أهلها، وإطلاق الأحكام العابرة للقارات كانت سبباً مساهماً بالفرقة والشقاق والاقتتالات الداخلة
انتصر الفلسطينيون في الأقصى لأنهم يعرفون قضيتهم ويعرفون الطريقة الأمثل للتعاطي معها، وللتعامل مع عدوّهم المحتل، ويجب على الأمة أن تأخذ دور الداعم لصاحب القضية في قراراته، لا المنّظر واللائم والمقرّع!
{ ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً }
نشر في 28 تموز 2017