885 مشاهدة
0
1
حسب علماء الفيزياء، من بين كل الضغوط التي نواجهها في حياتنا اليومية، فإن طبيعة الزمان لها التأثير الأكثر عمقاً، هل يمكن تعريف مفهوم الوقت رياضياً دون ادخال المراقب في النظام؟
الوقت موجود في رأسك فقط!حسب علماء الفيزياء، من بين كل الضغوط التي نواجهها في حياتنا اليومية، فإن طبيعة الزمان لها التأثير الأكثر عمقاً. تمر الأيام والأسابيع والشهور والسنوات، ويتحرك الوقت من الماضي إلى الحاضر إلى المستقبل، ولا يعود ابداً الى الوراء .لكن وفقا للفيزياء التي تحكم عالمنا، فإن الأشياء تحدث بغض النظر عن الاتجاه الذي يسير فيه الوقت. حيث يقول علماء الفيزياء أن الجاذبية ليست قوية بما يكفي لإجبار كل ما في الكون كي يتجه بحركة أمامية.
اذاً هل الوقت موجود بالفعل كما نعرفه؟ أم أنه في رؤوسنا فقط؟
أولاً دعونا نشرح قليلاً ما يسمى بسهم الوقت(arrow of time):
بسبب توجه سهم الوقت للأمام، يصبح الشاب معمرا، ويصبح الحاضرُ ماضياً، الذي كان سابقا هو المستقبل. ولكن إذا قمنا بتجاهل وجهةِ نظرنا الخاصة قليلاً، ونظرنا الى الكون ككل، فإن الشيء الوحيد الذي يحكم سلوك الكون هي قوانين الفيزياء .والمشكلة هي أن كل هذه القوانين - ما عدا واحدة- تعتبر ثابتة حتى لو عكسنا اتجاه الوقت، وهذا يعني أن نفس التأثيرات سوف تحدث، بغض النظر عمّا إذا كان الوقت يمضي إلى الأمام أو الخلف.
"سواءً من خلالِ قانونُ الجاذبيةِ لنيوتن، الديناميكا الكهربائية لماكسويل، النسبية الخاصة والعامة لآينشتاين، أو ميكانيكا الكم، كل المعادلات التي تصف لنا عمل الكون تعمل تماما إذا اتجه الوقت إلى الأمام أو الخلف حسب قول"لي بيلينجز Lee Billings" لمجلة ساينتفيك أمريكانscientific american) magazine).
ومن الأمثلة على خاصية "السير مع الوقت او عكسه" في الكون هو مسار كوكب يدور حول نجم، وفقاً لقوة الجاذبية.
وأوضح برندان كول بأنه "سواء اتجه الوقت إلى الأمام أو إلى الخلف، فإن مدارات الكواكب تتّبع تماماً المسارات نفسها، والفرق الوحيد هو اتجاه المدار".
اذا فالوقت ليس موضوعياً؟ قد يكون هذا ما قالته نظرية النسبية الخاصة لآينشتاين، ولكن هناك ايضاً ما يسمى القانون الثاني للديناميكا الحرارية.
فوفقا للقانون الثاني للديناميكا الحرارية، أنه مع مرور الوقت، فإن كمية الاضطراب - Entropy - في الكون ستزداد دائما. هذا يعود إلى أنه في حال وقع اختلال لا يمكنك العودة، وتقليل كمية الاضطراب في نظام معين.
و علق كول "ولهذا السبب فإن علماء الفيزياء اعتمدوا على القانون الثاني كمصدر لتبرير الاتجاه الواحد لسهم الوقت: الاضطراب دائما في زيادة بعد حدوث شيء ما، الأمر الذي يتطلب أن يسير الوقت في اتجاه واحد".
العديد من الفيزيائيين يشكون الآن أنه عندما تجبر الجاذبية ما يكفي من جزيئات صغيرة جدا للتفاعل مع بعضها البعض، يتضح توجه سهم الوقت الى الأمام، و كمية الاضطراب يمكن أن تزيد. حينها تتغير القواعد لصالح "كونٌ بدون اتجاه"، عندما تبدأ هذه الجسيمات الصغيرة بالتفاعل مع الأجسام الكبيرة. لكن من أجل نجاح هذا، لابد أن الاضطراب ازداد، مما يعني ان الكون قد بدآ بتنظيم أكثر مما هو عليه الآن - وهذا ما حاول بعض علماء الفيزياء تفسيره بالقول أن هناك أكوان متوازية حيث يعمل وقت إلى الأمام، الى الوراء، باتجاه جانبي، سمها ما شئت.
في محاولة للوصول لحل واحد من أكبر الألغاز في العلم الحديث، قرر اثنان من علماء الفيزياء اختبار فرضية أن الجاذبية هي القوة الدافعة وراء كل هذا الجنون .النقطة الفاصلة ما بين ارتباط الجزيئيات بسهم الوقت، وبين أن تحكمها قوانين الكون الغير مرتبطة باتجاه سهم الوقت تسمى نقطة "فك الترابط "decoherence كما يوضح نيك ستوكتون Nick Stokon فإن أبرز فرضية لشرح “فك الترابط” هي معادلة ويلر- ديويت، التي تتنبأ بانعدام الطبقات بين ميكانيكا الكم، والميكانيكا الكلاسيكية بفضل الجاذبية.
ولكن عندما قام الفيزيائيان ديمتري بودولسكي وروبرت لانزا بقياسات حول الجاذبية من خلال معادلة ويلر- ديويت، وجدوا أنه بمجرد القيام بالحسابات الرياضية، فإن المعادلة لا تشرح كيف يظهر اتجاه سهم الوقت للأمام.
في الواقع، ووفقا لنتائجها، فإن آثار الجاذبية تأخذها ببطء شديد نحو سهم كوني للزمن .كما يشير "ستوكتون"، أنه إذا كانت الجاذبية ضعيفة جداً، لكي تكون القوة التي تثبت التفاعل بين الجزيئات معاً حتى لا تتفكك إلى شيء أكبر، فإنه لا يمكن أن تكون قوية بما فيه الكفاية لإجبارهن على العمل في نفس اتجاه الوقت.
و يقول لانزا:"الوقت ليس موجوداً هناك يدق من الماضي إلى المستقبل، وإنما هو خاصية متعلقة بقدرة المراقب على الحفاظ على المعلومات حول الأحداث التي مرت". في ورقته عن النسبية، بين أينشتاين نسبية الوقت للمراقب، وورقتنا ذهبت بخطوة اضافية الى الامام، للقول ان المراقب هو من يخلق ذلك. هذا يشير إلى أن سهم الوقت هو شخصي، يحدده المراقب، اي نحن!
والفكرة طبعاً مثيرة للجدل، فحسب ياسونوري نومورا (فيزيائي في جامعة كاليفورنيا في بيركلي لم يشارك في الدراسة)، يشير إلى أن الثنائي فشلا في اتخاذ نسيج الزمكان بعين الاعتبار، وكان عليهم ادخال خاصية جديدة في المعادلة - وقت المراقب - والتي لا أحد متأكد انها حقيقية.
ويضيف نومورا: الجواب يعتمد على ما إذا كان يمكن تعريف مفهوم الوقت رياضياً دون ادخال المراقب في النظام،
إذا كنا نريد شرح غرابة الوقت في الكون، نحن لسنا هناك بعد، ولكن كما اقترح لانزا وبودولسكي" ربما ينقصنا شيء". وكما اقترح الباحثون في وقت سابق من هذا العام، يمكن أن يكون "شيئاً الطاقة المظلمة"؟
ترجمة Ali Mokh :
تدقيق: عمرو الزبيري
المصدر :https://goo.gl/L2SRn0
نشر في 02 كانون الثاني 2017