Facebook Pixel
حماقة أم فطنة
664 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

هناك بصراً أحول، أو بصيرة حولاء ترى المائل مستقيما وترى الواحد جمعاً، وتبنى النتائج على ما تهوى فبينها وبين الواقع مسافة بعيدة، وقلما يصح لها حكم

كتاب : الحق المر - تأليف : الشيخ محمد الغزالي

الحلقة [436] : حماقة

الفطانة من أخلاق الأنبياء، وهى بصيرة تدرك الأعماق الخفية والأبعاد القصية، وترى الأشياء على ما هى عليه دون نقص أو زيادة، وتتلطف فى معاملتها واستخلاص النتائج منها.. ذلك أن هناك بصرا أحول، أو بصيرة حولاء ترى المائل مستقيما وترى الواحد جمعا، وتبنى النتائج على ما تهوى فبينها وبين الواقع مسافة بعيدة، وقلما يصح لها حكم.!

وأحق الناس بالفطنة رجال الدعوة الذين يتبعون الأنبياء ويقومون على رسالاتهم ويُقدمون من أنفسهم وسيرتهم نماذج للصلاح والتقى ! ولا أمل فى دين أو دنيا مع البصر الأحول.

تأملت فيما وقع ببنى سويف، وفى أعداد الجرحى والقتلى الذين تمخضت عنهم معركة عمياء للاحتفال بعيد الفطر قبل ثبوته فى مصر، أو بعد ثبوته فى قطر آخر، وتذكرت ما وقع للأستاذ الشهيد حسن البنا عندما دخل قرية فوجد أهلها منقسمين حزبين، هذا يريد أن يصلى التراويح ثمانى ركعات، وذاك يريد أن يصليها عشرين ركعة، وأشرعت العصى واستلت السكاكين وبدت نذر الحماقة المزعجة!

فأمر الأستاذ بإغلاق المسجد عقيب صلاة العشاء، وإلغاء التراويح به، وقال ليصل من شاء فى بيته العدد الذى يريد من الركعات. إن صلاة التراويح نافلة، وإن صلاح ذات البين فريضة، وإذا كانت الفريضة ستضيع لإقامة نافلة فلا أقامها الله.

وقد تساءلت بعد قتل بضعة أشخاص، وجرح كثيرين: فى سبيل ماذا كل هذا؟. إن صلاة العيد سنة، لو صح وقتها، ووقتها عند الجمهور لم يأت، فلماذا تسفك فى سبيلها دماء وتزهق أرواح !.؟! وقلت: إن هذا من تلبيس إبليس على بعض العابدين كما يقول ابن الجوزى. وفوجئت بشخص يقول: ابن الجوزى لا يحتج به!

قلت: إمام مؤرخ مفسر داعية أديب لا يحتج به فبمن يُحتج إذن؟ قال: قرأنا أن ابن الجوزى كان يشرك فى دعائه لله، كان يذهب إلى القبور فيدعو! فقلت يدعو الله ولا يدعو الأموات! وماذا فى أن يتذكر المرء مصارع البشر فى هذه الحُفر، وهمود حركاتهم وضجيجهم تحت هذه الصفايح فيرق قلبه ويلجأ إلى ربه ويجأر بدعائه أهذا شرك أيها الأحمق؟

إن تفكيركم مُلتاث، ولكم جراءة على أئمة الفقه ورجالاته لا تزيدكم إلا خبالا!. ألا فلتعلموا أن تلمسكم العيوب للأبرياء جريمة تبطل أعمالكم وقد قال رسولنا الكريم "ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه ".

وإذا كان أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزى مشركا فمن تصح عقيدته بعده؟

ثم ينبغى أن تعلموا أن الأمة التى لا تاريخ لها لن يكون لها حاضر ولا مستقبل، وإذا كان شغلكم الشاغل تجريح الرجال، وهدم الجبال، فستقع الأنقاض على رءوسكم وتخمد تحتها أنفاسكم. قليلا من الفطنة، قليلا من الأدب، قليلا من الإنصاف حتى ننقذ أمتنا من ورطات أحاطت بها.

----------( يُتَّبع )----------
#محمد_الغزالي
#الحق_المر ج4
كلمة حرة
نشر في 28 أيلول 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع