728 مشاهدة
0
0
إن المحور الذى ندور عليه هو تصحيح الفكر والتزام الوحى فيما قال الوحى فيه كلمته، والتجديد والاجتهاد فى شئون الدنيا التى نحن أعلم بشئونها، من كتاب الحق المر
كتاب : الحق المر - تأليف : الشيخ محمد الغزاليالحلقة [443] : إسلامية المعرفة
يرى البعض أن إسلامية المعرفة تعنى انقلابا فى مناهج البحث وموضوعات العلوم ومسيرة الحضارة! وهذا رأى يحتاج إلى مراجعة واستبانة. فإن العقل الإنسانى قاسم مشترك بين الشرق والغرب! والفطرة الإنسانية السليمة هى الأساس الذى يجب أن نبنى عليه ونعلى البناء..
لقد قدنا الحضارة ألف عام ثم فقدنا خصائص القيادة فقام غيرنا بوظيفتنا فأحسن وأساء، وخلط عملا صالحا وآخر سيئا، وعلينا حين نستأنف رسالتنا أن نحق الحق ونبطل الباطل، فما كان حسنا أبقيناه وزدنا فيه وما كان سيئا استبعدناه وجئنا بأفضل منه.
ومن هذا المنطلق أقول: إن إسلامية المعرفة ليست حكما بالموت على العلوم الحديثة التى قامت على مناهج التجربة والاستقراء واستفتاء العقل المجرد، فهذا مستحيل!
إنها قد تكون حكما بالموت على أوهام حُسبت حقائق، أو على أهواء ألحقت بالعلم وليست منه، ولا يعترض ذلك عاقل.
ستظل الجغرافية تصف البر والبحر والجو، ومعها فى هذا الوصف علم طبقات الأرض وعلم الفلك.
وسيظل علم النفس يصف الغرائز والانفعالات والمشاعر العقلية من ذاكرة وانتباه وخيال.. الخ.
فإذا تدخلت الأسلمة فلكى تمنع الشرود فى الوصف واستخلاص أحكام خاطئة. أى أنها تعترض ما وصل إليه "فرويد" من تصور للعقل الباطن ومن إطلاق العنان للرغبات المكبوتة دون اهتمام بضوابط الدين والخلق.
وستظل علوم الأحياء تعمل فى مجالها تصف آيات الله فى كونه وتبرز صفاته وأسماءه الحسنى.. حتى إذا بلغت تهويمات " دارون " فى أصل الأنواع، وتنازع البقاء والنشوء والارتقاء تدخلت ـ بسلطة العلم لا بأثر الغيبيات وحدها ـ كى ترد إليه وعيه، وتحفظ الناس من خلطه.. وهكذا.
وستبقى علوم الحساب والجبر والهندسة كما هى.
أما التاريخ فلابد من تدخل الأسلمة لمنع الافتيات الذى أوقعه الغرب بتاريخنا، فقد تجاهل بحقد غريب عشرة قرون أخطر وأنضر حلقات التاريخ العالمى، فإذا تحدث عن حقيقة ما رد أصلها إلى اليونان والرومان ونفى بخبث أن يكون للعرب أى فضل على الإنسانية، وهذه نزعة صليبية منكورة تشد أزرها الصهيونية التى تزعم الآن أن الإسرائيليين هم بناة الأهرام..!!
إن الإسلام دين الفطرة، وقد تألقت تعاليمه فى حياتنا عندما كانت فطرتنا سليمة، واشتغل العقل الإسلامى بالبحث المجدى فى العلوم الإنسانية والكونية على نحو معجب، كما أن علوم الدين استبحرت وفى مقدمتها الفقه بشعبه المختلفة ويستحيل أن يكون للفقه الرومانى قدر إذا قيس بالفقه الإسلامى وازدهرت الآداب فى عصورنا الأولى... ثم نمنا نومة أكلت الأخضر واليابس من تراثنا وحياتنا ونحن الآن نريد الذود عن وجودنا المادى والأدبى، والعود إلى رسالتنا الإسلامية التى نهضت بنا أولا وسوف تنهض بنا ثانية.
والمحور الذى ندور عليه هو تصحيح الفكر والتزام الوحى فيما قال الوحى فيه كلمته، والتجديد والاجتهاد فى شئون الدنيا التى نحن أعلم بشئونها، ولا حرج علينا أن نستفيد من تجارب غيرنا على أن نكون أيقاظا لا نُخدع أو نُغش أو نُصرف عن رسالتنا.
----------( يُتَّبع )----------
#محمد_الغزالي
#الحق_المر ج4
نشر في 28 أيلول 2018
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع