Facebook Pixel
الأمانة في نقل التراث
1163 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

مدى أهمية الأمانة في نقل التراث في الإسلام، من كتاب علل وأدوية للكاتب محمد الغزالي

كتاب : علل وأدوية - بقلم : الشيخ محمد الغزالي

الحلقة [ 36 ] الأمانة فى نقل التراث (1 من 2)

بعض الأمم يكون تراثها وساما على صدرها أو حلية فى معصمها، فهى تزهى به كما يزهى امرؤ عادى بشىء يزينه! لكن العرب لهم شأن آخر، إذ أن التراث بالنسبة لهم ضرورة حياة وأساس بقاء.

التراث بالنسبة للعرب وجودهم المادى والأدبى كله! ونعنى بالتراث ماضيهم الفكرى والأدبى والحضارى، وما أسدوه للعالم ونالوا به درجة الأستاذية.

والإسلام ولى هذه النعم، وينبوع ذلك العطاء، الإسلام لا غير.

إنه خلد لسانهم لما نزل به الوحى، وشرف جنسهم لما اصطفاهم الله للرسالة الخاتمة، وابتعث منهم محمدا صلى الله عليه وسلم ـ، وكرم أرضهم لما جعل قبلة المصلين إليها، وكعبة الحجاج فيها.

ونحن العرب نرى أنفسنا فى تراثنا، ونثبت وجودنا بالحفاظ عليه، ونحترم شخصيتنا حين نتحاكم إلى شرعه، ونستبقى شرفنا حين نقدم للعالم هذا التراث رحمة عامة وإنسانية متجردة، وانعطافا إلى الله تعالى وزلفى إليه.

والهجوم شديد فى هذه الأيام على تراثنا، فأعداء الله يريدون تحويل الهزائم العسكرية للإسلام إلى انسحاب عام من كل ميدان، بل إلى اندحار شامل يقطع يومنا عن الأمس الزاهر، ويجعل المسلمين أمما مقطعة محسورة، تجهل كل قطعة منبتها ومصيرها وتفقد القدرة على الحركة الذاتية، فلا يبقى أمامها إلا أن تلتحق بقطار آخر يجرى ذات اليمين أو ذات الشمال، ولا يستقر أبدا على الصراط المستقيم.

كذلك يريد الغزو الثقافى، وبهذا يتحرك سماسرته فى الصحف وسائر مجالات الإعلام، ولكننا لهم بالمرصاد. سنقاومهم ونهزمهم بإذن الله، ونستنقذ الإسلام من هذه المآزق المرسومة له.

ونحن نعرف أن أمة سلخت أكثر من أربعة عشر قرنا وهى تحمل رسالة كبيرة لابد أن تكون لها سلبيات وإيجابيات! وهزائم وانتصارات.

وأرى ألا نفر من أخطائنا، بل نحاسب أنفسنا عليها، فذلك أحرى ألا نقع فيها، إن اليهود استنوا لأنفسهم البكاء عند حائط فى المسجد الأقصى، ومن العبرات المراقة كتبوا لهم تاريخا آخر.

أما نحن.. فما أكثر ما فقدنا، وما أكثر البلاد التى عمرناها بالإسلام ثم طردتنا الأقدار منها بعد أن فقدنا أهلية البقاء فيها! ليت شعرى لماذا لا نبكى على خطايانا ـ كما أمرنا نبينا ـ لا بكاء اليائس بل بكاء التائب الذى يأسى على صفحة سيئة ليكتب صفحة مضيئة.

إن دراستنا للتراث قاصرة، بل لعلها جزء من الغيبوبة التى نالت منا ولا تزال. وقد كنا إلى أمد قريب نحارب الاستعمار الثقافى الذى يريد اقتلاعنا من جذورنا، ويشدنا إلى ملل ونحل لا نعرفها ولا نريد أن نعرفها. حتى فوجئنا بمن يغوص فى تراثنا ليحرف الكلم عن مواضعه، ويبرز لنا سلفنا الأول أقزاما ملتاثين، أو سباعا تتهاوش على أعراض الدنيا ومآربها الخسيسة. ومن ثم يمكن الالتواء بزماننا كى نلتحق بفلسفة أخرى ونستبدل بوحى السماء سوس الأرض.

إن القاصى والدانى والذكى والغبى يعرفون أنباء الفتنة الكبرى التى وقعت فى صدر الإسلام. ولما كانت دراسة الماضى تقع للعبرة لا للتجريح، وللبناء لا للهدم، فإن أئمة الفقه والتاريخ والتوجيه العام قالوا: دماء طهر الله أيدينا منها فلا نلوث أفواهنا بها!

وقد حكمت كثرة المسلمين بأن فلانا أصاب وفلانا أخطأ، وكان ذلك عن اجتهاد يعرف علام الغيوب ما وراءه من قصد وسيحكم بينهم فى اللقاء الأخير. ونحن ننظر إلى ما حدث ونقرأ قوله تعالى: (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون).

ولما كان الأمر شديد التعقيد فقد وضعت فى كتابى (دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين) مقترحات أولية لتقريب الفوارق بين أهل السنة والشيعة، وحاولت تجفيف أو تخفيف المنابع التى ترشح بالحقد وتفيد أعداء الإسلام وحدهم، وإذا الأستاذ عبد الرحمن الشرقاوى ينشر سلسلة مقالات بعنوان (على إمام المتقين) ينكأ بها الجروح القديمة ويحيى بها الطائفية الهامدة، ويشحن السلسلة بأخطاء وأهواء توقظ الفتنة وتشغل المسلمين المعاصرين عن مواجهة خصومهم إلى محاكمة الموتى، ونسبة جرائم كاذبة إلى رجال ونساء أبرياء.

لقد أدركت منذ مدة أن الكاتب ميال إلى الشيوعية، وأنه مع نفر من رفقائه ألفوا ما سموه باليسار الإسلامى. وكان عرض التاريخ الإسلامى من زاوية الفلسفة المادية نصيب الأستاذ الشرقاوى، فألف كتابه (محمد رسول الحرية) على أساس أن الإسلام مظهر للصراع بين الطبقات (!) وأن الأصنام تم نصبها حول الكعبة لأسباب مادية، وتم هدمها كذلك لأسباب اقتصادية.

وقد اعترض الأزهر تداول الكتاب ، وكتب مفندا ما جاء به؟ ولكن الكتاب بقى لأن رجال الثورة يريدون بقاءه.

ومضى الأستاذ عبد الرحمن الشرقاوى فى طريقه يفسر الوقائع بمعايير الفكر اليسارى ، ويقرأ كتب التاريخ غير مميز بين حقيقة وشائعة، وبين صحيح وموضوع، وغير مدرك لمكانة الرجال الذين يتحدث عنهم فجاءت مقالاته بعيدة كل البعد عن المنطق العلمى، كما جاءت بعيدة الأثر فى الإساءة إلى الإسلام والصحابة.. وإلى الآمال المرجوة فى الصحوة الإسلامية، وجمع الشمل.

وهاك نماذج من المقالات القليلة التى وقعت بين يدى.

قال: إن على رضى الله عنه خطب الناس: إنما أنا بشر مثلكم فإن قلت حقا فصدقونى، وإن قلت باطلا فردوا على! أنشدكم الله أتعلمون أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبض وأنا أولى الناس به، وبالناس من بعده (!) قالوا: اللهم نعم! قال: فعدلتم عنى وبايعتم أبا بكر رضى الله عنه، فأمسكت ولم أحب أن أشق عصا المسلمين وأفرق بين جماعتهم، ثم إن أبا بكر جعلها لعمر رضى الله عنهما من بعده فكففت ولم أهج الناس، وقد علمت أنى كنت أولى الناس بالله ورسوله ومقامه فصبرت! ولما قتل عمر رضى الله عنه وجعلنى سادس ستة لم أحب أن أفرق بين المسلمين.. الخ.

نقول: هذه خطبة مكذوبة على علىّ رضى الله عنه، وهى تعنى أمورا هائلة، تعنى أن الخلفاء الثلاثة الأوائل كانوا مغتصبين حقا ليس لهم، وأنهم طلاب دنيا وعشاق رياسة، وأن جمهور الصحابة جبن عن مناصرة على رضى الله عنه صاحب الحق المقرر، وباع كذلك دينه إرضاء لأبى بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم.

أى أن نبى الإسلام ـ صلى الله عليه وسلم ـ فشل فى إنشاء جيل يصون الأمانات ويؤديها لأصحابها، وأن أركان دولة الخلافة كانوا خطافين.

هذا هو المحور الذى يدندن حوله الكاتب، ومن اليسير بعد ذلك طعن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار! وما قيمتهم إذا كان أبو بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم اغتصبوا ما ليس لهم؟

وعندى أن الإسلام كله سوف ينهار إذا تقرر أن جمهور الصحابة على النحو الهابط الذى أبرزه به الشرقاوى.

***

وكذبة أخرى! روى الشرقاوى أن امرأة جاءت إلى أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها بعد معركة الجمل وسألتها: يا أم المؤمنين .. ما تقولين فى امرأة قتلت ابنا لها صغيرا؟ فأجابت عائشة رضى الله عنها: وجبت لها النار! قالت المرأة ـ وكان لها ولدان قتلا فى المعركة كما يحكى الشرقاوى ـ : فما تقولين يا أم المؤمنين فى امرأة قتلت من أولادها المؤمنين الكبار عدة آلاف؟ فصرخت عائشة رضى الله عنها: خذوا بيد عدوة الله، ثم بكت وتشنجت وغشى عليها.

إن إدخال عائشة رضى الله عنها النار امتداد لتفسير رافضى متداول بين أصحابه جاء فيه أن عائشة بنت أبى بكر وحفصة بنت عمر رضى الله عنهما هما المرأتان اللتان عنتهما الآية الكريمة: (وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير) .. الخ.

وأن الله أشار إلى حال المرأتين وعاقبتهما عندما قال فى آخر السورة: (ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين).

وهكذا، بعد القضاء على سمعة أبى بكر وعمر رضى الله عنهما، يقضى على ابنتيهما، وهما من أمهات المؤمنين، ليتوهم القراء أنهما من أهل النار.

***

وقال: الأستاذ عبد الرحمن الشرقاوى فى أرض فدك التى طالب على وفاطمة رضى الله عنهما بامتلاكها ميراثا عن النبى صلى الله عليه وسلم ـ إن فدك ملكها اليهود من بنى النضير من زمن بعيد (!) حتى إذا كانت السسنة السابعة من الهجرة جاءوا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ودخلوا فى الإسلام طائعين بدون حرب، فطلب المسلمون أن تقسم عليهم أرض فدك كغيرها من الغنائم، فنزل قوله تعالى: (وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير).

وهذا كلام ينطوى على فوضى وجهالة! فلو فرضنا زورا أن فدك لبنى النضير، وأن بنى النضير أسلموا فلماذا تؤخذ منهم أرضهم؟ وهل يعنى ذلك إلا أن المسلمين قطاع طرق؟

والصحيح أن فدك ليست لبنى النضير، وأن بنى النضير لم يسلموا، ولم يفكروا يوما فى إسلام! وأنهم حاولوا قتل النبى عليه الصلاة والسلام عندما كان بينهم فى بعض الشئون التى تفرضها المعاهدة المعقودة معهم، وكان ذلك فى السنة الثالثة من الهجرة، فلما أحس غدرهم انسحب وأعلن عليهم الحرب وحاصرهم حتى أوقع فى صفوفهم الفزع وأخيرا جلوا عن المدينة، ونزلت فيهم سورة الحشر أو سورة بنى النضير.

وفى هذه السورة يقول الله سبحانه وتعالى فى وصف يهود بنى النضير: (ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار * ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار * ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب).

فكيف يوصف هؤلاء بأنهم أسلموا؟ أما فدك فتقع شمالى المدينة على طريق خيبر. وقد كانت العلاقات بين المسلمين واليهود تسوء سنة بعد أخرى، وكان اليهود لا يفتأون يكيدون للرسالة الخاتمة، ويبيتون الشر للرسول وصحبه، فرأى النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يجهز على وجودهم العسكرى، وأن يهدم حصون خيبر التى يستندون إليها، فسار إليها فى السنة السابعة وتمكن من الاستيلاء عليها، وكانت خيبر أغنى وأقوى مستعمرات اليهود فى الجزيرة العربية، فلا عجب إذا استسلمت فدك وتيماء ووادى القرى.

وبذلك زال الخطر اليهودى وتفرغ المسلمون لتأديب الوثنية التى طالما لقوا منها الويل.

***

وهناك قضية وهب لها الأستاذ الشرقاوى فكره ونشاطه، ويريد أن يجر الإسلام إليها جرا دون هوادة! هل للمسلم أن يدخر، أو يكتنز بعد أن يؤدى الحق المقرر عليه فى ماله؟ أم يجب أن يمسك عنده شيئا فوق حاجته؟

الأستاذ الشرقاوى يؤكد أنه لا يجوز استبقاء شىء لصاحبه فوق نفقته العادية، وما زاد ينبغى توجيهه إلى الأمة الإسلامية الممتدة شرقا وغربا..

أى أنه ميال إلى نظرية كارل ماركس (لكل حسب حاجته). ولكنه يصور الرأى الذى ارتآه بأنه فقه الكتاب والسنة (!) وأن الرأى الآخر هو مذهب عثمان ومعاوية وكعب الأحبار رضى الله عنهم.

فهل هذا التصوير صحيح، وهل حقا يرفض الإسلام أن تكون للأفراد مدخرات شخصية بعدما أدوا الحق المعلوم؟ أو بتعبير أصرح هل حق التملك واهى الأركان على هذا النحو، وأن مبدأ الملكية ليس له عند الله سند أو وجاهة؟

الذى نعرفه، ويعرفه جمهور المسلمين أن مبدأ الملكية له احترامه التام بشروط:

1- أن يكون التملك من وجوه الحلال فلا تقبل ملكية من طريق محرم أو مشبوه.

2- أن يؤدى المالك الزكوات المفروضة عليه فى أصناف المال التى يملكها.

3- أن يلبى مطالب الدولة فيما تفرضه من ضرائب ـ أو خراج بالتعبير القديم ـ لصيانة المجتمع مدنيا وعسكريا.

وغنى عن البيان أن الدول فى عصرنا الحديث قد تبلغ بضرائب الدخل حد الإرهاق، لضمان التماسك الاجتماعى، وتأمين القدرة الحربية، وذلك كله مع بقاء مبدأ الملكية قائما.

ولو أن الشروط التى ذكرناها تحققت أو قامت أجهزة دقيقة لتقييد حركة المال بها، ما كانت هناك شيوعية ولا إلحاد ولا تطرف ولا محاولة لتزييف الوحى. ولكن الخلل الرهيب فى طرائق الكسب وأساليب الإنفاق تبعه خلل مثله فى مقترحات العلاج، وجعل البعض ـ لجهله بالإسلام ـ يتخيل أن الإسلام دين شيوعى أو يمكن جعله كذلك.

وعيب الأستاذ الشرقاوى وأمثاله أنهم يريدون تطويع النصوص لمذهب ردىء، وتفسير الوقائع لخدمة فلسفات شرها أضعاف خيرها، كأن الله أرسل رسله كى يمهدوا لكارل ماركس.

وهو يحاول أن يجعل على بن أبى طالب رضى الله عنه ضد رأس المال مهما أدى ما عليه من حقوق، فلماذا طالب وطالبت زوجته فاطمة رضى الله عنهما بامتلاك فدك، وهى بتعبير عصرنا (عزبة) كبيرة رأى أبو بكر رضى الله عنه تنفيذا لأمر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن تكون صدقة على المسلمين، ورأت فاطمة وزوجها رضى الله عنهما أن تعود لهما ملكا شخصيا؟

وهو يحاول أن يجعل عثمان رضى الله عنه كأحد الباشوات أو اللوردات الذين يشبعون شهواتهم ويرجمون المجتمع بفضول أموالهم! وقد كان عثمان رضى الله عنه غنيا واسع الثروة، ولم يزعم خصم أو صديق أن الرجل كان بخيلا أو أنه ضن على مصالح المسلمين بدرهم، وكذلك كان عبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير رضى الله عنهم، لقد كانت لهم أموال ممدودة، فما قصروا فى عطاء، ولا فكروا فى استعلاء، ولا استكبروا على الجماهير.

اللهم إلا أن يكون الغنى من الحلال المحض جريمة لا تغتفر، وأن يكون الإنفاق السمح فى وجوه البر عوجا لا يقبل.

ونرى هنا أن نفسر مسالك وأعمالا تحتاج إلى زيادة إيضاح.

أكان أبو ذر يحرم الكنز ويتجه إلى ما نسميه اليوم (الشيوعية) على عكس عثمان رضى الله عنه الذى كان (رأسماليا) مترفا كما يزعم البعض؟ قال ابن تيمية: كان أبو ذر رجلا صالحا زاهدا، وكان مذهبه أن الزهد واجب، وأن ما أمسكه الإنسان فاضلا عن حاجته فهو كنز يكوى به فى النار، واحتج لذلك بما لا حجة فيه من الكتاب والسنة، ولما توفى عبد الرحمن بن عوف وخلف مالا جعل أبو ذر ذلك من الكنز الذى يعاقب عليه، وقد ناظره عثمان رضى الله عنه فى ذلك، حتى دخل كعب الأحبار ووافق عثمان رضى الله عنه فضربه أبو ذر! وكان قد وقع خلاف قبل ذلك بين أبى ذر ومعاوية فى الشام.

قال ابن تيمية: إن الخلفاء الراشدين وجماهير الصحابة والتابعين على غير ما يقول أبو ذر ـ فالكنز المحرم هو المال الذى لم تؤد حقوقه، وقد قسم الله المواريث فى القرآن الكريم، ولا يكون ميراث إلا من مال مدخر، وفى الحديث: "لأن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تتركهم عالة يتكففون الناس " .

ومع رواية ابن تيمية ورأيه فى وصف أبى ذر فنحن نحسب أن أبا ذر لا يحرم الكنز، ولا يحارب فضول الأموال. فمتى نبت هذا الرأى فى دماغ أبى ذر؟

لقد عاش مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والناس بين مكثر ومقل فلم يعترض هذا التفاوت، وعاش فى عهد أبى بكر رضى الله عنه فما هاجم الأغنياء أو طالب بتقسيم ثرواتهم! وعاش فى عهد عمر رضى الله عنه فما نبس ببنت شفة ضد من وسع الله عليهم.

الحق أن أبا ذر هاجه الترف المقبل، والتوسع فى النعم، فتحرك ضد ما رآه من تغير فى سير الجماعة الإسلامية ، وتطير من نتائجه، وشرع يهاجم أصحابه ففهم الناس من كلامه ما فهموا، والرجل فى نظرى لم يتوهم أن الغنى جريمة، وأن من أخرج حقوق المال يعتبر عدوا للشعب.

وأبو ذر رجل معروف بالصراحة، وملكاته النفسية تعجزه عن المناصب الإدارية، وقد أوصاه الرسول صلى الله عليه وسلم ألا يتولى عمالا، لأنه لا يطيق توجيه الناس وحياطة أمورهم، ومن هنا فإنه آثر العزلة فى مكان قريب من المدينة اسمه (الربذة).

ويكذب على عثمان رضى الله عنه من قال إنه نفاه برغمه إلى هذه الضاحية فقد روى البخارى عن زيد بن وهب قال: مررت بالربذة فإذا أنا بأبى ذر، فقلت له: ما أنزلك منزلك هذا؟ قال: كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية فى: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم).

فلما قدمت المدينة كثر على الناس حتى كأنهم لم يرونى من قبل ذلك! فذكرت ذلك لعثمان رضى الله عنه، فقال لى: إن شئت تنحيت فكنت قريبا.. فذاك الذى أنزلنى هذا المنزل، ولو أمروا على عبدا حبشيا لسمعت وأطعت.

***

وقال الأستاذ الشرقاوى إن عثمان رضى الله عنه نفى عليا رضى الله عنه إلى ينبع! ولا أعرف من أين جاء بهذا الخبر؟

وقد شعرت ـ بعد طول تأمل فى سيرة عثمان رضى الله عنه ـ أن الرجل جنى عليه نبله الغريب، وحياؤه الشديد، وإيثاره ترك حقوقه عن التعرض لطلبها ممن يطمع فيها، ولو كان فى ذلك فقدان الحياة!

وتستطيع معرفة هذه النفس الزكية من مسلكه عندما واجه القتلة المحيطين به، قال صاحب سبل السلام: (صح أن عثمان رضى الله عنه منع عبيده أن يدفعوا عنه، وكانوا أربعمائة مسلحين ـ وقال: من ألقى سلاحه فهو حر..)! لقد سمع الحديث المعروف: "تكون فتن فكن فيها عبد الله المقتول. ولا تكن القاتل ".
ولو كان أحدنا مكان الرجل النبيل، لأمر أنصاره أن يقتلوا كل هاجم ولو زهقت أرواح الألوف! لكن هذه الفلسفة العثمانية أمست علما على نوع من السلوك يفضل لقاء الله مع تحمل الأذى على سفك قطرة من دم.

والناس يحبون فى معاملة رجل مثل عثمان رضى الله عنه أن يستدينوا منه، لأنهم موقنون أنه لن يخاصمهم على وفاء! ويحبون أن يعملوا معه لأنهم سيظفرون فى ظله بما يشاءون دون أن يبطش بهم.

كان ينبغى أن يكون مع عثمان رضى الله عنه وزير صدق يحميه من نبله المفرط وينفع الناس بجوانبه الدميثة وخلائقه الرفيعة، لكن العرب فتحوا على أنفسهم أبواب شر لم تغلق حتى الساعة من جراء تقصيرهم هذا.

***

واستطالت ألسنة السوء فى عثمان رضى الله عنه وذكر الأستاذ الشرقاوى ـ لا أدرى لماذا؟ ـ وصفا لما كان بينه وبين عروسه نائلة، اخلعى كذا..، ثم اخلعى كذا..، ثم.. على نحو ما تفعله الراقصات التى تتعرى للنظارة فى المسارح الأوربية القذرة.

أكان المؤرخ الكبير ينظر من ثقب الباب؟ أم كان يثبت بهذا المجون أن عليا رضى الله عنه إمام المتقين؟

إن عثمان رضى الله عنه كما قال رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ رجل تستحى منه الملائكة، وقد ظلم حيا وميتا، وهو على أية حال ممن تتناولهم الآية: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم).

وقد حكى الأستاذ الشرقاوى أمورا تنال من مكانة عدد من الصحابة عندما تولوا مناصب كبيرة، وهم أبرياء كل البراءة مما قذفوا به.

وقبل أن نناقش التهم المزعومة نذكر مقدمة تنير الطريق للباحثين.

عندما تولى أبو بكر رضى الله عنه شئون المسلمين هم أن يظل تاجرا يأكل من كدحه فى ماله، ولا يأخذ من المسلمين شيئا على تدبيره لشئونهم! بيد أن المسلمين أبوا ذلك، وقدروا لأبى بكر رضى الله عنه مرتبا دون ما كان يكسب لقاء عمله للأمة.

وقبل أبو بكر رضى الله عنه ما فرض له وهو يقول: لقد علم قومى أن حرفتى لم تكن تعجز عن نفقة أهلى! وقد شغلت بأمر المسلمين فسيأكل آل أبى بكر رضى الله عنه من هذا المال، ويحترف للمسلمين فيه.

على أن الرجل الكبير رأى قبل مماته ألا يمسه من مال المسلمين شىء وإن كان حلالا فأوصى ابنته عائشة رضى الله عنها أن تبيع عقارا كان يملكه وأن ترد إلى بيت المال كل الرواتب التى صرفت له، حتى تكون إدارته صدقة على المسلمين!

إن الله لم يكلف بهذا أبا بكر رضى الله عنه، ولا غيره من الناس وحسب الرئيس أن يخلص وينصب للحفاظ على مصالح الأمة الدينية والدنيوية، وعلى الأمة أن تكفل له معيشته على نحو كريم.. ومع ذلك فإن أبا بكر رضى الله عنه رغب إلى الله بما صنع، وخرج من الدنيا دائنا لا مدينا لأحد.

ونحن نقدر مسلك الخليفة الأول، ولا نراه سنة تتبع، بل نرى أن الموظف فى أى منصب كبير أو صغير يأخذ ما فرض له، دون تزيد، ويؤدى واجبه كاملا.

وضمان المصلحة العامة إنما يتم بهذه السياسة! وقد جاء فى الحديث: "من استعملناه على عمل، فرزقناه رزقا، فما أخذ بعد ذلك فهو غلول ".

فلما تولى عمر رضى الله عنه الخلافة، وكان محبا لأبى بكر رضى الله عنه ومعجبا به قال: أنا فى مال المسلمين كولى اليتيم إن استغنيت استعففت، وان افتقرت أكلت بالمعروف. وإنه كان يحمل أسرته على مستوى قاس من الإنفاق. وحاول عمر رضى الله عنه أن يكون الولاة وكبار الرؤساء على هذا النسق، فلا يأخذون مرتبات كافية. وإن كانت لهم أجور مجزية على أعمالهم، وأمكنهم اقتصادها فليتركوها لبيت المال.

وقد رفض معاذ بن جبل هده السياسة، ورفض أن يعطى عمر رضى الله عنه مدخراته من رواتبه لما طلبت منه.

ولكن عمر رضى الله عنه أخجل أبا هريرة وغيره حين قاسمهم أموالهم وحكم برد شطرها لبيت المال.

إن أحدا من هؤلاء الولاة لم توجه له أى تهمة باستغلال سلطته، أو التوسع فى المال العام..

كل ما حدث أن عمر رضى الله عنه أراد أن يحمل رجاله على خطة ما كلفه الله بها، فسلك معهم كما سلك مع نفسه هذا المنهج الناشف الغليظ.

فكيف يجىء مخبول فيصف أبا هريرة بأنه لص، وأنه ضبط متلبسا بأخذ مال الأمة، وأن عمر رضى الله عنه استرد منه ما أخذه؟

إن عمر رضى الله عنه حاكم عبقرى، ورجل من رجالات الإسلام الأوائل، وقد يعجب الكثيرون بزهده ويرمقون الأفق الذى يفكر فيه بإكبار..

لكن الواقع الذى لا محيص من مواجهته هو أن الأمور لا تساس بنسق من الترفع تعجز الخاصة عنه فكيف بالجماهير؟

وعندى أن عمر رضى الله عنه فى اقتدائه بأبى بكر رضى الله عنه واقتفائه أثره نسى توجيها نبويا يبت فى هذه القضية، فقد صح عن عبد الله بن عمرو السعدى أنه قدم على عمر رضى الله عنه فى خلافته فقال له عمر رضى الله عنه: ألم أحدثك أنك تلى من أعمال المسلمين أعمالا فإذا أعطيت العمالة كرهتها ـ (العمالة: الأجر) قال عبد الله: بلى! فقال عمر رضى الله عنه: ما تريد إلى ذلك؟ قال: إن لى أفراسا وعبيدا وأنا بخير، وأريد أن تكون عمالتى صدقة على المسلمين!

قال عمر رضى الله عنه: فلا تفعل، فإنى كنت أردت الذى أردت، وكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعطينى العطاء فأقول: أعطه أفقر إليه منى!

حتى أعطانى مرة مالا، فقلت: أعطه أفقر إليه منى، فقال النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "خذه فتموله وتصدق به، فما جاءك من هذا المال من غير المسألة ولا أشراف ـ أى طمع ـ فخذه! وما لا فلا تتبعه نفسك ".

وربما كان عمر رضى الله عنه يريد من كبار الصحابة الذين ولاهم أن يكونوا مثله فى النظر إلى مال المسلمين عندما قال كلمته الآنفة: "أنا كولى اليتيم: إن استغنيت استعففت.. وإن افتقرت أكلت بالمعروف ".

ونقول: هو لزوم ما لا يلزم! وتكليف أرباب المناصب الكبرى بجعل أعمالهم صدقة اتكالا على تقواهم وإخلاصهم لا تصلح به الأوضاع.

وننصح أخيرا من يتلمسون العيوب لأشراف الناس أن يستحوا، وعلى أية حال فإن أقدار الرجال لا تهدم بهذا الغباء، فلا أبو هريرة ولا أبو موسى ولا سعد بن أبى وقاص ولا غيرهم افتاتوا على مال الأمة أو نالوا منها ما ليس لهم بحق.

وتزكية على بن أبى طالب رضى الله عنه لا تتم بشتم هؤلاء الأكابر ولا بغمزهم من بعيد.

وثم أمر ذو بال! إن محمدا عليه الصلاة والسلام هو إمام المتقين فى الأولين والآخرين، ثم يجىء بعده فى الفضل الرجال الذين حملوا معه الرسالة وأدوا الأمانة ونشروا الإسلام فى المشارق والمغارب، وجعلوا عالميته حقيقة ملموسة، وتصدوا بالنفس والنفيس لطواغيت الأرض فكسروا شوكتهم وسحقوا دولتهم، وأعنى بهؤلاء صحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفى طليعتهم الخلفاء الراشدون ، ومن بينهم على بن أبى طالب رضى الله عنهم أجمعين.

وقد حدثت مآس مؤلمة فى جيل الصحابة، ترجع إلى بساطة العرب فى فن السياسة، وعدم تقديرهم لمؤامرات عدوهم، وثأر المهزومين لأنفسهم.

أليس مما يثير الدهشة أن تكون المدينة مفتوحة لمن هب ودب من المجوس واليهود وأتباع الملل التى اجتاحها الإسلام، فإذا هم يملكون فى داخلها حرية الكيد والفتك! وإذا الخلفاء الثلاثة بعد أبى بكر رضى الله عنهم أجمعين يقتلون وكأنهم ذهبوا ضحايا أحقاد شخصية أو ثورات محلية.

كيف يقتل مجوسى عمر رضى الله عنه بهذه السهولة؟ وكيف يزعم كعب الأحبار أنه وجد مقتله فى التوراة؟ أى توراة؟ أليس ظاهرا أن المجوس واليهود تظاهروا على ارتكاب جريمتهم فى جو البراءة السائد بين المسلمين.

وكيف قتل سعد بن عبادة زعيم الأنصار قبل أن يقتل عمر رضى الله عنه! ثم يشاع أن الجن قتلته! أى جن؟

ألم يفكر أحد أن الرجل قتل لإحداث وقيعة بين المهاجرين والأنصار؟ وكيف اقتحمت وفود مجلوبة من أقاصى البلاد دار الهجرة، وأصبحت سيدة الشارع الإسلامى، وصاحبة السطوة فيه لتقتل الخليفة الثالث بكل هدوء؟

إن كتب التاريخ عندنا حافلة بالعجائب، ومن المحدثين من يراها من الناحية العلمية ساقطة القيمة! ونحن نراها كتبا جمعت الغث والسمين والخير والشر والحق والباطل. وهى كتب تحتاج إلى أمناء يستخلصون منها الحق بالنزاهة والمثابرة والمقارنة.

ونحن نقرر بقوة أن روايات جورجى زيدان، وكتابات عبد الرحمن الشرقاوى لا تحكى تاريخا إسلاميا محترما، فالأول صليبى ينفث ضغائنه على الإسلام بلؤم، والثانى يسارى يريد جعل الإسلام وتاريخه مصبوغين باللون الأحمر والتفكير المادى، ويسوق الحوادث سوقا لخدمة هذا الغرض.

هل صحيح أن الصراع بين التوحيد والوثنية كان صراعا طبقيا كما يقول الأستاذ الشرقاوى (الأغنياء يدافعون عن وجودهم! والفقراء عن حقهم فى الحياة الكريمة وعن أحلامهم فى عالم أفضل) أى أحلام هذه؟ وأين طلب الآخرة؟

وهل صحيح أن موسم الحج كان (ليستثمر هؤلاء الأغنياء أموالهم فى البيع والشراء والربا فيربحون ويربحون! وهذه الأصنام هى التى تمنحهم كل سلطاتهم على الأجراء والمعدمين والعبيد وأبناء السبيل! وواجه محمد عليه الصلاة والسلام هذا كله بأن الأصنام ضلال مبين فهو يلعن الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها فى سبيل الله).

هكذا يقول الشرقاوى فى تصوير الرسالة الإسلامية! صراع بين الغنى والفقر لا وجود له إلا فى دماغ المؤلف.

وآية عدم اكتناز الذهب والفضة نزلت بعد اثنتين وعشرين سنة من بدء الرسالة أى قبل وفاة الرسول بسنة تقريبا، ولا صلة لها بعبادة الأصنام، أو الحرب التى شنها الإسلام على الوثنية من أول يوم.

حتى الهجرة إلى المدينة المنورة جعل لها الأستاذ الشرقاوى أسبابا اقتصادية فإن المرابين فى المدينة كان ضغطهم أقل، والهوان الذى يتعرض له المدينون كان أخف! تأمل قوله: هنا مجتمع آخر أكثر تقدما من مجتمع مكة! هنا علاقات اجتماعية أخرى أكثر قابلية لتعاليم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فالمرابى اليهودى لم يكن قادرا على استعباد المدين العربى إذا عجز عن الوفاء كما كان يحدث فى مكة (!) ولم يكن له الحق فى أخذ امرأة المدين أو ابنته لإكراههما على البغاء كما كانت تفعل قريش (!) وأجير الأرض فى المدينة أعلى درجة من عبيد مكة الذين كانوا يحرسون القوافل والمصارف.. الخ.

ليس فى هذا الكلام كله ذرة من صدق، والقول بأن العرب كانوا يسترقون المدين المعسر، ويستوفون ديونهم من ارتهان امرأته وابنته وإرغامهما على الزنا، كلام مكذوب، ما كان شائعا لا فى مكة ولا فى المدينة، وبالتالى فلا صلة للهجرة بهذه الأوضاع المختلفة.

إن هذا الكلام ليس تشويه تاريخ، بل هو تزوير تاريخ، أو كما يقال فى مصر: سمك لبن تمر هندى. وليس فى القرآن الكريم، ولا فى السنة المطهرة، ولا فى السيرة المؤلفة عن صاحب الرسالة ما يترك مثل هذا الانطباع الغريب، عن الجو الذى بدأت فيه تعاليم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ (!) كما يصف عبد الرحمن الشرقاوى الإسلام ونبيه وما نزل عليه من وحى وما أنشأه من وعى وما تمخض عنه من حضارة. إنها تعاليم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، أما الوحى الإلهى الأعلى فلا يكاد يتبين.

حسب محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يكون بشرا عظيما.. !

---------
(*) هذا الفصل هو محاضرة بجامعة قطر في الرد على مسلسل ( علي إمام المتقين ) الذي كانت تنشره صحيفة الأهرام للأستاذ عبد الرحمن الشرقاوي ، وقد توقفنا عند هذه الكلمة إذ وعد الكاتب بمراجعة ما سبق نشره عند جمعه في كتاب .

----------( يُتَّبع )----------
#محمد_الغزالى #علل_وأدوية
كلمة حرة
نشر في 11 تموز 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع