Facebook Pixel
عن ماذا يتكلم كتاب الطريق من هنا؟
1764 مشاهدة
1
0
Whatsapp
Facebook Share

فى هذا الكتاب صور قليلة لمفارقات بين واقعنا وديننا، فى الماضى والحاضر، أرجو أن تجد حظها من التدبر والوعى، فإن مستقبلنا منوط بهذه اليقظة

كتاب : الطريق من هنا - تأليف : الشيخ محمد الغزالي

الحلقة [ 1 ] : مقدمة الكتاب

تخلف العالم الإسلامى قضية معروفة وإن كانت مخجلة! وهذا التخلف أطمع الأقوياء فيه! بل قد طمع فيه من لا يحسن الدفاع عن نفسه! وشر من ذلك أن هذا التخلف ألصق بالإسلام تهما كثيرة، بل إن عقائد خرافية فكرت فى إقصائه ووضع اليد على أتباعه..!

ولست ألوم أحدا استهان بنا أو ساء ظنه بديننا مادمنا المسئولين الأوائل عن هذا البلاء، ان القطيع السائب لابد أن تفترسه الذئاب.

وقد نهض كثيرون لمعالجة هذا الانحدار، وإزاحة العوائق التى تمنع التجاوب بين الأمة ودينها أو إزالة الأسباب التى جعلت أمة كانت طليعة العالم ألف عام تتراجع هائمة على وجهها فى مؤخرة القافلة البشرية...

ورأيت ناشدى الإصلاح فريقين، فريقا يتجه إلى الحكم على أنه أداة سريعة لتغيير الأوضاع، وفريقا يتجه إلى الجماهير يرى فى ترشيدها الخير كله..

قلت فى نفسى: إن الذين يسعون إلى السلطة لتحقيق رسالة رفيعة لابد أن يكونوا من الصديقين والشهداء والصالحين أو من الحكماء المتجردين والفلاسفة المحلقين! وأين هؤلاء وأولئك؟ إنهم لم ينعدموا، ولكنهم فى الشرق الإسلامى عملة نادرة.

ومع ذلك، فان أى حكم رفيع القدر لن يبلغ غايته إلا إذا ظاهره شعب نفيس المعدن عالى الهمة!.

إذن الشعوب هى الأصل، أو هى المرجع الأخير! وعلى بغاة الخير أن يختلطوا بالجماهير لا ليذوبوا فيها وإنما ليرفعوا مستواها ويفكوا قيودها النفسية والفكرية، قيودها الموروثة أو التى أقبلت مع الاستعمار الحديث...

وجاء الاعتراض السريع: إن السلطات القائمة لن تأذن لهم بذلك فهذه السلطات إن لم تؤجل على منافعها وجلت من القوى الكبرى التى تملك زمام الأمور فى العالم الكبير، ومن ثم فسوف تخرس الدعاة وأولى النهى...

ولم تخدعنى هذه الحجة على وجاهتها الظاهرة، ولم أرها ذريعة للاشتباك مع الحاكمين، وأخذ الزمام من أيديهم بالقوة، فقد راقبت كثيراً من مراحل الصراع على السلطة درست ناسا نجحوا فى الوصول إلى المناصب الكبرى فلم أرهم صنعوا شيئا، بل لعلهم زادوا الطين بلة..!.

إننى أناشد أولى الغيرة على الإسلام وأولى العزم من الدعاة أن يعيدوا النظر فى أساليب عرض الإسلام والدفاع عنه، وأن يبذلوا وسعهم فى تغيير الشعوب والأفكار، سائرين فى الطريق نفسه الذى سار فيه المرسلون من قبل...

والإسلام اليوم يعانى من أمرين:

الأول تصوُّر مشوَّش يخلط بين الأصول والفروع، وبين التعاليم المعصومة والتطبيقات التى تحتمل الخطأ والصواب وقد يتبنى أحكاما وهمية ويدافع عنها دفاعه عن الوحى ذاته!!.

الثانى جماعات متربصة تقف بعيدا دون عمل، تنتظر بأعداء الله الويل والثبور وعظائم الأمور، وهى فى ميدان الدعوة الإسلامية بطالة مقنعة لأن المسلم سواء ملك سلطة رسمية أم لم يملك، إنسان ناشط دءوب لا ينقطع له عمل فى الشارع أو البيت أو المسجد أو الحقل أو المصنع أو الدكان أو المكتب...

وليس العمل المطلوب مضغ كلمات فارغة، أو مجادلات فقهية أو خصومات تاريخية، إن العمل المطلوب أسمى من ذلك وأجدى!.

إننا نحن المسلمين انهزمنا فى ميادين كبيرة لا تحتاج إلى عصا السلطة، والمجتمع الذى يعجز عن محو تقاليد سيئة فى دنيا الأسره لن يحقق نصرا فى دنيا السياسة وكيف ينفذ قوانين الشريعة من لم ينفذ قوانين الأخلاق؟.

ليس من الإسلام أن أضع قدما على أخرى ثم أرتقب من جن سليمان أن تضع بين يدى مقاليد الحكم..

إن الجهاد الإسلامى كدح مضن، فى ميادين وعرة ذكرت نماذج لها فى هذا الكتاب، وقد ساق الله الدولة للمسلمين الأوائل وهم مشغولون بالعمل له، وبناء مجتمع ربانى خالص من الرذائل والمآرب، أى أن أولئك المسلمين عرفوا بطراز معين من العقائد والعبادات والأخلاق، وطراز آخر من التفكير والتدبير والسلوك يشرفهم ويعلى قدرهم، ولم يعرفوا بسلبية ولا أنانية ولم يزر بهم جمود ولا طيش..

أريد من المسلمين بين الأطلسى والهادى أن يبدأوا العمل لفورهم فى تلك الميادين المهجورة، وأن تتكون لهم أجهزة دوارة منتجة، ولوا الحكم أم لم يلوه!.

المهم أن أبذل وسعى، فإن وصلت إلى هدفى أو مت دونه لقيت الله ومعى عذرى (فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون * أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون).

لقد خيل للبعض أنه يمكن السطو على الحكم بطريقة ما ثم يتحول هذا السطو إلى وجود مشروع عندما يقيم هذا الحاكم بعض شرائع الحدود والقصاص! سيكون الحكم إسلاميا بهذه الحيلة الظريفة...

قلت لأحد المعجبين بهذه الطريقة، إن ذلك معناه أن اللص الكبير يقطع اللص الصغير، أو كما يقول الحسن البصرى: سارق السر يقطعه سارق العلانية!.

وقد كشف النبى - صلى الله عليه وسلم - فى سنته : هلاك الأمم من قبلنا إنما يجىء من هذا المسلك إذا سرق القوى تركوه، وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد!.

إن الفرعنة مرفوضة قبل تولى المناصب أو بعد ذلك، ومن عجائب العالم الإسلامى وحده أن الحكم من طرق الثراء، وقد فكرت طويلا عندما قرأت أن الإسرائيليين أهدوا رئيستهم " جولدا مائير " مطبخا لمناسبة اعتزالها الحكم بعد سنين طويلة...

مطبخ؟ إنه هدية سارة لديها، قد تكون محتاجة إليه! أما بالنسبة لبعض موظفينا فهدية محقورة، فكيف إذا كان المطبخ هدية للرؤساء والملوك؟.

إن العقل الذى يفكر به الدعاة والمدعوون يجب تغييره، وأستطيع الجزم بأنه ليس عقلا إسلاميا.

فى هذا الكتاب صور قليلة لمفارقات بين واقعنا وديننا، فى الماضى والحاضر، أرجو أن تجد حظها من التدبر والوعى، فإن مستقبلنا منوط بهذه اليقظة.

محمد الغزالى

----------( يُتَّبع )----------
#محمد_الغزالى
#الطريق_من_هنا
كلمة حرة
نشر في 11 تموز 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع