Facebook Pixel
1056 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

الحياة مليئة بالحرمان وقلما تعطي كل شيء لأحد, وإننا حين نرى ما أُعطي فلان، فإننا لا نرى ما الذي حُرم منه

عن الذين يعرِفُون معنى الحرمان !

ماتَ ابنها الوحيد عندما بلغ الخامسة عشرة من عمره.
فقال الزوج لزوجته: كل أبناء كاليفورنيا يجب أن يكونوا أبناءنا !
هذا الزوج اسمه "ليلاند ستانفورد" لم يجد طريقة في أن يجعل جميع أولاد كاليفورنيا أبناءه سوى أن يبني لهم جامعة ! واليوم تعتبر جامعة "ستانفورد" إحدى أعرق الجامعات في العالم !

إن كان من نبلاء في العالم ، فهم أولئك الذين يعطون الآخرين ما حرموه هم !

"ولا يجرمنكم شنئآن قوم أن لا تعدلوا"
لقد كان ليلاند ستانفورد نبيلا حقًا !
وإن كان هذا الذي بنى جامعة تقتضي العدالة أن نشهد له بالنبل وإن خالفناه فكرًا ومعتقدًا، فكيف بمن بنى أمة، واتّبعناه اقتداءً وإيمانًا وحبًا وهيامًا ، ومن سواه غير رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون !

وليس الحديث سياقه المقارنة ، فقد قال الشاعر :

ألم تر أن السيف ينقص قدره
إذا قيل أن السيف أمضى من العصا

وحاشاه سيد الناس أن يقارن به غيره!

ولكن الكلام يجر بعضه بعضًا، ولا بد للحديث من فاتحة ، وإلا فحيث وضع رسولنا قدمه تشرفتُ بوضع رأسي !
وإن المتأمل في حياته صلى الله عليه وسلم يجدها مسلسلاً طويلاً من الحرمان ، هكذا هم الأنبياء، أشد الناس بلاءً وهم على ذلك أكثرهم عطاءً ، وخيرهم أعطاهم !

إن الذي حُرم القراءة والكتابة ، قضى في أسرى بدر من كان منكم يحسن القراءة والكتابة فليعلم عشرة من المسلمين فذلك عتاقه ! جاؤوه بالسيف ، فأخذ منهم القلم، لم يرد أن يُحرم المسلمون مما حرم هو منه، وما حرمه إلا لتكون معجزة لا منقصة، وإلا لو كان الكمال رجلاً لكان هو !

وإن الذي حُرم حنان الأبوة طفلاً ، فجاء إلى الدنيا فوجد أباه قد غادرها قبل مجيئه هو الذي أمر ببر الآباء ، وأوصى بحسن تربية الأبناء!

والذي حُرم حنان أمه وهو ابن ست سنوات، هو الذي أجاب السائل عن أحق الناس بصحبته :" أمك، أمك، أمك ، ثم أباك !"

وإن الذي حُرم زوجته في مكة وهو بأمس الحاجة إليها ، فخديجة لم تكن زوجة فقط، كانت جبهته الداخلية، وخطوطه الخلفية، وطريق إمداده مالاً، وحُبًا ، هو الذي قال يوصينا في آخر عهده من الدنيا " واستوصوا بالنساء خيرًا" و " خيركم، خيركم لأهله".

وإن الفقير الذي كان يرعى الغنم لسادة قريش على دراهم قليلة يتقاضاها، هو الذي جاء بالزكاة ، وحثَّ على الصدقة، وأرسى مبدأ التكافل !

الحياة مليئة بالحرمان، وقلما تعطي كل شيء لأحد ، وإننا حين نرى ما أُعطي فلان ، فإننا لا نرى ما الذي حُرم منه، ومن المفترض أن الذي حُرم من الشيء هو أكثر الناس بذلاً له لأنه أعرف الناس بلوعة الحرمان منه، وعلينا أن نفكر بنبل ، ونتصرف بنبل .. فالذي لم تمتد إليه يد المساعدة ، فليمد بها يدًا، فقد جرب حرمانها !
والذي لم يجد حنان الأب ، فليغدق على أولاده، فقد جرب حرمانه!
والذي شهد معاملة أبيه السيئة لأمه فليكرم زوجته، فقد جرب معنى أن تهان أم على مرأى من ابنها .
والتي لم تجد صديقة جيدة، فلتكن هي الصديقة الجيدة.
إن معاقبة الآخرين بأشياء حرمناها نحن لن يعوضنا حرماننا القديم ، لا شيء كالعطاء يعوض الإنسان ما فقد !

أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية

3. 5. 2018

http://al-watan.com/Writer/id/9982

🌹
قس بن ساعدة " أدهم شرقاوي "
نشر في 03 أيّار 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع