خمس ساعاتُ انتظارٍ في محطة الموت

ماذا كان شعورك عندما صرحت ياسيد دوجاريك، بأنه أن تحظى بخمس ساعات دون قصف أفضل من لا شيء؟

( ان تحظى بخمس ساعات دون قصف ذلك أفضل من لاشئ )!!!
هذا ما تمخض عن الجبل الأصم ( ستيفان دوجاريك ) المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة .
و بعد فشل العالم بأبعاده وأعماقه بفرض هدنة الثلاثين يوما في الغوطة الشرقية ،و ذلك ليستعيد الغوطانيين التقاط انفاسهم ولَم ّ
شعث آلامهم من بعد هجمة شرسة أنهكت بقايا الحياة في منطقة أقلّ ما يقال عنها أنها ...
باعت الحياة في سبيل الموت ..
و قاومت الموت في سبيل الحياة ...
استبدلوها بنظرية الخمس ساعات كاستراحة لمقاتل و تكتيكاً لقاتل .
سيدي دوجاريك ...
لكن مقاييس النظرية غير مستوفية للمواصفات المنطقية . سأقربها لك بصورة واقعية ...
عندما تعلن صافرة قطار الموت أن قد حان وقت التحرك من محطة انتظار الموت !و بعد الخمسة ساعات التي تراها انت انها أفضل من لا شئ !!
يكون ابنك مازال في دوامه و لم يعد بعد من مدرسته ...في حين ان طفلا في الغوطة لم ينته ابوه من دفنه بعد ، فليس من السهل إيجاد الكفن و حفر القبر و من ثم ردمه والاهم من ذلك ...هو إيجاد جثة الطفل تحت أنقاض بناء كامل . اسأل سياراتكم البائسة التي دخلت للغوطة ، عن اب لم يفرح بدخولكم المخزي بقدر فرحه بالعثور على جثة ابنه بعد تسعة ايام من البحث ..اسألهم!
سيد دوجاريك ...
في خمس ساعات لن تكون زوجتك قد أنهت جولتها التسوقيّة ، وقهوتها الصباحية بعد ...في الوقت الذي يكون على المرأة في الغوطة إشعال الحطب الرطب لإعداد الطعام ،وهو عبارة عن ماء مضاف اليه أي شئ يحول اسمه الى حساء قابل للبلع و السلام !!...
ولا تكون قد انتهت من غسيل الثياب من اثر الدماء والكلور السام وعفونة الاقبية ،لأن اطفالها تعبت أيديهم الغضّة من احضار الماء من الكبّاس ....
يا سيد دوجاريك ...
في خمس ساعات لن تكون قد خرجت من عند طبيب أسنانك لتبييضها !!
في حين ان الطبيب الغوطاني عليه أن يولِّد و يعاين ويبتر ويجبّر ويقطع أوردة ويوصل شرايين ويأخذ قرارات لحظية ، لعينٍ فُقِأت وأذنًٍ طرشت وأصابع قطعت و أقدامٍ بُترت ، وأكبادٍ انفجرت و جلودٍ حُرقت ، و أثداءٍ جفّت و أرحامٍ أجهضت ، و قلوبٍ كُسرت و أرواح حقّ لها الحياة لكنها وببرودٍ أزهقت ...
سيد دوجاريك ...
لكم أن تختزلوا كل الأرقام ، من عدد شهدائنا و ساعات فرحنا وسيارات سرقتم ما فيها من بقايا طعام ....من عدد قطرات دمائنا ودموعنا وزيت زيتوننا وحمائم السلام ...لكم أن تختزلوا كل خذلانكم بخمس ساعات ، لكنكم ستلقونها في برزخكم ألفاً مما تعدّون ...ستلقونها للذل حسرات وللموت سكرات وللظلم محطات ومحطات .