675 مشاهدة
0
0
قد يبدو لنا أحياناً أن الأطفال غير منطقيين، وأن تصرفاتهم غير متوقعة وإنفعالية، لكن حين نفهم مدى تعقيد مهمة التطور وصعوبة ما يعيشونه، قد نستطيع مساعدتهم واحتوائهم
قد يبدو لنا أحيانا أن الأطفال غير منطقيين، وأن تصرفاتهم غير متوقعة وإنفعالية، لكن حين نفهم مدى تعقيد مهمة التطور وصعوبة ما يعيشونه على جميع الأصعدة، قد نستطيع مساعدتهم واحتوائهم وتحملهم أكثر.لكي نفسر أي تصرف سيء أو ردة فعل انفعالية لدى أي طفل، يجب أن ننظر إلى أربعة مجالات تطورية تضع تحديات جمة على جسد ونفس وذهن الطفل الذي يتواجد في أوج مهمة تطوره:
1. المجال النفسي والعاطفي: كل طفل يولد مع تركيبته الجينية الخاصة التي تقرر مزاجه وقدراته الفطرية. الطفل لا يولد لوحة بيضاء ولهذا هناك اختلاف كبير بين الأطفال الرضع. مزاج الطفل وتركيبته الجينية يقابل بيئة فيها والدين قد يلائمان احتياجاته ويتجاوبان معها، وقد لا يكونان كذلك. تطور الطفل النفسي يتعلق بمدى ملائمة طباعه وصفاته الفطرية مع قدرات والديه وبيئته على احتواءه والاستجابة لإحتياجاته. تربية الأطفال تحتاج وعي وفهم لمراحل تطورهم، وفهم التحديات وردود الفعل الطبيعية والمتوقعة في كل عمر. مثلا، الطفل الذي يقول "لا أريد" أو "أريد لكن لوحدي" في عمر السنتين، هو ليس طفل مشاكس، بل هو يعبر عن رغبته في إحساس الإستقلالية الضروري لتطور شخصيته المستقلة.
2. المجال الحسي: يستطيع الطفل الحفاظ على توازن داخلي عن طريق تنظيم المحفزات البيئية التي تستوعبها حواسه جميعها في آن واحد. القدرة على التنظيم الحسي وضبط النفس تتعلق بقدرة الطفل على ضبط انفعالاته الحسية ريثما يحافظ على تواصله مع البيئة. العملية معقدة وفي سنواته الأولى قد لا ينجح الطفل في دمج المعلومات الحسية القادمة من البيئة (في آن واحد من خلال حاسة النظر، السمع، اللمس، الشم والذوق)، ويعبر عن صعوبته عن طريق انفعالات عصبية أو مشاكل في التصرف. مع تطوره، وحين يصل السادسة من عمره، ينجح الطفل أكثر في دمج المعلومات الحسية وتنظيمها وضبط نفسه، لكن هناك بعض الحالات التي يعاني فيها الأطفال من حساسية حسية، قد تحتاج تفهم الأهل والبيئة والتوجه للعلاج. مثلا، قد يبكي الطفل ويتصرف بعصبية، وقد يبدو غير مفهوم ومضطرب، بينما مشكلته أنه يشعر بالضيق الشديد من الأضواء أو الأصوات حوله، حتى تصبح كل مناسبة عائلية أو حفلة زفاف موعدا للصراخ والإضطراب.
3. المجال الحركي: كل مهارة حركية تحتاج التنسيق بين عضلات متنوعة، مع معالجة ما تستقبله الحواس من معلومات عديدة والحفاظ على التوازن في المشي والوقوف. بالاضافة الى ذلك، تطور الكفاءة في فعاليات تحتاج استجابة حركية يحتاج وعي كاف لأعضاء الجسد وتفاعلهم مع الحيز المكاني، وتكون ذاكرة حركية للحركات الجسدية. أحيانا قد يعاني الطفل من صعوبات في التطور الحركي تمنعه من تخطيط وتنفيذ استجاباته الحركية. قد تظهر هذه المشاكل في مهام يومية، كصعوبات في ربط حذاءه، استعمال الشوكة والملعقة، لبس الثياب، صعوبة في المهام الحركية التي تحتاج توازن مثل الركض والتسلق. قد يرفض الطفل القيام بهذه المهام وقد يبدو لمن حوله أنه عنيد ومشاكس، لكن في الحقيقة هو يحتاج العلاج والمساعدة في مجال تطوره الحركي.
4. المجال الفيزيولوجي: المجالات الفيزيولوجية الأساسية التي قد يواجه فيها الطفل صعوبة هي مجال الأكل، النوم، قضاء الحاجة، والقدرة على التهدئة الذاتية. قد يعاني الطفل مشكلات في النوم تجعله يقضي ليلته مستيقظا وهو يبكي، وقد يظهر اختيارات غذائية محدودة جدا ويرفض أكل أغذية ضرورية لصحته وتطوره. قد يبكي الطفل في الروضة ويظهر قدرات ضعيفة على التركيز واللعب، ويبدو مشاكسا أو غير متعاون، والسبب قد يكون عدم نومه وأخذه القسط الكافي من الراحة، أو شعوره بالجوع أو عدم الراحة من جراء عدم قدرته على قضاء حاجته.
الطفل لا يبكي أو يضطرب أو يشاكس بدون سبب وفقط من أجل التسبب بالإزعاج. الطفل يمر بتحديات وصعوبات نفسية وتطورية معقدة، لكنه بسبب عدم تطور قدرته اللغوية وقدرته على التواصل، قد يبكي أو يصرخ أو يشاكس. للأسف نحن كبالغين قلما نتذكر ذلك، وبدل أن نحتوي الطفل ونفكر في سبب تصرفه، أول ما يخطر في بالنا هو وجوب "وضع الحدود" أو ضبط الطفل أو حتى معاقبته، دون تقديم المساعدة التي يحتاجها.
بسمة سعد
أخصائية نفسية علاجية
نشر في 07 آذار 2017
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع