1122 مشاهدة
0
0
تختلف العلاقة العلاجية عن أي علاقة أخرى بأنها موجهة بشكل أساسي لتحسين الصحة النفسية لطرف في المتعالج
تختلف العلاقة العلاجية عن أي علاقة أخرى بأنها موجهة بشكل أساسي لتحسين الصحة النفسية لطرف في العلاقة (المتعالج)، في حين يستعمل الطرف الآخر (المعالج) كل ما في جعبته من فهم نظري للنفس البشرية، مع قدرته على التواصل مع ذاته اولا والآخر ثانيا.مع التقدم العلمي والنظري في علم النفس، تحولت العلاقة العلاجية بشكل تدريجي لعلاقة متساوية ينظر فيها المعالج لنفسه على أنه شريك انساني له نفس صراعات ومشاعر ومخاوف المتعالج. التواصل مع الذات ومع المشاعر التي تستيقظ داخل المعالج أمام المتعالج، هي أهم ادوات العلاج النفسي التي تتطلب سنين طويلة من التخصص والصقل تحت إشراف ورعاية مشرفين كثر.
المعالج/ة النفسي/ة الناضج/ة صاحب/ة الخبرة الكافية يسمع/تسمع أقوال المتعالج بطريقة فريدة ومختلفة عما يسمعه صديق أو فرد من العائلة. عملية التحليل وصياغة الإستجابة تحصل في ذهن المعالج بشكل مكثف، مستعملا فهمه العلمي والنظري وقدرته على التواصل مع ذاته وطرح أسئلة كثيرة على نفسه- كل هذا قبل إعطاء الإستجابة الكلامية للمتعالج. بعد إعطاء الإستجابة يصغي المعالج بحساسية لتأثيرها على المتعالج، ويبدأ من هناك حوار صريح يستطيع فيه المعالج تحمل مسؤولية خطأه، إذا كانت استجابته غير ملائمة، والكلام مع المتعالج عما قد يكون شعر به من غضب او خيبة أمل عند سماعه الإستجابه، وفيما إذا كان هذا الموقف المؤلم مألوف أو حصل له سابقا. من خلال العلاقة العلاجية وما يحصل فيها، يمكن الخروج للعلاقات الخارجية الخاصة بالمتعالج والبحث العميق فيها، واسترجاع التجارب والذكريات للوصول لعلاج نفسي عميق وفعال.
المعالج النفسي لن يقول للمتعالج ماذا يجب أن يفعل، بل سيتحدث معه عن العوائق العاطفية التي تمنعه ان يفعل ما يعلم أنه يجب القيام به. القرار هو دائما للمتعالج، لكن الحديث عن تعقيدات ونتائج القرار يكون في العلاج النفسي.
المعالج النفسي لن يعبر عن الإنتقاد تجاه المتعالج كما يمكن ان يفعل صديق او شخص مقرب. هو سيفكر في سبب ما يشعره من انتقاد تجاه المتعالج. هل سببه شخصي ويتعلق بتجربة أو قضية من حياة المعالج الخاصة؟ هل الموضوع بالفعل قد يكون مصدر للإنتقاد للمتعالج ممن حوله؟ كيف يشعر المتعالج تجاه هذا الإنتقاد الذي يوجه له؟ هل لديه الوعي الكافي لتصرفه الذي يؤدي للإنتقاد؟ هل عليه ان يفكر بأن يتغير؟ هل عليه ان يصمد ولا يتأثر؟ اسئلة كثيرة تدور في ذهن المعالج، وسوف يفكر جيدا قبل أن يستجيب.
العلاج النفسي يختلف عن أي علاج طبي آخر لما فيه من عمق للعلاقة بين المعالج والمتعالج. الصحة النفسية للمتعالج هي الهدف، لكن هذا الهدف لن يحصل بدون ان يحكي المتعالج قصته في جو من الأمان، وينسج بمساعدة المعالج قصة إنسان يناضل في حياة بشرية تتميز بالوحدة والمعاناة.
بسمة سعد
أخصائية نفسية علاجية
نشر في 12 آب 2017
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع