963 مشاهدة
0
0
بعد تطور التكنولوجيا وتطور المذكرات بأنه سيذكرك بأعياد الميلاد والتواريخ الهامة لديك فلست مضطراً لحفظهم في ذاكرتك كقبل
كيف تؤثر التكنولوجيا إيجابيًا على ذاكرتك؟إحدى أهم التغيرات التي طرأت علينا كمستخدمين منذ بدء العالم يتحول إلى التكنولوجيا الرقمية، هي عدم اضطرارنا إلى حفظ المعلومات في ذاكرتنا، فما الحاجة لأن تخاطر بأن تنسى ميعادًا مهمًا أو تاريخ عيد ميلاد أعز أصدقائك، إذا كان بإمكانك حفظ تفاصيل وتاريخ الموعد على حاسوبك الشخصي، أو هاتفك الجوال، حتى يذكرك في الوقت المناسب؟
يقول Paul McCartney، مؤلف وملحن فريق Beatles الشهير في حوار صحفي، أن البيتلز تمكنوا في الستينيات من القرن الماضي أن يؤلفوا الكثير من الأغاني التي لم تخرج للنور أبدًا، لأنهم كانوا ينسون الموسيقى صباح اليوم التالى! وهو ما يختلف تمامًا عن أسلوب تسجيل الموسيقى الآن، حيث يمكنك تأليف المقطع وإنهائه كاملًا، ثم التوجه سريعًا لتسجيله.
وحيث أن التكنولوجيا أصبحت منخرطة تمامًا في كل أنشطتنا اليومية، يحاول العلماء باستمرار دراسة تأثيرها الدائم على أسلوبنا في التعلم والحفاظ على المعلومات المكتسبة. يقترح أحد الدارسين أن اعتمادنا الدائم على التقنية الحديثة خلق ما يمكن تسميته " فقدان الذاكرة الرقمي"، حيث يتناسى الفرد بإرادته التامة المعلومات التي يحتاجها لوجود بديل يمكن الاعتماد عليه، ويمكّنك من العودة إلى تلك المعلومات وقتما شئت.
إحدى الدراسات، والتي كانت قائمة على 1000 فرد ممن يبلغون السادسة عشر فما فوق، وجدت أن حوالي 91% من المستخدمين يعتمدون على التقنية الحديثة لتذكيرهم بالمواعيد المهمة، وفي دراسة أخرى اعتمدت على 6000 فرد، وجد أن 71% منهم لا يحفظون أرقام هواتف أبنائهم الجوالة، بينما عجز 57% من المستخدمين أن يتذكروا الأرقام الخاصة بمكان العمل. مما يثبت أن الاعتماد على التقنيات الحديثة أصبح مؤثرًا على نظام عمل الذاكرة في أدمغتنا.
قبل أن تبدي سخطك على تلك الخسارة، ربما يجب أن تعلم أولًا أن بعض الدراسات الأخرى تقترح أن العقل البشري يتأقلم مع هذا النوع من التغيير، ففي دراسة تمت عام 2011 لتقدير مدى تأثير أجهزة الحواسيب على أدمغتنا، طلب من المستخدمين كتابة مجموعة من الجمل. تم إخبار البعض بأن ملفاتهم سيتم حفظها على الجهاز، ثم تم اختبار قدرة هؤلاء الأفراد على تذكر ما كتبوه، -و كما توقعت عزيزي القارئ- فقد وجد أن المجموعة التي أخبرت بأن ملفاتها ستحفظ كانت قدرتها على التذكر أضعف. إلا أن المشتركين قد استطاعوا تذكر مكان الملف الذي تم حفظ الملفات فيه بشكل أسرع من تذكر الجمل ذاتها. نستنتج من التجربتين أن عقولنا أصبحت تعيد ترتيب الأولويات لتضمن تذكيرك بما لم يعد متوفرًا فقط.
هذه النتائج أدت بالبعض لاقتراح أن التقنية الحديثة ربما قد أصبحت شكلًا من أشكال ما يسمى بالذاكرة الانتقالية، مصطلح يعود للثمانينات من القرن الماضي، بما يعني ذاكرة تكونها جماعة من الأفراد وتعلو على الذاكرة الفردية .
المقصود بالمصطلح هو أن مجموعة من الأفراد بامكانهم تخزين وتوزيع مخزون مشترك من المعرفة فيما بينهم. فيمكن لكل فرد التعرف على المعلومات التي لا يمتلكها من خلال الوصول لصاحب هذه المعلومة، مما يساعده على تعزيز المعلومة التي يمتلكها بالفعل.
بالمثل، يطور الإنسان ذاكرة انتقالية مع شبكة الإنترنت، ويصبح اعتماده على المكان الذي يمكن من خلاله الوصول لتلك المعلومة بدلًا من تفاصيل المعلومة نفسها.
إلا أن الأبحاث الحديثة تشير إلى أن حفظ المعلومات من خلال الحواسيب لم يغير طريقة تعامل أدمغتنا مع تلك المعلومات فحسب، بل جعل من الأسهل لعقولنا أن تتعامل مع المعلومات الجديدة.
ففي دراسة حديثة أجريت، تم تقسيم المستخدمين إلى مجموعتين وأعطيت كل مجموعة ملفين يحتوى كلًا منهما على قائمة ببعض الكلمات العشوائية، ومن ثم طلب من إحدى المجموعتين حفظ الملف الأول على حواسيبهم قبل الانتقال إلى الملف الثاني بينما لم تفعل المجموعة الأخرى.
كشفت التجربة على أن المجموعة الأولى، والتي سمح لها بحفظ الملف الأول قبل إغلاقه، استطاعت بسهولة تذكر كلمات أكثر من القوائم الموجودة بالملف الثاني، مما قد يعني أن حفظ بعض المعلومات بعيدًا عن عقولنا يساعد على توفير مساحات أخرى لمعلومات أكثر أهمية.
وبالتالي، إن كنت أحد هؤلاء القلقين بشأن تأثير التقنية على واحدة من أهم ميزاتنا العقلية، فربما عليك أن تعيد التفكير مرة أخرى.
برغم ذلك، فإن هناك العديد من الأمور التي قد تثير القلق بهذا الشأن، حيث صرّح McCartney في الحوار الصحفي ذاته بأن تلك الأغنيات التي استطاعت أن تصل إلى استوديو التسجيل بسلام، كانت الأكثر رسوخًا في ذهنه حتى وقتنا هذا، وهي التي جعلت من الـBeatles مؤلفين رائعين.
دعنا نفكر في الأمر كما يلي: الأمر شبيه بانتقال الأخبار بشكل شفوي، والذي حل محله اختراع الكتابة فيما بعد، فنحن الآن بفضل التقنية لا نحتاج لتذكر كل شيء، وإذا كان الآن باستطاعتنا التركيز على تذكر الأمور الهامة فقط، فهذا يعد نجاحًا وخطوة للأمام. لذا بدلًا من التفكير فيما فقدنا ربما من الأفضل أن نحتفل بما جنيناه.
ترجمة: Hadear Abul-Hagag
تدقيق: Waleed Adel
نشر في 22 أيلول 2015
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع