هل فقط القطط والكلاب من لديها جهل التعرف الذاتي على المرآة بعد الدراسات العلمية؟
هل تتعرّف الحيوانات على نفسها في المرآة؟
اعترف، من المُحتمل أنك حاولت أن تعرُضَ لكلبُك أو قطتُك مرآةًٍ، فقط لرؤية ما قد يحدُث، والفُرص هي أمّا أن يتجاهلوا وجودها تمامًا، أو يرتعبوا مُعتقدين أنه كلبٌ أو قطة أُخرى ستهاجمها أو اللعب معها. لا يوجد هُناك نقص في الفيديوهات اللطيفة التي تُظهر الجراء أمام المرايا، لكن لا توضّح تلك الألاعيب ما إذا يُمكن للحيوان فعلًا أن يُميّز نفسهُ في المرآة.
قبل فترة طويلة من مُلاحظات اليوتيوب هذه، ابتكر عالم النفس الأمريكي غوردن غالوب جونيور «.Gordon Gallup Jr» اختبارًا لإجابة هذا السؤال. في 1970م، نشر ورقة في العلوم ادّعى فيها أنّ حيوانات الشمبانزي يُمكن أن تتعلّم أن تميّز أنفُسها. التحقيق تضمّن تجربة بسيطة ولكنها فعّالة: أربعة قرود وضعت في أقفاص معزولة لعشرة أيام، وكانت بصحبتهُم مرايا لمدة 8 ساعات في اليوم. في البداية، تعاملت القرود مع انعكاساتهم كما يتعاملون مع شمبانزي آخر في وضع اجتماعي. ولكن خلال عدة أيام، تغيّرَ سلوكهم. يقول غالوب: «قد يستعمل الشمبانزي المرآة في النظر إلى داخل أفواههم، أو لصنع وجوه أمام المرآة، أو لفحص أعضائهم التناسلية، أو لإزالة المخاط من زاويا عيونهم».
بعبارات أُخرى، يظهر الشمبانزي وكأنهم تعلموا تمييز انعكاساتهم. لكي يكون مُتأكداً؛ اختبر غالوب هذه الفكرة بالذهاب خطوة واحدة أبعد -كُل حيوان تم تخديرهُ برفق وتلقّوا بعض العلامات على شكل طلاء أحمر على احدى حافات حواجبهُم، وطرف الأذن. يقول غالوب: «بدا واضحًا جدًا أنني إذا رأيتُ نفسي في المرآة وتلك العلامات على وجهي، فأنني سأرفُع يدي وأقوم بتفحُّصها».
الصبغ الأحمر القابل للإزالة لم يكُن من المُمكن شمّهُ أو الإحساس به باللمس (في الواقع قام فريقٌ بفحص ذلك عبر صبغ أوجههم في البداية والانتظار 24 ساعة لرؤية إن كان يُمكن الإحساس به). عندما عادوا إلى مراياهم، استمر الشمبانزي بفعل ما توقعهُ غالوب تمامًا: قاموا بتفحُّص علاماتهم الجديدة، فركوها بأيديهم أيضًا، وبعدها تفحّصوا أصابعهُم لرؤية ما إذا تمّت إزالة الصبغ. اختبار التمييز الذاتي أمام المرآة هذا قد أصبح من وقتها موضوعًا رئيسيًا في علم النفس المُقارن -وهو دراسة السلوك الحيواني غير البشري. جرّب البشر الاختبار مع العديد من الأنواع، من ضمنهم عدد من الرئيسيات، والثدييات، وحتى الطيور، ولكن فقط حفنة منهم قد "نجحت". بعبارات أُخرى، كانوا قادرين على إظهار الاهتمام بالعلامات الملونة الموضوعة على أجسادهم.
الحيوانات التي استجابت لاختبار العلامات تضمنّت القردة العُليا كالشمبانزي، والبونوبو، والأورانج أوتان (إنسان الغاب)، إضافة إلى الفيلة الآسيوية، وطيور العقعق الأوراسية، والدلافين المنقارية، وحتى الحيتان القاتلة «orcas». كان لدى الباحثين نتائج مُختلفة أيضًا عن الغوريلات. في هذه الأثناء، عندما يتعلّق الأمر بالقطط والكلاب، فإنهم يفتقرون تمامًا لذكاء المرآة؛ ولكن أيضاً لا تُبلي القرود بلاءً أفضل -كذلك لا يفعل أطفال البشر حتى بلوغهم سن الـ 18 شهرًا.
لا يتفق كُل الباحثون إنّ مُلاحظة لطخة من الطلاء الأحمر في المرآة هي نفُسها قُدرتك على إدراك نفسك. ولكن إذا اتفقنا أنّ اختبار علامة المرآة يُخبرنا شيئًا ما عن الإدراك الذاتي في الحيوانات؛ عندها يبدو ذلك مُحددًا لأنواع من الأجناس التي تدخُل بتفاعلات اجتماعية مُعقدة مع أقربائهُم. نحنُ البشر نقع بالتأكيد ضمن هذه الفئة.