1024 مشاهدة
0
0
في تلك الحجرة الصامتة توجد كل مشاعري الحقيقية وفيها كل ما أؤمن به أو أكفر به ولو أنكرته هي عقلي الحقيقي وعيني التي ترى و فيها كل دوافعي التي تأمر العقل والجوارح
بين القلب والعقل..لو كنت تبحث عما يعبر عني.. فإن آخر ما يمكن ان يعبر عني هو الكلام الذي يقوله لساني.. ذلك العضو الأحمر الملتوي الذي لا يفعل شيئا سوى الكذب ..علي وعلى الآخرين.. ولا يغرك عقلي.. فعقلي هو الآخر يخدعني كما يخدعك .. يحاول التظاهر أنه أنا.. ويتكلم كأنه أنا.. ويتصرف كأنه أنا.. ويبدو كأنه هو كل شيء.. لكنه في الواقع لا شيء.. هو فقط أشبه ما يكون بحاسوب عملاق أصم.. لا يملك أي صورة أو فكرة أساسية من نتاجه.. بل يستقبل المعلومات و يحللها و يخزنها.. أما أنا الحقيقي... فموجود داخل قلبي.. داخل تلك الحجرة الصغيرة المتنكرة على هيئة مضخة دم..
في تلك الحجرة الصامتة. .. توجد كل مشاعري الحقيقية.. وفيها كل ما أؤمن به أو أكفر به ولو أنكرته..هي عقلي الحقيقي وعيني التي ترى.. و فيها كل دوافعي التي تأمر العقل والجوارح.. فيها كل أمراضي التي تختفي خلف العيون الخائنة.. عندما أنظر إلى شيء.. وأقصد شيئا آخر.. عندما أقول شيئا وأَضمر شيئا آخر.. فيها شهواتي التي لا أستطيع التحكم بها.. تخيلاتي الدنيئة التي يندى لها الجبين.. ضعفي .. إنكساري.. إحتقاري لنفسي.. فيها ثقتي و غروري.. ورغبتي في التفوق على الآخرين.. فيها شكوكي وإلحادي ويقيني .. فيها ظلمي للناس و شعوري بالظلم,, وأسئلتي عن القضاء والقدر.. فيها نظرتي الحقيقية لله.. كيف أرجوه وأغضب منه وأعاتبه.. ثم ألوم نفسي وأستغفر.. ثم أعود... فيها كل حلقاتي المفرغة.. فيها رؤيتي للناس ولعائلتي.. فيها مجاملاتي لمن أكره .. غيرتي ممن هم أفضل مني.. فرحتي بمن هم أقل مني... وطمعي وإشتهائي فيما ليس لي.. فيها احتقاري لكسل الفقراء.. وفيها تعاطفي معهم.. فيها كرهي لفوقية الاغنياء ورغبتي أن أكون منهم.. فيها فرحي ومخاوفي.. تنقبض وتفرغ إذا خفت.. وتنشرح إذا فرحت.. فيها الكذب الذي أكذبه.. حتى على نفسي.. وفيها الصدق المؤلم الذي أصدقه.. فيها نوايا أعمالي التي ربما أكذب بها على الناس و على عقلي.. لكن قلبي يدركها تماما... فيها شعوري الحقيقي وأنا أصلي.. وأنا أصوم.. وأنا أتصدق.. وفيها كفر وبقايا من إيمان ضعيف.. فيها ما لا تراه العين.. ولا يدركه العقل.. فيها وحدتي.. بكائي.. وشعوري أنني غير مرئي.. وغير مهم.. فيها كل مايفسر تصرفاتي التي تفوق المنطق أو تخالفه.. فيها أنا بكل تناقضاتي.. عاريا من كل زيف..
والخطير في هذه الحجرة الصغيرة التي تسمى القلب, والتي سأحاسب أمام الله بشكل أساسي على محتواها.. أن مفتاحها ليس بيدي.. هي بين ضلوعي ولكن ليست تحت تصرفي.. لا أستطيع أن أضع فيها الأشياء.. لكنها تتسرب قليلا قليلا إليها دون علمي.. وصعوبة معرفة ما في هذه الحجرة .. لا تساوي شيئا أمام صعوبة تغييرها و تنظيفها من الداخل.. كم مرة قررت أن أتوب ولم أستطع.. كم مرة قررت أن أصبح طاهرا ولم أستطع.. وكم مرة بكيت على بابها وقرأت كتاب الله .. ومع ذلك لم يفتح لي.. هذه الحجرة الصغيرة صعبة وخطيرة.. وإذا حدث و امتلأت بالقاذورات.. وتأكد الله أن لا فائدة منك, حال بينك و بينها فلا تملك لها شيئا.. أو ختم عليها فلا تعقل ولا ترى.. وعندها ستكون حياتك مجرد إضاعة وقت لا أكثر.. وكل محاولاتك الكاذبة للعودة ستكون بلا فائدة..
وأنا أحس الآن أن قلبي أسود...
#كتابات_ديك_الجن
نشر في 03 تموز 2015