Facebook Pixel
1068 مشاهدة
1
0
Whatsapp
Facebook Share

إنّ هذه الدنيا لا تستقيم لأحد، كلنا نجيد فيها أشياء، ونعجز عن أشياء أخرى، فانظروا إلى نقاط قوتكم، اعملوا على استثمارها، ولا يجعلكم فشلكم في مجال أن تعتقدوا أنكم فاشلين في كل المجالات

إنها لا تستقيمُ لأحدٍ !

قال الإمامُ الذهبيُّ في سير أعلامِ النبلاء متحدثًا عن سيبويه :
كان مع فرط ذكائه وعبقريته حُبسة في عباراته، وانطلاقة في قلمه !

قول قصير مُقتضب من ترجمة الذهبي لسيبويه، ولكنه على قصره واقتضابه يقولُ أكثر مما يبدو من أول وهلة !
سيبويه معجزة النحو العربي كان إذا كتبَ على الورق يجري الكلام بين يديه كأحصنة السباق، ولكنه إذا أراد أن يتكلم شفاهًا لا يتأتى له أن يقول بلسانه ما يقولُ بقلمه !

درس عظيم مفاده :
براعتك في مجال لا يعني براعتك في كل المجالات، وضعفك في مجال لا يعني ضعفك في كل المجالات !

ذكرَ الحافظُ ابن عبد البر أنّ عبد الله العمري العابد، الذي اعتزل الناس للصيام والصلاة والقرآن، كتب إلى الإمام مالك يحضه على اعتزال الناس والإقبال على العبادة، والاشتغال بأمر نفسه عنهم !

فكتب إليه الإمام مالك يقول:
إن الله قسم الأعمال كما قسم الأرزاق، فُربّ رجلٍ فُتح له في الصلاة ولم يُفتح له في الجهاد ! ورُبَّ رجلٍ فُتح له في الصدقة ولم يُفتح له في الصيام، وإن نشر العلم من أفضل أعمال البر، وقد رضيتُ بما فتح الله لي فيه، وما أظنّ ما أنا فيه أقل مما أنتَ فيه من الأجر، وأرجو أن يكون كلانا على خير !

كان أمير الشعراء أحمد شوقي عبقريًا في قرض الشعر، وإن كان لي من رأي في القضية، فهو برأيي أشعر العرب في زماننا، ولكنه على عبقريته، ومبايعة الشعراء له بإمارة الشعر التي قلدوه إياها بقول حافظ إبراهيم :

أمير القوافي قد أتيتُ مبايعًا
وهذي وفود الشرق قد بايعت معي

إلا أنه كان لا يُحسن إلقاء الشعر، وكان يدفع بقصائده إلى من يجيد الإلقاء ليلقيها في المحافل نيابة عنه ! تخيلوا أن أمير الشعراء لم يكن يحسن إلقاء الشعر !

حسان بن ثابت رضي الله عنه لم يشهر سيفًا لا في الجاهلية ولا في الإسلام، كان يخشى الحرب ويهابها، وعندما عجز عن نصرة الدعوة بالسيف، رأينا شراسته وهو يدافع عن الإسلام شعرًا ويقول :
فإنّ أبي ووالده وعرضي
لعرضِ محمدٍ منكم وقاءُ !

أبو الأسود الدؤلي أحد أبرع اللغويين العرب الأوائل، ولاه علي بن أبي طالب رضي الله عنه البصرة، ويُقال – على أرجح الأقوال- أنه أول من نقّط المصحف بأمر من أمير المؤمنين، وهو على هذا الفضل والريادة كان بخيلًا جدًا يكره ن يُطعم لقمة لأحد !

إنّ هذه الدنيا لا تستقيم لأحد، كلنا نجيد فيها أشياء، ونعجز عن أشياء أخرى، فانظروا إلى نقاط قوتكم، اعملوا على إنمائها واستثمارها، ولا يجعلكم فشلكم وضعفكم في مجال أن تعتقدوا أنكم فاشلين في كل المجالات، وتذكروا أن أديسون الذي أضاء كوكب الأرض قد طُرد يومًا من المدرسة الابتدائية لضعفه المفرط في جميع العلامات كزملائه !

.

أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية

11. 9. 2018

http://al-watan.com/Writer/id/10978

🌹
قس بن ساعدة " أدهم شرقاوي "
نشر في 11 أيلول 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع