ما المقصود بظاهرة شهر العسل للمصاب بالسكري؟

الحقيقة أن ظاهرة فترة شهر العسل قد تحدث مع بداية الإصابة بالنوع الأول من السكري، ما الذي يحدث، وما هي؟

--- (( ما المقصود بظاهرة شهر العسل للمصاب بالسكري؟ ))

الحقيقة أن ظاهرة (( فترة شهر العسل "Honeymoon phenomenon" )) قد تحدث مع بداية الإصابة بالنوع الأول من السكري، ما الذي يحدث؟
كما هو معلوم فإنه في النوع الأول من السكري ونظراً للقابليـة الوراثية وللــ اللخبطة في الجهاز المناعي فإن الجهاز المناعي يقوم بتحطيم خلاياه الموجودة بالبنكرياس والتي تُفرز في الإنسيولين.
وهذا التحطم يكون ببطء لسنوات طويلة وغير مصاحب لأعراض السكري، (هذه النقطة مهمة وهي أن تحطم الخلايا التي تفرز في الإنسيولين يكون ببطء وقد يستمر لعدة سنوات قبل ظهور الأعراض)، وبالتالي فإن هناك خلايا ما زال لها مخزون وقدرة لإفراز الإنسيولين لكي تتحكم في سكر الدم. وبالتالي فأعراض السكري لا تظهر بالرغم من بداية التحطم للخلايا.
يستمر التحطم "وببطء" في الخلايا التي تفرز الإنسيولين إلى أن يصل إلى النقطة والتي بعدها تظهر أعراض السكري. ويتم تشخيص الشخص بأنه مصاب بالسكري النوع الأول.
في بعض المصابين بالسكري (أي أن السيناريو التالي لا يحدث للكل)، ففي بعض المصابين بالسكري وقبل أن يصل تحطم الخلايا إلى النقطة والتي تظهر بعدها أعراض السكري ، فإن البنكرياس يتعرض لفترة من الإجهاد نتيجة (شيء طاريء) غير متوقع مثل إلتهابات شديدة في الرئة، حادث سير، إضطراب نفسي وتوتر ..إلخ من العوامل التي تزيد من إحتياج الجسم لكميات أكثر من الإنسيولين. فإنه في هذه الفترة تظهر أعراض السكري نتيجة "الإجهاد الغير متوقع" للخلايا التي تفرز في الإنسيولين. ويتم تشخيص الإصابة بالنوع الأول من السكري. وحتى نستطيع فهم ظاهرة "شهر العسل" فإننا سنطلق على هذه المرحلة لفظ "تشخيص السكري النوع الأول للمرة الأولى" ... إتفقنا؟ والتي في خلالها ستظهر أعراض السكري وسيحتاج المصاب بالسكري إلى الإنسيولين كعلاج.
وبعد إختفاء وإنتهاء مفعول (الشيء الطاريء) والذي سبب "الإجهاد الغير متوقع" والذي سبب في ظهور أعراض السكري، فإنّ إختفاء ذلك السبب سيتبعه إحتياج أقل للإنسيولين وبالتالي نقص إحتياجات الجسم للإنسيولين، لأن ما زال هناك الخلايا المتبقية والتي يمكنها إفراز كمية من الإنسيولين تكفي الشخص بدون الحاجة إلى إنسيولين من الخارج. وبما أن المصاب بالسكري يستعمل في الإنسيولين من الخارج، فإنه ستيحدث له حالات هبوط السكر في الدم الأمر الذي يتطلب توقيف الإنسيولين. وحتى نستطيع فهم ظاهرة "شهر العسل" فإننا سنطلق على هذه الفترة اللفظ "إسترداد البنكرياس لعافيته" ... إتفقنا؟
إذن لدينا للآن مرحلتين:
1- الأولى "تشخيص السكري النوع الأول للمرة الأولى".
2- والثانية "إسترداد البنكرياس لعافيته" أليس كذلك.
ولكن وكما ذكرنا بإن هناك تحطم للخلايا "ببطء" نتيجة عوامل الوراثة والمناعة والذي بدوره سيؤدي إلى إستمرار هذا التحطم حتى بعد إختفاء وإنتهاء مفعول (الشيء الطاريء)، ويتسمر التحطم إلى أن نصل إلى النقطة الحتمية لظهور أعراض السكري. ويتم تشخيص الإصابة بالنوع الأول من السكري، وسنطلق على هذه المرحلة لفظ "تشخيص السكري النوع الأول للمرة الثانية" ... إتفقنا؟ وهنا يحتاج المصاب بالسكري إلى الإنسيولين كعلاج مرة أخرى.
إذاً ما هي فترة "شهر العسل" ؟
الجواب: هي الفترة الواقعة بين "تشخيص السكري النوع الأول للمرة الأولى" و "تشخيص السكري النوع الأول للمرة الثانية" أي ... مرحلة "إسترداد البنكرياس لعافيته"، فمرحلة "إسترداد البنكرياس لعافيته" هي المرحلة يُطلق عليها "شهر العسل".
فهذا التعافي (شهر العسل) يكون "مؤقت" كما أوضحت فإنه يختفي بإختفاء وإنتهاء تأثير (الشيء الطاريء)، وفيها قد لا يحتاج المصاب بالسكري إلى جرعات عالية من الإنسيولين أو ربما لا يحتاج إلى الإنسيولين. ولكن من الأفضل أن يأخذ المصاب ولو جرعة قليلة من الإنسيولين "قاعدي" في فترة شهر العسل.
مدة فترة شهر العسل ليست محددة بالضبط وقد تستمر أسابيع أو بضعة أشهر، ولكن قد تصل في أحياناً نادرة إلى سنتين. ثم بعد ذلك يتم "تشخيص السكري النوع الأول للمرة الثانية" ولابد للشخص من تناول الإنسيولين لعلاج إصابته بالسكري.
في الحقيقة دخول المصاب بالسكري في هذه الفترة شيء مربك للمصاب بالسكري وللطبيب على حد سواء. شيء مُربك للمصاب بالسكري لأنه يصبح لديه بعض الحيرة ، حول تشخيصه. فعندما يختفي إرتفاع السكر بالدم فإنه يعتقد بأنه ربما كان هناك خطأ في تشخيصه أصلاً. أو ربما أنه شُفي تماماً من السكري فلا حاجة إذن للإنسيولين، فعندما ينصحه الطبيب بإستخدام جرعة قليلة من الإنسيولين وإتباع نظام صحي وممارسة الرياضة فإن المصاب لن يقتنع تماماً بما قيل له "ما لم يقتنع بكلام الطبيب بأن هذه ظاهرة تحدث لنسبة لا بأس بها من المصابين بالسكري النوع الأول"
------- د. سالم الحبروش