Facebook Pixel
الفيزياء ساحرة القلوب وعروس الطبيعة
1059 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

هل تساءلت ذات مرة بشغف وحاولت أن تعرف: ما الذي يمسك الكواكب في أفلاكها أن تصطدم ببعضها البعض؟ ولماذا القمر نور والشمس سراج منير؟ لماذا لا نسبح في الفضاء ودائما منجذبون للأرض ولا نستطيع فكاكا من جاذبيتها إلا بسلطان العلم وأدواته؟ ستجيبك الفيزياء عن ذلك

31- الفيزياء: ساحرة القلوب وعروس العلوم الطبيعية. (د. علي عبده Ali Abdou)
--------
هل تساءلت ذات مرة بشغف وحاولت أن تعرف:
ما الذي يمسك الكواكب في أفلاكها أن تصطدم ببعضها البعض؟ ولماذا القمر نور والشمس سراج منير؟
لماذا لا نسبح في الفضاء ودائما منجذبون للأرض ولا نستطيع فكاكا من جاذبيتها إلا بسلطان العلم وأدواته؟
لماذا نمشي باتزان على الأرض الخشنة ولا نفعل الشيء نفسه على الأرض الملساء المبللة أو ذات الثلوج؟
لماذا يطفو لوح خشب على سطح الماء ولا يطفو لوح حديد بنفس الأبعاد والشكل؟ وفي نفس الوقت إذا صنعنا من ألواح الحديد سفينة فإنها تطفو ولا تغرق؟
لماذا يتعلق السحاب بين السماء والأرض وما الشيء الذي يجعله يدرّ مطرهُ؟
ما سبب البرق ولماذا هو مضيء ولماذا الرعد ذو صوت مجلجل؟ ولماذا يسبق ضياء البرق دوي الرعد؟
ما سبب زرقة السماء وماء البحر وشفق الشمس عند غروبها والشفق القطبي للأرض؟
لماذا يغلي الماء ولماذا يعلو الماء الساخن على البارد؟ ولماذا تصلك الحرارة من المدفأة؟
لماذا نرى صورة الأشياء منكسرة تحت الماء؟
إذا ما تساءلت يوما هذه الأسئلة وشغلت عقلك وشُغفت بها فأنت من عشاق الساحرة الآخذة بالألباب، عروس العلوم: الفيزياء!
.
تاريخ الفيزياء:
.
يعود تاريخ الفيزياء إلى عصور سحيقة بدأ فيها الإنسان البدائي باستكشاف آفاق الكون الذي يحيا فيه وظواهره الغامضة وقواه الخفية، ويمكن تقسيم تاريخ الفيزياء بإيجاز إلى أربعة مراحل هي كالآتي:
1- العصور القديمة.
2- عصر النهضة الأوروبية.
3- فيزياء القرنين الثامن والتاسع عشر.
4- الفيزياء الحديثة.
.
أولاً: العصور القديمة:
تطور الفيزياء بدأ في هذه العصور من خلال محاولة فهم الظواهر المرتبطة بعلوم الفلك والضوء والميكانيكا القديمة في بابل وغيرها من الحواضر البشرية وكان وثيق الصِّلة بالفلسفة وكان من أوائل من كتب وبحث فيها أرخميدس (Archimedes) وبطليموس (Ptolemy) وأرسطو (Aristotle).
كانت السمة الغالبة على هذه الحقبة هي النظرة الفلسفية للفيزياء مع إجراء بعض التجارب البسيطة التي اعتمدت بشكل أساسي على العلوم الحسابية والهندسية المتاحة في ذلك الوقت، وقد انقسمت هذه الحقبة إلى مراحل منها:
- المرحلة اليونانية القديمة:
وتميزت بمحاولة دراسة الطبيعة في مناحٍ شتى، من فهم للأرض وكرويتها وهل هي مركز الكون أم لا والكواكب وأفلاكها ومفهوم الذرة وأنها الجزء الفرد الذي لا يتجزأ كما تميزت بالفيزياء الأرسطية التي حاول فيها أرسطو تفسير حركة القمر والجاذبية ونظريته لعناصر الكون الأربعة: الأرض والماء والهواء والنار والتي دلل فيها على أن أي موجود في الكون يتكون من أجزاء متداخلة من هذه العناصر الأربعة. كما تميزت بأعمال أرخميدس في الطفو وميكانيكا الموائع.
- مرحلة الهند والصين:
وتميزت بالبحث والتنقيب في علم الفلك والرياضيات والهندسة والمفاهيم الفلسفية للذرة.
- الحضارة الإسلامية:
وقامت بُعَيْد ترجمة المسلمين الأوائل لكتب وأعمال الأمم والحضارات الأخرى من اللاتينية والإغريقية والهندية والفارسية، ثم تطويرِ كثير من هذه العلوم، وكان من أوائل من أسهموا في تطوير علوم الفيزياء ابن سينا من بُخَارَى عبر أطروحاته في البصريات والفلسفة والطب، والحسن بن الهيثم من البصرة والذي يعتبر مؤسس علم البصريات، وأبو الريحان البيروني الفارسي ومواطنه عمر الخيام عبر أعمالهما في الرياضيات والفلك، وكذا نصير الدين الطوسي والذي دوَّن بدقة جداول لحركة الأجرام السماوية اعتمد عليها فيما بعد كوبرنيكوس (Copernicus) في أعماله في الفلك.
- العصور الوسطى الأوروبية:
وتميزت بكثرة الترجمة لأعمال العلماء المسلمين وإسهاماتهم وكانت في أغلبها وثيقة الصِّلة بالفلك والميكانيكا.
.
ثانيا: عصر النهضة الأوربية:
والذي امتد طيلة القرنين السادس والسابع عشر الميلاديين، ويمكن تقسيمه إلى مراحل متشابكة ومتتابعة في أعماله التقدمية، وكانت غالبا في الفلك والميكانيكا وتميزت بالاعتماد على الرياضيات والتجارب والمشاهدة والبعد عن الفلسفة والنظرة السطحية للفيزياء. كان من رواد هذه الحقبة:
كوبرنيكوس (Copernicus): العالم البولندي الذي تبنى النظام المركزي الشمسي للمجموعة الشمسية وتبنى فيه مركزية الشمس ودوران الكواكب في أفلاك دائرية حولها.
جاليليو جاليلي (Galileo Galilei): العالم الإيطالي مؤسس علم الميكانيكا التجريبية وله إسهاماته في البصريات والفلك ويعُدّه الكثيرون أبا لعلم الفلك الرصدي.
رينيه ديكارت (René Descartes): الفيلسوف الفرنسي وله إسهامات عديدة في الرياضيات والهندسة والتي كان لها تأثير عظيم في تطوير علوم الفلك والميكانيكا.
إسحاق نيوتن (Isaac Newton): العالم الفذ، فريد عصره، وفائق أقرانه، وهو مؤسس علم الميكانيكا النظرية بل والفيزياء النظرية وعلم التفاضل والتكامل، وَله إسهامات في البصريات وبيان كيفية انتقال الحرارة والصوت والضوء.
تميز عصر النهضة بطفرات معرفية نوجز منها الآتي:
- كيبلر (Kepler) وقوانينه للحركة.
- روبرت بويل (Robert Boyle) وأعماله في الغازات وانتقال الحرارة.
- جيمس برنولي (James Bernoulli) وأعماله في الميكانيكا.
- بداية علم الديناميكا الحرارية على أيدي علماء مثل: روبرت هوك (Robert Hooke) وبويل (Boyle) وجاي لوساك (Gay-Lussac) ودينيس بابان (Denis Papin).
- اختراع الآلات البخارية وأعمال توماس سافري (Thomas Savery) ولاحقاً جيمس واط (James Watt).
.
ثالثاً: فيزياء القرنين الثامن والتاسع عشر:
شهدت هذه المرحلة تطورا قياسيا وطفرات في فهم الفيزياء الكلاسيكية في مجالات عديدة وهي:
- الميكانيكا على أيدي برنولي (Bernoulli) وكافنديش (Cavendish) وأويلر (Euler) ودالمبير (d'Alembert) ولابلاس (Laplace).
- الديناميكا الحرارية على أيدي لافوازييه (Lavoisier) وبريستلي (Priestley) وفورييه (Fourier) ووليام طومسون (William Thomson) المعروف باللورد كلفن (Lord Kelvin) ورودولف كلاوزيوس (Rudolf Clausius) وجيمس جول (James Joule) وهرمان فون هلمهولتز (Hermann von Helmholtz).
-الكهربية والمغناطيسية، وشهدت الأعمال التجريبية والنظرية لفطاحل العلماء من أمثال فاراداي (Faraday) وفولتا (Volta) وأورستد (Ørsted) وأمبير (Ampere) وهلمهولتز (Helmholtz) فهماً للظواهر الكهربية والمغناطيسية، وكان لعملاق الفيزياء النظرية وأحد عباقرة الفيزياء جيمس كلارك ماكسويل (James Clerk Maxwell) السبق في توحيد الكهربية والمغناطيسية وربطهما بالضوء وأنه عبارة عن موجات كهرومغناطيسية.
.
رابعا: الفيزياء الحديثة:
بلغ ببعض علماء الفيزياء في القرن الثامن عشر إعلان وفاة الفيزياء كعلم وأنه لم يعد هناك من تطوير مستقبلي لهذا العلم لما وصلت إليه البشرية من فهم تام لجميع الظواهر الطبيعية بما كان متاحا وقتها من فيزياء كلاسيكية، وكان منهم اللورد كلفن (Kelvin) ومايكلسون (Michelson) اللذان اعتبرا أن ما هو قادم في الفيزياء سيكون تحسينا في النتائج التجريبية ودقتها ولن يكون هناك تطور في مجالات أُخرى. وكانت الفيزياء الكلاسيكية تنقسم في هذه الحقبة إلى: الميكانيكا الكلاسيكية، ميكانيكا الموائع، كهربية ومغناطيسية، بصريات، ديناميكا حرارية وميكانيكا إحصائية.
واجهت الفيزياء مشاكل عويصة في أواخر القرن التاسع عشر لم تجد لها تفسيرا، مما أدى لمخاض عسير للفيزياء ونشوء اتجاهات جديدة؛ لِلتخلص من بعض المفاهيم الكلاسيكية وتبني مفاهيم حديثة تجافي العقل والمنطق أحيانا ونذكر منها:
- تفسير إشعاع الجسم الأسود والمفهوم الثوري لماكس بلانك (Max Planck) للكموم الطاقية، أي انبعاثها على هيئة كمّات وأنها ليست متصلة كما كان الاعتقاد سابقا.
- ظاهرة الانبعاث الضوئي وتفسير ألبرت أينشتاين (Albert Einstein) وتبنيه لمفهوم الفوتون أو جسيم الضوء والذي بسقوطه على المواد يعطي كل طاقته للذرة لإطلاق أحد إلكتروناتها.
- بداية النظرية الذرية على أيدي تومسون (Thomson) ومن بعده رذرفورد (Rutherford) وتلميذه النجيب نيلز بور (Niels Bohr).
- اكتشاف أشعة إكس(X-ray) على يد رونتجن (Röntgen) وما تبعها من تطورات مذهلة واستخدامات شتى في علوم المواد والطب الحديث.
- بداية العلوم النووية باكتشاف هنري بيكريل (Henri Becquerel) للنشاطية الإشعاعية وتلميذته النجيبة ماري كوري (Marie Curie) وزوجها بيير كوري (Pierre Curie).
- تجربة مايكلسون (Michelson) ومورلي (Morley) لقياس سرعة الأرض في الأثير وهي من أولى الأدلة القوية المعارضة لنظرية الأثير، وهو وسط ابتدعه العلماء في الكون، بدونه لا يتحرك الضوء وقد تنبأت التجربة بعدم وجوده.
- النظرية النسبية لأينشتاين (Einstein): الخاصة عام 1905، والعامة عام 1917، وما أحدثتاه من زلزال لمفاهيم الكون وجاذبيته والأجسام المتحركة بسرعات عالية قريبة من سرعة الضوء.
- نظرية الكم وحاجة العلم لنظرية جديدة لتفسير الظواهر الذرية وما دونها.
- التطور المذهل في العلوم النووية وبناء المعالجات لدراسة مكونات النواة والمادة.
- استطاع العلماء التعرف على القوى الأربعة الموجودة في الطبيعة وهي:
+ قوى الجاذبية والتي تؤثر بين الأجسام وكتلها وهي أضعف هذه القوى وأبعدها تأثيرا وهي القوى المتحكمة في الكون وأجرامه ومجراته.
+ القوى الكهرومغناطيسية بين الشحنات.
+ القوى النووية الصغرى وهي القوى المسؤولة عن التحلل الإشعاعي داخل النواة.
+ القوى النووية العظمى والمسؤولة عن ترابط جسيمات النواة وهي أعظمهم القوى المذكورة وأصغرها في مجال التأثير، وعظمة هذه القوة تظهر في أنها تتغلب على قوى التنافر بين البروتونات موجبة الشحنة في النواة وتربطها معا مع أشقائها من النيوترونات داخل النواة!

هدف علماء الفيزياء الآن منصبٌّ على توحيد هذه القوى الأربع وقد نجحوا في توحيد القوى الكهرومغناطيسية مع النووية الصغرى في أواخر السبعينيات على يد جلاشو (Glashow) ووينبرج (Weinberg) وسلام (Salam) وهو ما أعطى القوى الكهروضعيفة ثم تم توحيدها مع القوى النووية العظمى في النموذج المعياري والذي تم على أيدي علماء منهم توموناجا (Tomonaga) وفاينمان (Feynman) وموراي جيلمان (Murray Gell-Mann) وجلاشو (Glashow) وغيرهم الكثير.
واجه العلماء صعوبات جمة في دمج الجاذبية في النموذج المعياري وحاولوا إيجاد نموذج كمي لها ولكنه مازال لا يخلو من العقبات.
اتجه العلماء لتطوير نظرية أكثر تعقيدا في محاولةٍ منهم لتوحيد قوى الطبيعة وهي نظرية الأوتار الفائقة ولكنها ما زالت بعيدة المنال في المستقبل المنظور من أي تحقيق تجريبي.
.
هل وجدت إجابة تساؤلاتك السابقة في هذا المقال؟
إذا لم تجدها فحاول أن تربط الفيزياء والقوى في الطبيعة بالظواهر التي تم التطرق إليها في المقدمة وابدأ من هناك. :)

إعداد: د. علي عبده
تدقيق لغوي: خالد قولاغاسي & Gheyath Selahdar
#فيزيائي
فيزيائي
نشر في 19 كانون الثاني 2017
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع