Facebook Pixel
لماذا يَجِبُ أن تُصدِّق نظرية الانفجار العظيم؟
1177 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

هناك أدِلَّة لا يمكن تجاهلها أو إنكارها، والتي تجعل نظرية الانفجار العظيم مقبولة بشكل كبير فى الوسط العلمي، وتُنهي الجَدَل حول بداية الكون

70- لماذا يَجِبُ أن تُصدِّق نظرية #الانفجار_العظيم؟ || الجزء الثاني

بعد أن فهمنا تأثير دوبلر في الجزء الأول من المقال، نخصص هذا الجزء للأدلة المباشرة على صحة نظرية الانفجار العظيم.

يمكننا أن نبدأ بأول الأدلة: وهو تَمدُّدُ الكون.
اكتشف عالم الفلك "إدوين هابل" اكتشافات عظيمة في علم الفلك، ومن أهمها أن هناك مَجَرَّات أخرى غير مجرَّتنا، واكتشف أيضًا أنَّ الضوء الآتي من جميع المَجَرَّات الأخرى -تقريبًا- يميل إلى اللون الأحمر، وهذا يعني أن هذه المجرات تبتعد عنّا، و أنها في الماضي كانت أقرب فأقرب فأقرب، وأن جميع المجرات كانت لها نقطة بداية واحدة (قد تظن أن هذا يعني أننا في مركز الكون، لكن هذا غير معروف، لأنك إذا وقفت في أي مجرة أخرى، ستجد جميع المجرات تبتعد عنك أيضًا، وبالتالي لا يُمكننا تحديد ذلك).

إذَنْ نستنتج أن الكون يتمدد مثل البالون، والمجرات تُمثِّل نقاطًا على البالون، وكُلَّما تمدد البالون زادت المسافة بين النقاط، فإذا رجعنا بالزمن، نجد أن البالون كان مُنكمِشًا على نفسه.

بعد أن فهمنا أن الكون كان فى نقطة واحدة، يجب أن نَعِيَ الآثار المترتبة على ذلك، ولِكَي نفهمها يَجِب أن نعرف معلومة بسيطة عن "نظرية النسبية العامة" وهي ببساطة: النظرية التى تُفسِّر وُجود الجاذبية، وتصفها بِدقَّة، وهي مثبتة بالتجارب منذ عقود.
النظرية تقول إن الجاذبية الناتجة عن جسمٍ ما تزداد كُلَّما ازدادت كثافته، بمعنى أنه كُلَّما شَغَلَ مِقدارٌ ما من المادة مساحة أصغر من الفراغ (أي تم ضغطه على سبيل المثال) فإنَّ قوة جاذبيَّته تزداد.
هذا ما يحدث داخل الثقب الأسود، حيث تَتَضاغَط المادة في النجم حتى تكون جاذبيتها أقوى من أن يهرب منها الضوء.
ولكن ما علاقة هذا بالموضوع؟
عندما يتضاغط كمٌّ هائل من المادة في مساحة صغيرة جدًّا، يتكوَّنُ ما يسمى بـ "التفردية" (لا تُزعِج نفسك بالاسم) وهي مركز هذه الكتلة الهائلة، وفيها تكون قوة الجاذبية هائلة لدرجة أنها تتغلب على باقي قوى الطبيعة التى تتحكم فى تماسك الذَّرَّات نفسها، فتَنهار الذرات و تسقط الإلكترونات على النواة، وتَنْهار النواة نفسها، ولا تَتبقَّى مادة بالمعنى الذي نعرفه، وتستمر في التضاغط بلا حد معروف، لأن قوة الجاذبية فى هذه الحالة هي المسيطرة، ولا توجد أي قوى أخرى معروفة لإيقافها، لِذا يصل حجم هذه الكتلة الهائلة إلى صفر.
صفر حرفيًّا، أو يمكن أن نقول نقطة بلا أبعاد (من المستحيل أن نتخيَّل نقطة بلا أبعاد، لكن لا بد أن نتقبَّل الأمر)، وبما أن الكثافة هي ناتج قسمة الكتلة على الحجم، فإذا أصبح الحجم صفر، فإن الكثافة تُصبح لانِهائية، إذن تُصبح الجاذبية لانِهائية!
وبما أن الرياضيات لا تستطيع التعامل مع الأرقام اللانهائية، فإن الفيزياء نفسها تتوقف عن العمل في هذه النقطة.

هذا ما يَحدُث في الثقوب السوداء، وهذا ما حَدَث فى الكون قبل بداية الانفجار بناءً على الأدلة السابقة.

وثاني الأدلة على النظرية: هو أن نسبة الهيدروجين والهيليوم المرصودة في الكون حاليًّا تتوافق إلى حدٍّ كبير مع تَنبُّؤات النظرية، وهذا دليل يدعم النظرية.

أما الدليل الذي يؤكدها، فهو الدليل الثالث والأخير: هو اكتشاف "أشعة الميكروويف الكونية"
بمعنى: تتنبَّأ النظرية بأن الكون بعد الانفجار (التمدد) بلحظات كان كثيفًا وحارًّا، مما يعني أنه كان يُصدِر إشعاعات (سواء ضوءًا مرئيًّا أو غير مرئي)، وهذه الإشعاعات يجب أن تكون موجودة في الكون الآن بحيث نستطيع مُلاحظتها، وبالفعل تم اكتشاف هذه الإشعاعات، وهي موجودة بشكل منتظم على مستوى الكون، ولكنها ليست ضوءًا مرئيًّا، إنها "أشعة مايكروويف" وهي موجات مثل الضوء تمامًا، لكنَّ طولها الموجي أكبر من الطول الموجي للضوء المرئي، والسبب في زيادة الطول الموجي للإشعاعات الصادرة من الكون البدائي هو "تأثير دوبلر" الذي تم شرحُه مُسبقًا، حيث أن الكون يَتَمَدَّد فيَبْتَعِد عن مصدر تلك الإشعاعات، و مع تَمَدُّدِ الكون يزداد الطول الموجي للإشعاعات (تميل لِلَّون الأحمر) حتى أصبحت في نِطاق "المايكروويف" حاليًّا.

بعد أن انتهينا من الأدلة، إليكم بعض الأسئلة التي قد تخطر في بالكم:
- قد تسأل نفسك، ما الذي جَعَل الكون يتمدَّد بعد أن كان بهذا الصِّغَر؟!
الاجابة: لا نعلم، ولكنَّنا نستطيع أن نَجزِم أنَّه تمدَّد، وأن شيئًا ما بَدَأ التَّمدُّد، ولازال البحث جارٍ للإجابة على هذا السؤال.

- قد تسأل نفسك، ما الذى حدث قبل الانفجار؟!
الاجابة: لا نعلم، ولا يمكننا أن نعلم، حيث أنه أيًّا كان ما حدث قبل الانفجار، لا يمكن أن يظهر تأثيره بعد الانفجار بسبب "التفردية" التى تم شرحها من قبل.

إذن لنجمع أدِلَّتنا مرة أخيرة:
1- تمدُّد الكون.
2- نسبة الهيدروجين والهيليوم.
3- أشعة المايكروويف الكونية.

هذه الأدِلَّة لا يمكن تجاهلها أو إنكارها، والتي تجعل نظرية الانفجار العظيم مقبولة بشكل كبير فى الوسط العلمي، وتُنهي الجَدَل حول بداية الكون.

إعداد: أ. أحمد عبد الله.
تدقيق: Gheyath Selahdar.
#فيزيائي
فيزيائي
نشر في 05 شباط 2017
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع