Facebook Pixel
نظرية الانفجار العظيم من الألف إلى الميم
1939 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

معلومات وتساؤلات في علم الفلك، من أحد هذه التساؤلات عن نظرية الانفجار العظيم ومعرفتها من الألم إلى الميم

142- نظرية الانفجار العظيم من الألف إلى الميم | الجزء الثاني

التَّسلسلُ الزمنيُّ لأحداثِ الانفجارِ الكبيرِ (1)

تحدثنا في الجزءِ الأوَّل عن ولادةِ الكونِ نتيجةَ انفجارٍ هائلٍ، واليومَ سنتابعُ مع تسلسل الأحداث لهذه البداية.

يظنُّ العلماءُ أنَّ البدايةَ كانتْ من نقطةٍ لا نهائيَّةِ الصِّغرِ وذاتِ كثافةٍ لا نهائيةِ الكبرِ والسخونةُ من رُكامٍ كمومي مكون من جُسيماتٍ غريبةٍ غيرِ مألوفةً، وجُسيماتٍ غريبةٍ أخرى مضادةٍ، تتولدُ وتتفانى باستمرارٍ، ويُعتقدُ أنَّ القوى الطبيعيةَ الأربعَ كانتْ موحدةً في قوَّةٍ واحدةٍ كبرى معطلةِ الفعلِ، وذاتِ بنيةٍ غشائيَّةٍ حويصليَّةٍ وتريَّةٍ.

وفي إثرِ حدوثِ الانفجارِ، انفصلتْ فقاعاتٌ انتفاخيَّةٌ كموميَّةٌ، توسَّعتْ إحداها توسُّعاً هائلاً، فوُلِدَ الكونُ ووُلد معهُ الزمانُ والمكانُ، في خلاءٍ فائقِ البرودةِ والتَّناظرِ.

ويمكنُ تلخيصُ التَّسلسلِ الزمنيِّ لأحداثِ ولادةِ الكونِ بحسبِ ظنِّ العلماءِ على النحوِ التَّالي:

#أولاً :
في اللحظةِ التي تعادلُ جزءاً من عشرةِ ملايينَ مليارِ مليارِ مليارِ مليارِ (أي 10^-43) جزء من الثانية الأولى لولادةِ الكونِ، حدثَ الانفجارُ الأعظمُ على درجةٍ منَ الشدَّةِ بحيثُ لا يسمحُ بأي نشوءٍ ماديٍّ واضحٍ.
كانت شدةُ هذا الهياجِ تكفي لتفارقَ أيِّ ترابطٍ جُسيميٍّ يمكنُ أن يحدثَ، وكانَتْ شدَّةُ الحرارةِ والإشعاعِ تلتهمُ كلَّ تشكُّلٍ بنيويٍّ قدْ ينشَأُ.
وتمثٍّلُ الحدثَ الأساسيَّ (الذي نجمَ عنْ هذا الاهتياجِ الحراريِّ العنيفِ) بولادةِ الثقالةِ، القوةُ الأولى مِنَ القوى الأربعِ والتي كانتْ (حتى لحظةِ الانفجارِ) موحدةً في قوةٍ كبرى واحدةٍ متفانيةِ الفعلِ، وذاتَ بنيةٍ غشائيَّةٍ حويصليَّةٍ وتريَّةٍ.

#ثانيا ً:
في إثرِ فترةِ مخاضٍ وجيزةٍ جداً (تقلُّ عشر ملياراتِ جزءٍ عن اللحظةِ الأولى المشارِ إليها آنفاً)، هبطتْ درجةُ حرارةِ الكونِ الآخذِ بالولادةِ إلى درجةِ حرارةِ بلانك، وأخذَ الركامُ الكموميُ يشكلُ نقطةً يبلغُ قطرَها عشرةَ أضعافِ طولِ بلانك، إذْ يبلغُ طولُ هذا القطرِ جزءاً من مئةِ ألفِ مليارِ مليارِ مليارٍ أي 10^-32 جزء منَ السنتي متر - يبلغ طول بلانك جزءاً من مليونِ مليارِ مليارِ مليارٍ أي 10^-33 جزء من السنتي متر- أما الحدثُ الأساسيُّ ذو المغزى والذي نجمَ عن هذا المخاضِ، فتمثلُ بولادةِ المكانِ والزمانِ (مَعْلَمَي الكونِ الرئيسيَّن) اللَّذين يُعالجان (بفضل نظريةِ النسبيةِ العامةِ) كأيِّ معلمٍ فيزيائِّيٍ آخرٍ (كالكتلةِ، ودرجةِ الحرارةِ، والتَّسارعِ).

لقدْ تألفَّتْ نقطة الركامِ الكموميٍّ في هذهِ المرحلةِ من جُسيماتٍ غريبةٍ غيرِ مألوفةِ، ومنْ أضدادِ هذهِ الجُسيماتِ التي لم يعرِفْ (ولنْ يعرِفَ) تاريخُ الكونِ لها مثيلاً.

وكانت هذه الجُسيماتُ الغريبةُ وأضدادُها تنشأُ بدءاً مِنْ طاقةِ هذا الرُّكامِ الكموميِّ، وتتفانى آنيَّاً، وكانَ عمرُ الكونِ في هذه المرحلةِ يساوي جزءاً منْ مئةِ مليونِ مليارِ مليارِ مليارٍ أي 10^-35 مِنَ الثانيةِ، حيثُ انخفضتْ درجةُ حرارةِ الكونِ إلى ألفِ مليارِ مليارِ مليارِ درجةٍ مطلقة.
في هذه اللحظةِ، وفي أثناءِ مخاضِ ولادةِ القوَّةِ النوويَّةِ الشديدةِ، انفصلتْ عن الرُّكامِ الكموميِّ فقاعاتٌ كموميَّةٌ وانتفختْ إحداها بسرعةٍ مفرطةٍ فأصبح حجمها مساوياً حجمَ كرةِ المضربِ. ولضرورةِ الحفاظِ على التناظرِ (التجانسِ) الفائقِ للخلاءِ، تحوَّلَ جزءٌ من طاقةِ الرَّكامِ الكموميِّ إلى مزيدٍ منَ الجُسيماتِ الغريبةِ غيرِ المألوفةِ والجُسيماتِ المضادةِ.

#ثالثاً:
في اللحظةِ التي أصبحَ فيها عمرُ الكونِ مُساوياً جزءاً من مئةِ ألفِ مليارِ مليار ِمليارٍ أي 10^-32 جزء من الثانيةِ الأولى، تجددَّ الانفجارُ ثانيةً في القسمِ الفائضِ من الرُّكامِ الكموميِّ، إنما بشدةٍ أضعف وبسرعةٍ أبطأ من الانفجارِ الأولِ، ليسخنَ الانتفاخُ (الآخذُ بالتوقَّفِ) والخلاءُ المحيطُ (الفائقُ التبردِ) تسخيناً مفرطاً.
ولكن في إثرِ انخفاضِ درجةِ حرارةِ الكونِ إلى عشرةِ ملايين مليارِ مليارٍ درجةٍ مطلقةٍ أو كلِفن، وبفعلِ القوةِ النوويةِ الشديدةِ، وبدرجةٍ أقل، فعلتِ الثقالة تحولَ جزءٍ من الجُسيماتٍ الغريبةٍ غيرِ المألوفةِ إلى كواركات (1301 quarks)، ولبتونات(1401).

#رابعاً:
أمَّا في اللحظةِ التي بلغَ فيها عمرُ الكونِ جزءاً من مئةِ مليارٍ جزء أي 10^-11 من الثانية، فإن درجةَ حرارةِ الكونِ انخفضتْ إلى أقلِّ من مليونِ مليارٍ درجةٍ مطلَقةٍ أو كلِفن، وأصبحتْ ظروفُ الكونِ مواتيةً لانشطارِ توأمي القوةِ النووية الضعيفةِ والقوةِ الكهرطيسيةِ، فولدتْ هاتانِ القوتانِ كقوتينِ مستقلَّتينِ وظيفيتينِ.

وهنا أيضاً حدثَ هذا الانشطارُ بآليةِ فصمٍ متناظرةٍ. وكما أن الفوتونَ هو رسيلُ القوةِ الكهرطيسيَّةِ (وهو عديمُ الكتلة)، فإنَّ الجُسيماتَ W+ (من ضعيف weak)، و Z و W، هي رسلُ القوة النووية الضعيفة، وذات كتلٍ مرتفعةٍ.

يمكنُ القولُ إذاً أنَّ هذهِ المرحلةَ من عمرِ الكونِ أصبحتْ تتمتَّعُ بفعلِ القوى الأربعِ للطبيعةِ التي ولدَتْ على التَّتالي بتحولاتٍ طوريةٍ ثلاثةٍ: الثّقالةُ في اللحظةِ 10^-43 من الثانيةِ (لحظةُ حدوثِ الانفجارِ الأعظمِ وبدءِ ولادةِ الكونِ بزمانهِ ومكانهِ)، ثمَّ القوةُ النوويةُ الشديدةُ في اللحظةِ 10^-35 من الثانيةِ، ثمَّ القوتان المدموجتانِ: النوويةُ الضعيفةُ والكهرطيسيةُ، وأخيراً انفصالُ هاتان القوتان عن بعضهما في اللحظة 10^-11 من الثانية.

ولا بدَّ من التأكيدِ في هذا الصددِ أنَّ ولادةَ هذهِ القوى أتى كنتيجةٍ منطقيةٍ لتبرَّدِ الكونِ، وأنَّ هذهِ الولادةَ كانتْ #مبرمجةً في الزمانِ والمكانِ، وبدقةٍ، بحيثُ يكونُ وجودُ هذه القوى (وكذلكَ الجُسيماتُ الحاملةُ لها، أو رُسُلها) شرطاً حرجاً وأساسياً للانتقالِ إلى المرحلةِ التَّاليةِ.

يتبع...
إعداد: محمد باقي
تدقيق لغوي: محمد طحان
#أرابوست
أرابوست - مقالات بالعربي
نشر في 26 حزيران 2016
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع