882 مشاهدة
1
0
تتيح التطورات التكنولوجية اليوم للعلماء قراءة مليارات الحروف من جينومات البشر القدامى والكائنات الحية الأخرى، مما يغير نظرتنا إلى التاريخ والتطور
كل ما يستحق أن تعرفه عن الحمض النووي القديمالجــــــــــزء الأول
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في عام 1984، استرجع علماء الوراثة 229 زوجا أساسيا من الشيفرة الوراثية للكواغا، وهو نوع فرعي من حمار وحشي انقرض منذ أواخر سنة 1800.
وقد أثبت هذا الإنجاز امكانية بقاء الحامض النووي على قيد الحياة في الأشياء الميتة وحفز مجالا جديدا في العلوم يعرف بـ: علم الوراثة الجينية القديم.
و تتيح التطورات التكنولوجية اليوم للعلماء قراءة مليارات الحروف من جينومات البشر القدامى والكائنات الحية الأخرى، مما يغير نظرتنا إلى التاريخ والتطور.
وقال يوهانس كروس، مدير علم الآثار في معهد ماكس بلانك لعلوم التاريخ البشري في جينا، ألمانيا ، إن السجل الجيني "مثل المكتبة المفقودة ... وها نحن نبدأ الآن في طور تعلم لغة كل تلك الكتب التي اكتشفناها".
بالنسبة لعلماء الأنثروبولوجيا، يوفر الحمض النووي البشري القديم (aDNA) رؤى لا يمكن استخلاصها من الحفريات أو الأدوات التي صنعها الإنسان القديم. وقد وقعت بالفعل بعض المناقشات المهمة، بما في ذلك ما إذا كان البشر الحديثون قد تفاعلوا مع نياندرتال (الإنسان البدائي). حيث تظهر الجينومات القديمة وبشكل حاسم أن أجدادنا لم يقابلوا نياندرتال فقط، بل تزاوجوا معه - لمرات متعددة – في الفترة ما بين 40.000 إلى 100.000 سنة مضت.
في عام 2015، أكد الحمض النووي البشري القديم أن إنسان كينويك ، وهو هيكل عظمي يبلغ من العمر 8000 وجدت في ولاية واشنطن في عام 1996، كان وراثيا أقرب إلى الأمريكيين الأصليين. وقد أنهى هذا الكشف معركة قانونية استمرت 20 عاما، مما سمح للقبائل الأمريكية الأصلية بأن تعيد دفن عظام أسلافها.
وقد جلب فحص الحمض النووي القديم المفاجآت أيضا، ففي عام 2010، كشف جينوم مأخوذ من عظام الخنصر في سيبيريا عن وجود إنسان الدينيسوفان، وهو نوع غير معروف من البشر عاش في وقت قريب من نياندرتال. ويُظهر الحمض النووي القديم لدينيسوفان أيضا أنه تعايش مع أسلاف بعض البشر اليوم، مما أكسبهم جينات مفيدة في البيئات الباردة وعلى المرتفعات العالية.
قبل عقد من الزمن، لم تكن هذه الاكتشافات ممكنة؛ حيث كان بمقدور علماء الوراثة فقط قراءة مساحات قصيرة من الجينومات القديمة. ونتيجة لذلك، ركزت الدراسات إما على جينات معينة أو على أجزاء ضيقة من الحمض النووي: يسمى كروموسوم الذكر Y أو الشفرة المتوارثة ذكوريا بالحمض النووي الميتوكوندري. هذه السلاسل القصيرة لا تعكس أصل الفرد بشكل كامل. لذلك، يحتاج الباحثون إلى حمض نووي من كامل أجزاء الجينوم .ويعد الحصول عليه من البشر اليوم ليس بالأمر الصعب، ولكن من الصعوبة بمكان استخراج وتسلسل الحمض النووي البشري القديم على نطاق الجينوم، والذي يمكن أن يتحلل إلى أجزاء، ويخضع للتفاعلات الكيميائية التي تغير شفرته، ويلوثه بالحمض النووي الحديث.
مع التطور الأخير للأساليب المتخصصة يف تحليل الحمض النووي البشري القديم على كامل نطاق الجينوم، يقول كراوس "لقد تم حقا إطلاق العنان لقوة علم الوارثة الأثري". الآن، تعيد دراسات الحمض النووي القديم التي غطت فترة نصف مليون سنة لمئات من الأفراد النظر في فهمنا للأحداث الكبرى، مثل أصول وانتشار الزراعة. ولذلك لإمكانية استخدام الحمض النووي البشري القديم في تتبع تطور الأمراض والمقاومة البشرية لها مع مرور الوقت، كما انه قيّم للبحوث الطبية. ويعمل الباحثون بالفعل على تحديد الجينات الفريدة للبشر الحديثين - على أبسط مستوى، ما يوحد ويحدد نوعنا.
1- الاستخلاص: في مختبر معقم، يتم تنظيف العظام والأنسجة المتبقية على قيد الحياة، وطحنها إلى مسحوق وتذوبها مع مواد كيميائية والتي بدورها تعزل ظفائر الحمض النووي القصيرة.
2- حساء الحمض النووي: حساء الحمض النووي هو ذلك المستخلص من العينة والمواد الملوثة بالميكروبات الموجودة في التربة حيث تم دفن البقايا. يضيف الباحثون شارات جزيئية تعمل في وقت لاحق كالرموز الشريطية (الباركود)، مرتبطة بشكل انتقائي بالحمض النووي لجرد وإيجاد تسلسل معين.
3- النسخ: لقراءة الحمض النووي بسرعة وبدقة، يجب على أجهزة الكمبيوتر تحليل الملايين من النسخ في وقت واحد. علماء الوراثة يصنعون هذه النسخ عن طريق تسخين الحمض النووي ثنائي الشريط ، مما يسبب في فصل الإنزيمات ثم بناء حمض ثنائي شريط جديد من كل نصف. تكرار الإجراء يضاعف الشريطين إلى أربعة، ثم أربعة إلى ثمانية، وهكذا دواليك، حتى تصبح الملايين من الشرائط لها شيفرات وراثية وشارات متطابقة. لأن أكثر من 99 في المئة من الجينوم البشري متطابق، ينسخ الباحثون في كثير من الأحيان وبشكل انتقائي الأجزاء المختلفة فقط.
4- التسلسل: في المرحلة النهائية من النسخ، يصبغ علماء الوراثة كيميائيا قواعد النوكليوتيدات المختلفة – المعروفة اختصارا بالحروف A، T، C و G. ثم تقرأ أجهزة الكمبيوتر الشيفرة بناء على الترتيب الذي يظهر الألوان، ومن ثم تحليل كل السلاسل المتطابقة مع الشارات المطابقة في نفس الوقت للتخلص من أي أخطاء.
5- التصديق : يستخدم الباحثون عددا من القرائن للتخلص من الملوثات في الشيفرة القديمة: على سبيل المثال، شرائط الحمض النووي البشري القديم عادة ما تكون أقصر من 100 حرف، مع أنماط تدهور يمكن التنبؤ بها.
6- التراصف: يجب ترتيب الشرائط القصيرة التي تم قراءتها في مواقعها الصحيحة عبر الجينوم بأكمله. تعمل البرامج الحاسوبية على رصفها على أساس تمددات متداخلة من الشيفرات والمقارنات مع مرجع تسلسل الجينومات السابق.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ترجمة: Omar Almay
المصدر:http://discovermagazine.com/2017/jul-aug/ancient-dna
#النادي_الليبي_للعلوم
نشر في 08 أيلول 2017