950 مشاهدة
0
0
في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي قام الفيزيائي الألماني "يوليوس ميير" بتقدير أن الشمس قادرة على الإشعاع لعدة آلاف سنة فقط لو كانت مكوّنة من كتلة من الكربون
هل فسّر العلماء ضوء الشمس؟في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي قام الفيزيائي الألماني "يوليوس ميير" بتقدير أن الشمس قادرة على الإشعاع لعدة آلاف سنة فقط لو كانت مكوّنة من كتلة من الكربون. وهذا أدّى إلى القبول بأنه لا يوجد تفاعل كيميائي كامل للإحتراق داخل قرص الشمس. بعدها قام "يوليوس ميير وجون واترسون" بدراسة طاقة الشمس وإشعاعاتها ووجدوا أنها تشع نتيجة لطاقة الجذب الناتجة عن إصطدام النيازك بها. كما إقترح "واترسون" ايضاً أن طاقة الجذب الشمسية قد تَنتُج من قوة تقلصات داخلية في الشمس نفسها، ولكن هذه الفرضية لم تقبل بأوساط المجتمع العلمي لعدة أسباب ولكنها تؤشر على قابلية النجوم لإشعاع الضوء خلال مراحل تطورهم.
فيديو من وكالة ناسا للفضاء (3 سنوات من عمر الشمس في 3 دقائق):
http://y2u.be/piuKlpJmj
أواخر القرن التاسع عشر قام كل من "اللورد كلفن و هيرمان فون هلمهولتز" بتطوير فرضية الإنقباضات الشمسية والتي كانت قاصرة عن تفسير لماذا الشمس ما زالت تشعّ منذ عدة مليارات من السنين.
عصر الذرّة:
تغيّرت الفرضيات الحديثة بداية القرن العشرين نتيجة لتطور النموذج الفيزيائي الذي يعتمد على سلوك الذرّات وتركيبها الداخلي، هذا الجهد يتضمن ما قام به "ألبرت أينشتاين" في علم المادّة والطاقة. الآن هناك علماء يفسرون ضوء الشمس كنتيجة لتحلل الذرّات وهذا بدوره لا يفسر غياب هذه الذرات نهائياً. بعدها قام "فرانسيس استون" بتصحيح هذه الفرضية وبيّن أن ذرات الهيدروجين لها وزن ذرّي أكبر من الهيليوم وهذا هو تفسير غياب ذرّات الهيدروجين بعد تحلّلها إذ أنها تتحول لهيليوم، وهذه الفرضية تقول إن الشمس قادرة على الإشعاع لعدّة مليارات من السنين.
بعده قام "إدينغتون" بتطوير فرضية تقول إن إصطدام ذرّات الهيروجين داخل الشمس يؤدي لتحوّلها إلى هيليوم وإطلاق طاقة كبيرة. يتم إندماج ذرّتي هيدروجين مع بعض لتكوين ذرّة هيليوم واحدة ويترافق ذلك مع تحرير الطاقة الكامنة في ذرتيّ الهيدروجين. فرضيات اليوم لإشعاع بعض النجوم الأخرى تتضمن تفاعلات ذرية أخرى إضافة للهيدروجين كذرات الكربون والنيتروجين والأكسجين بعملية تسمى دورة كربون-نيتروجين-اوكسجين ”CNO cycle“. أمّا داخل الشمس فيبدو أن فرضية اندماج الهيروجين هي السائدة.
فيديو: الأندماج الهيدروجيني:
http://y2u.be/VLwp0xjSifs
أين الدليل على صحة هذه الفرضية؟
في العلم الحديث، تطوير النظرية يؤدي إلى نشوء توقعات داعمة أو مخالفة لها ويتم ذلك بأدلة مشاهَدة أو محسوسة من خلال تجارب مخبريّة مخصصة لنقد هذه الفرضيات. فهل فرضية إندماج الهيدروجين صحيحة؟ بقول فرضية اندماج الهيدروجين أن هناك نيوترونات تتكون أثناء التفاعل وهذه النيوترونات (المتعادلات) يمكن احساسها بمجسّات خاصة على الأرض. ولكن هذه النيوترونات (المتعادلات) الشمسية صعبة التتبّع على الأرض لكونها ضعيفة التفاعل مع المواد الأخرى على سطح الأرض! معظم هذه النوترونات تعبر أجسامنا وتعبر الأجسام الأخرى على الأرض بدون عوائق ولا تترك اثراً يُذكر.
خلال ستينيات القرن المنصرم قام بعض العلماء بدراسة النيوترونات الشمسية وتفاجأوا بقلّة عددها مقارنة بما كانوا يتوقعون. هذه النتيجة أثارت دهشة العلماء وحيرتهم في آن معاً. بعضهم قال إن نظرية إنشطار واندماج الهيروجين ليست صحيحة فيما يتعلق بالتفاعلات على سطح الشمس. بعدها بعدّة سنوات (في تسعينيات القرن العشرين) قام مرصد "كاميوكاندي" العملاق في اليابان بدراسة نظرية التذبذبات وكيفية اكتشافها وكانت نتائج هذا البحث مدعّمة لفرضية الإندماج الهيروجيني حيث تمّ محاكاة هذه العملية في مفاعل كبير ونتج عن هذا التفاعل سلسلة من إندماجات ذرّات الهيدروجين مع إطلاق إشعاع قوي ولكن بقي تفسير غياب النيوترونات (المتعادلات) غامضاً حتى جاء "فلاديمير غريبوف و برونو بونتيكورفو" بتفسير لهذا الغموض. كان تفسير يقول إن هذه النيوترونات (المتعادلات) تتذبذب جيئةً وذهاباً بين مستويات طاقة مختلفة وهذا كان سبب صعوبة إكتشافها وتقدير تأثيرها الفعلي على سطح الأرض باستخدام المجسات. في الحقيقة ما زالت كل الفرضيات عاجزة نسبياً عن تفسير الإندماج الهيدروجيني على سطح الشمس من ناحية تطبيقية مخبرياً ولكنها في أقل تقدير صالحة نظرياً حتى الآن كتفسير مقبول في الأوساط العلمية على ما يحدث من تفاعلات داخل الشمس. إكتشاف جديد تم في مرصد "بوروكسينو" في إيطاليا مؤخراً وتم نشر نتائجه في مجلة الطبيعة الشهيرة (Nature) ويقول بأنه تم إكتشاف النيوترونات الشمسية ذات الطاقة القليلة وهذا أدّى إلى سّد الفراغ العلمي في نظرية الإندماج الهيدروجيني.
هذه الدراسات زادت فهمنا لما يتم داخل النجوم وكيفية إطلاقها للإشعاع والضوء ويساعد على فهم ودراسة تكوّن النجوم والكواكب. الفيزيائي الشهير "كارل ساغان" يقول "ما نحن كبشر إلّا أجسام نجميّة مصغرة" نظراً لتكوّن الأرض وحتى أجسامنا من نواتج التفاعلات على سطح النجوم المختلفة.
حالياً تحظى فرضية الإندماج الهيدروجيني بقبول واسع في الأوساط العلمية خاصة بعد نتائج مرصد "بوروكسينو " في ايطاليا والتي سدّت نقص الفرضية السابق فيما يتعلق بالنيوترونات (المتعادلات). هذه النظرية بالإضافة لنظرية الإنفجار العظيم تعدّ الدعائم الرئيسة لدراسة علم وتاريخ الكون والنجوم.
ترجمة: Ahmad Mayyas
تدقيق: Islam I. Omari
المصدر: space.com
رابط المقال بالانجليزية:http://goo.gl/2RwVAO
نشر في 03 أيلول 2014