Facebook Pixel
تخزين البيانات في الحمض النووي يُدخِل الطبيعة إلى الكون الرقمي
1219 مشاهدة
2
0
Whatsapp
Facebook Share

نحن لن نتوقف عن إلتقاط الصور وتسجيل الأفلام، ولذلك فنحن بحاجة إلى تطوير طرق جديدة لحفظ البيانات بطريقة فاعلة، ولكن مثل ماذا هذه الطرق؟

"نحن لن نتوقف عن إلتقاط الصور وتسجيل الأفلام، ولذلك فنحن بحاجة إلى تطوير طرق جديدة لحفظ البيانات بطريقة فاعلة"
ولكن مثل ماذا هذه الطرق ؟ تعالوا معنا في هذا المقال للتعرف على مشروع تخزين المعلومات في الحامض النووي DNA!

تخزين البيانات في الحمض النووي يُدخِل الطبيعة إلى الكون الرقمي.

تقوم البشرية بإنتاج البيانات بمعدل لا يمكن تخيله، لدرجة أن تكنولوجيات التخزين الحالية لا يمكن أن تواكب هذا الانفجار المعلوماتي. ففي كل خمس سنوات، تزداد كمية البيانات التي ننتجها 10 أضعاف، بما في ذلك الصور ومقاطع الفيديو. ليس كل ما ذُكر يحتاج إلى تخزين، ولكن الشركات المختصة في تخزين البيانات لا تنتج محركات أقراص صلبة ورقائق فلاش سريعة بما فيه الكفاية للاحتفاظ بما نريد. وبما أننا لن نتوقف عن إلتقاط الصور وتسجيل الأفلام، فنحن بحاجة إلى تطوير طرق جديدة لحفظ تلك البيانات بطريقة فاعلة.

ينمو الطلب على تخزين البيانات بشكل كبير(16 زيتابايت zettabytes في عام 2017)، ولكن السعة التخزينية لوسائط التخزين الحالية غير مواكبة لهذا النمو المتواصل. يتم حاليًّا تخزين معظم البيانات في العالم على وسائط تخزين مغناطيسيّة أو ضوئيّة، وعلى الرغم من التحسينات على الأقراص الضوئيّة، إلّا أنّ تخزين زيتا بايت من البيانات ما يزال يتطلّب عدّة ملايين من الوحدات التخزينيّة، وسيشغل حيّزا ماديا كبيرا. إذا أردنا الحفاظ على بيانات العالم، فنحن بحاجة إلى تحقيق تقدّم ملحوظ في كثافة التخزين والديمومة.

طوّرت الطبيعة على مدى آلاف السنين وسيلة تخزين معلومات لا تصدق إنها الحمض النووي. تطور الحامض النووي ليقوم بتخزين المعلومات الوراثية، و بناء البروتينات، ولكن مع كل هذا يمكن للحمض النووي أن يُستخدم لأغراض أخرى كثيرة. كما أن الحمض النووي يعد أكثر كثافة من وسائل التخزين الحديثة: حيث يمكن للبيانات المخزنة على مئات آلاف أقراص DVD الرقمية أن تخزن داخل حزمة حامض نووي بحجم علبة أعواد الثقاب. كما أن للحمض النووي خاصية الديمومة- دائم لآلاف السنين (تصل حتّى 1 exabyte للمليمتر مكعب الواحد فضلًا عن كونها ذات ديمومة عالية (عمر النصف له أكثر من 500 عام).- عكس الأقراص الصلبة اليوم، والتي قد تستمر سنوات أو عقود على أحسن تقدير. وبينما أصبحت صيغ الأقراص الصلبة ومعايير الاتصال قديمة وقد عفا عليها الزمن، فالحمض النووي ليس كذلك بالمرة، على الأقل طالما لا تزال هنالك حياة.

فكرة تخزين البيانات الرقمية في الحمض النووي مطروحة منذ عدة عقود، ولكن العمل المشترك الأخير بين جامعة هارفارد والمعهد الأوروبي للمعلوماتية الحيوية أظهر أن التقدم في أساليب الحديثة للتلاعب بالحمض النووي يمكن أن تجعل من الأمر ممكنا وعمليا في ذات الوقت هذه الأيام. وتعمل العديد من المجموعات البحثية، بما في ذلك في إيث زيوريخ، وجامعة إلينوي في أوربانا شامبين وجامعة كولومبيا على هذه المسألةه. لدينا مجموعة خاصة في جامعة واشنطن ومايكروسوفت تحمل الرقم القياسي العالمي لكمية البيانات المخزنة والمسترجعة بنجاح في جزيء الحمض النووي والتي يبلغ حجمها حوالي 200 ميغا بايت.

-إعداد البتات لتصبح ذرات.

تخزن وسائل الإعلام التقليدية مثل محركات الأقراص الصلبة، محركات USB أو أقراص الفيديو الرقمية DVDs البيانات الرقمية عن طريق تغيير إما الخصائص المغناطيسية والكهربائية أو البصرية للمادة لتخزين 0S و 1S.
لتخزين البيانات في الحمض النووي، يعد المفهوم هو نفسه، ولكن العملية مختلفة. جزيئات الحمض النووي هي متواليات طويلة من الجزيئات الصغيرة، تسمى النيوكليوتيدات - الأدينين، السيتوزين، الثيمين و الغوانين، التي عادة ما تسمى اختصارا بـ A، C، T G. بدلا من إنشاء تسلسل من 0s و 1s، كما هو الحال في الوسائط الإلكترونية، يستخدم تخزين الحمض النووي تسلسل النيوكليوتيدات المذكور آنفاً.
هناك عدة طرق للقيام بذلك، ولكن الفكرة العامة هي تعيين أنماط البيانات الرقمية إلى النيوكليوتيدات الحمض النووي. على سبيل المثال،
00 يمكن أن تكون مكافئة لـ A
01 مكافئة لـ C ،
10 إلى T
و 11 إلى G.
لتخزين صورة، على سبيل المثال، نبدأ مع ترميزها كملف رقمي، مثل صيغة JPEG. هذا الملف، في جوهره، هو سلسلة طويلة من 0s و 1s. لنفترض أن البتات الثمانية الأولى من الملف هي 01111000؛ نجزئها إلى أزواج - 01 11 10 00 - والتي تتوافق مع الترميز النووي C-G-T-A. هذا هو الترتيب الذي نتبعه مع النيوكليوتيدات لتشكيل شريط الحمض النووي.
يمكن أن تكون ملفات الكمبيوتر الرقمية كبيرة جدا - حتى تيرابايت مخصصة لقواعد البيانات ذات الحجم الكبير. عليه فيجب أن تكون شرائط الحمض النووي الفردية أقصر بكثير - تحفظ فقط حوالي 20 بايت لكل منهما. وذلك لأنه كلما كان شريط حمض النووي أطول، كلما كان بناؤه الكيميائي أصعب.
لذلك نحن بحاجة إلى تقسيم البيانات إلى قطع أصغر، وإضافة مؤشر لكل واحدة حسب التسلسل. عندما يحين الوقت لقراءة المعلومات المخزنة في الحمض النووي، فإن هذا المؤشر يضمن بقاء جميع قطع البيانات في ترتيبها الصحيح.
الآن لدينا خطة لكيفية تخزين البيانات. بعد ذلك علينا أن نطبق ذلك فعلياً.

- تخزين البيانات

بعد تحديد الترتيب الذي يجب أن تأخذه الأحرف، حيث يتم تصنيع تسلسل الحمض النووي حرفا حرفا مع تفاعلات كيميائية. هذه التفاعلات تحدث في معدات التي تضع كل من A، C، G و T في زجاجات و تمزجها في محلول سائل مع المواد الكيميائية الأخرى للسيطرة على التفاعلات التي تحدد ترتيب شرائط الحمض النووي الجسمانية.
هذه العملية تجلب لنا فائدة أخرى من تخزين الحمض النووي: نسخ احتياطية. بدلا من صنع شريط واحد في وقت واحد، تصنع التفاعلات الكيميائية العديد من الفروع المتطابقة في ذات الوقت، وذلك قبل الإستمرار في صنع العديد من النسخ في الشريط التالي في هذه السلسلة.
بعدما تم إنشاء شرائط الحمض النووي، نحن بحاجة إلى حمايتها من الأضرار الناجمة عن الرطوبة والضوء. لذلك نقوم بتجفيفها ووضعها في وعاء حافظ يبقيها باردة ومحجوبة عن الماء والضوء.
ولكن لا تكون البيانات المخزنة مفيدة إلا إذا استطعنا استرجاعها لاحقا.

-استرداد البيانات المخزنة مرة أخرى.

لقراءة البيانات مرة أخرى من التخزين، نستخدم آلة التسلسل تماما مثل تلك المستخدمة لتحليل الحمض النووي الجيني في الخلايا. هذا يحدد الجزيئات، مولداً تسلسل حرفي لكل جزيء، والذي من تم نقوم بفك شفرته إلى تسلسل ثنائي من 0S و 1s في الترتيب. هذه العملية يمكن أن تدمر الحمض النووي حال القراءة - ولكن هنا يأتي دور النسخ الاحتياطية: فهناك العديد من النسخ من كل تسلسل.
وإذا تم استنفاذ النسخ الاحتياطية، فمن السهل إجراء نسخ مكررة لإعادة ملء التخزين - تماما كما تنسخ الطبيعة الحمض النووي دائما.
في الوقت الراهن، فإن معظم أنظمة استرجاع الحمض النووي تتطلب قراءة جميع المعلومات المخزنة في حافظة معينة، حتى لو كنا نريد فقط كمية صغيرة منه. يشابه هذا قراءة قرص صلب كامل مليء بالمعلومات فقط للعثور على رسالة بريد إلكتروني واحد. لذا فقد قمنا بتطوير تقنيات - مبنية على أساس طرق كيمياء حيوية مدروسة بعناية - والتي تتيح لنا تحديد وقراءة أجزاء محددة فقط من المعلومات المخزنة والتي يحتاج المستخدم لاسترجاعها من تخزين الحمض النووي.

-بعض التحديات المتبقية.
في الوقت الحاضر، لا زال التخزين داخل الحمض النووي تجريبياً. قبل أن يصبح شائعا، فإنه يحتاج إلى أن تكون مؤتمتاً بالكامل، كما يجب تحسين عمليات كل من بناء الحمض النووي وقراءته. فهما على حد سواء عرضة للخطأ وبطيئتان نسبيا. على سبيل المثال، تركيب DNA اليوم يتيح لنا فقط كتابة بضع مئات من البايتات في الثانية الواحدة؛ في الوقت الذي يمكن للقرص الصلب الحديث كتابة مئات الملايين من وحدات البايت في الثانية الواحدة. فعلى سبيل التوضيح سوف يستغرق متوسط ​​تخزين صورة إيفون عدة ساعات في الحمض النووي، على الرغم من أنها تستغرق أقل من ثانية لحفظها على الهاتف أو نقلها إلى جهاز كمبيوتر.
كما أن هذه العملية ليست قليلة التكلفة، فتكلفة تجربة معهد «فنتر» وصلت إلى نحو 40 مليون دولار، أما تجارب المعهد السويسري فتُقدَّر تكاليفُ ترميزها بنحو 18 دولارًا لكل كيلوبايت، دون أن يشمل ذلك تكاليف تخزين البيانات واسترجاعها. ولا ريب أننا سننتظر مدة قبل أن نرى كيف ينافِسَ سعرُ هذه الطريقة التكلفة الحاليَّة التي تبلغ 0.03 من الدولار لكل جيجابايت لدى التخزين على الوسائط المغناطيسية والبصرية.. وهي تكلفة ما زالت تنخفض كل يوم.
وهذه تحديات كبيرة بلا شك، ولكننا متفائلون لأن جميع التكنولوجيات ذات الصلة تتحسن بسرعة. وعلاوة على ذلك، فإن تخزين بيانات الحمض النووي لا يحتاج إلى الدقة الكاملة التي يتطلبها علم الأحياء، لذلك من المرجح أن يجد الباحثون طرق أرخص وأسرع لتخزين المعلومات في أقدم نظام تخزين البيانات في الطبيعة.
___________________________
ترجمة: Omar Almay
تعديل الصورة: Amjed Khrwat
حقوق الصورة: : DNA ymgerman/Shutterstock.com
المصدر: https://goo.gl/f1ZPMr

#النادي_الليبي_للعلوم
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع