ماذا تعرف عن قردة البونوبو؟

إكتشف العلماء أن قردة البونوبو يُماثلون البشر جينيًا بنسبة 98.5% فماذا تعرف عنهم؟

في وسط أحد الأماكن الأقل استكشافًا على سطح الكوكب، يمكنك أن تلقِ نظرة على أقرب ابن عم للإنسان.
يُعتقد أن البونوبو من المُحتمل أن تكون الحيوانات الوحيدة التي تقوم بحسم صراعاتها من خلال ممارسة الجنس، وليس العنف. وفي الحقيقة، يُعتقد أيضًا أنهم من ضمن الحيوانات الوحيدة، بالإضافة للبشر، الذين يمارسون الجنس من أجل المتعة، وليس فقط من أجل التكاثر.
كما أن البونوبو، يُدعون غالبًا بـ"القردة الشّهوانية"، ويُماثلون البشر جينيًا بنسبة 98.5%.
قام برنامج Nightline برحلة شاقة للغاية إلى قلب الكونغو لمقابلة بيلا إزيا إنوجوابيني (Bila-Isia Inogwabini) ، الذي يُلقّب بـ"إِنو"، ويعمل كباحث في منظمة الصندوق العالمي للحياة البرية (World Wildlife Fund) الذي يعمل على نظرية مثيرة للجدل، ألا وهي أن هذا المكان هو بداية ظهور الإنسان على سطح الأرض.
ويُنسب لإِنو اكتشاف مُدهش؛ مجموعة من البونوبو النادرة للغاية، البالغ عددها 2000، يعيشون ضمن نطاق واسع بالأدغال الأفريقية. فيمثّل هذا الاكتشاف تقدّمًا عظيمًا، نتيجة خوف البعض من أن هذا النوع مُتجه نحو الانقراض. ويقول إِنو: "لم يعلم العالم بوجودهم". وكنّا نحن أول صحفيّين دوليّين يصطحبهما إِنو لرؤيتهم.
لكن لم يكن الأمرُ سهلاً. حيث ولمُدة ثلاثة أيام، قد قُمنا بشق طريقنا خلال ما يُقارب 20 ميلاً داخل غابة حارّة ومُظلمة، مُهدّدين من قِبَل النمل اللّاحم والنحل الدّؤوب بشكل لا يصدّق.
لطالما كنا ننطلق قُبيل الفجر. ولكن عندما اقتربنا أخيرًا، كان الأمر مثيرًا جدًا.
فأولًا، سمعنا أصوات البونوبو أثناء اجتيازها للأشجار. ومن ثَمّ سمعنا أصواتهم، التي بدت كموسيقى تصويرية في فيلم رعب. وأخيرًا عندما قمنا برؤيتهم، بدوا وكأنهم رجال كهوف بهلوانيين.
تشكّلت أسطورة رومانسية حول البونوبو، نوع أُعتقد أنه مُسالمٌ أكثر من الشمبانزي، والذي يمكن أن يكون عنيفًا وشرسًا.
يُفسّر إِنو: "تميل قردة البونوبو إلى فَضّ مشاكلها عن طريق ممارسة الجنس، بدلًا من اللجوء للعنف."
وهذا صحيح، فتقوم هذه القردة بحسم خلافاتها حول الطعام والأقاليم التي تسيطر عليها ليس بواسطة العُنف، بل بممارسة الجنس.
بالإضافة إلى البشر، فهم الحيوانات الوحيدة التي يمكن أن تمارس الجنس بغرض المُتعة، وليس التكاثر. يقول إِنو: "وهذا السلوك يجعلهم أقرب لنا من أي نوع آخر من الثدييات".
كما تقوم قردة البونوبو بممارسة الجنس الجماعي، الجنس المثلي، الجنس الفموي، ووجهًا لوجه (Face-to-face sex). بل وذُكر أيضًا أنهم يتبادلون القُبل الفرنسية (French kiss).
يعتقد العديد من الناس أن السبب الذي يجعل البونوبو مُسالمين للغاية -بالإمكان رؤيتهم يعتنون ببعضهم البعض- هو أن مجتمعهم تحكمه الإناث.
أما الآن، مع ذلك، فتلك الحيوانات الرائعة مُعرضة للخطر. فحظهم السيء جعلهم يتواجدون في بلدٍ واحدة فقط، وهي الكونغو الفقيرة المنكوبة التي بلا قانون، حيث يصطادهم الصيّادون من أجل الغذاء. فيقول إِنو: "إنهم يُعتبرون طعامًا شهيًا في بعض المحافظات في الكونغو."
قد زُرنا ملجأ أصدقاء البونوبو في الكونغو المعروف بـ لولا يا بونوبو (Lola Ya Bonobo) حيث كل حيوان تقريبًا قُتل أبويه بواسطة الصيادين. وبدوا لطيفين وعطوفين لدرجة كبيرة. وسُمح لنا حتى بالتفاعل مع الأطفال. كان صغار البونوبو مَرِحين، لكنهم غير مُحصّنين نفسيًا، وتم منحهم أمهات بديلة. قال أحد العاملين: "وتُنشئ الأمهات البديلة علاقات مع الحيوانات، لأن الأطفال لا يستطيعون أن يعيشوا بدون أمهاتهم."
قال إِنو، عندما كنا في الغابة، أنه رأى البونوبو تسلك سلوكًا شبيهًا جدًا بالإنسان، وقد رآهم يبكون أيضًا. ولكن ربما ما يشبهوننا فيه كثيرًا هو قدرتهم على المشي بانتصاب، والذي حثّ إِنو على تقديم نظريته الراديكالية.
إن قردة البونوبو التي اكتشفها هي الوحيدة التي تسكن في منطقة تُعدّ خليطًا من الغابة والسافانا أي السهول الأفريقية. وهذا يُجبرهم على المشي مُنتصبين أكثر مما يفعلون في الغابة. وهو ما جعل إِنو يظن بأن هذا المناخ هو الذي تسبّب في نشأة الإنسان. حيث يقول: "إنني أشعر حقًا بأن الناس قد تطوّروا من هذا المكان، وهذا ادّعاءٌ كبيرٌ، أجل، أتفهم ذلك، ولكنني أعتقد حقًا بأنه جديرٌ بالاطلاع".
النظرية السائدة الآن بين العُلماء هي أن البشر الأوائل تطوّروا بعيدًا عن الكونغو بآلاف الأميال، في أفريقيا الشرقية. والخبراء الذين قُمنا بمناقشة نظرية إِنو معهم استبعدوها تمامًا.
يقول إِنو: "قد لا يؤخذ كلامي على محمل الجدّ، لكنني أؤمن في غضون 15 أو 20 عامًا بعد اليوم، هذا الادّعاء يمكن أن تُثبت صحته."
وعلى الأقل، نظريته قد تجذب انتباهنا أكثر نحو البونوبو، ويمكن لها أن تُعلّمنا المزيد حول حسم الصراعات.

إعداد وتصميم: Waleed Adel