Facebook Pixel
0
0
Whatsapp
Facebook Share

الخلفية التاريخية ومجريات الأحداث لكي نفهم جيدا أحداث الأرمن لا بد أن نعلم ماذا حدث قبل 24 أبريل سنة 1915. وكانت سنة 1914 هي السنة التي أعدت فيها نظريات وخطط من قبل الدول الإمبريالية لإزالة الدولة العثمانية المسماة آنذاك بـ "الرجل المريض" من مشهد التاريخ

حقيقة مذابح الارمن
الخلفية التاريخية ومجريات الأحداث لكي نفهم جيدا أحداث الأرمن لا بد أن نعلم ماذا حدث قبل 24 أبريل سنة 1915. وكانت سنة 1914 هي السنة التي أعدت فيها نظريات وخطط من قبل الدول الإمبريالية لإزالة الدولة العثمانية المسماة آنذاك بـ "الرجل المريض" من مشهد التاريخ. وكانت لهذا المريض الذي سيموت قريبا تركته التي يعملون على تقسيمها. فالقوى الإمبريالية كانت بحاجة إلى عناصر جانبية مساعدة للإطاحة بهذا المريض من الداخل. كان ذلك العنصرالمساعد هو ليس إلا عصابات الأرمن التي كانت تحلم آنذاك بإقامة دولة أرمنية مستقلة، وأصبحت الفرصة سانحة بعد بدء الحرب العالمية الأولى لتحقيق مآرب الأرمن وتحقق على حساب اراضي الاتراك في معاهدة سيفر.
وفي الوقت الذي كانت جيوش الدولة العثمانية تحارب في عدة جبهات حارب الأرمن في جبهة القوقاز إلى جوار الروس ضد جيش الدولة العثمانية وقاموا أيضا بالتمرد والعصيان داخل الوطن مما أشغل قوات الأمن بالأحداث الداخلية. ووصل عدد المتطوعين المسلحين الأرمن من رعايا الدولة العثمانية الذين حاربوا ضد دولتهم إلى جوار الروس 10 آلاف إضافة إلى هؤلاء المتطوعين فتقدر مصادر أجنبية عدد المحاربين الأرمن النظاميين داخل الجيش الروسي بـ 150 ألف مقاتل، والبعض يقدّر هذا العدد بـ 300 ألف. وكما أقر بعض الكتاب الأرمن فإن الأرمن أصبحوا طرفا بل حليفا صغيرا في صفوف الحلفاء في الحرب العالمية الأولى.
وخلال الحروب الروسية العثمانية,كان الارمن منحازين الى الروس.فقاموا بدعمهم ضد العثمانيين المسلمين.فعلى سبيل المثال كانت المدينة العثمانية دربند تحت الحصار الروسي عام 1796م، فأرسل سكانها الأرمن إلى الغزاة الروس معلومات عن مصادر الإمداد المائي للمدينة، مما أتاح للروس أن يهزموا حاكم المدينة العثماني كما ارسل رئيس اساقفة الارمن ويدعى أرجوتنسكي دولجوروكوف إلى المسئولين الروس يشجعونهم فيها على الاستيلاء على المناطق التي يحكمها المسلمون وإنقاذ الأرمن من اضطهاد المسلمين وعانى المسلمون العثمانيون في منطقة باتوم التي استولى عليها الروس، فقد قاموا بمعاونة الأرمن بابتزاز المال والممتلكات الشخصية، وحرموا المسلمين من جوازات السفر، وأصبحت باتوم -كما يقول القنصل البريطاني في تفليس " مسرحًا جماعيًّا للظلم والسلب والنهب"
كانت الأحزاب الأرمنية الثورية كما يقول جستن مكارثي مستعدة للتضحية بأرواح أرمنية أو مسلمة في سبيل تحقيق أهدافها، كان المخطط العام لخطتهم محاكاة الانتفاضة البلغارية الناجحة عام 1876م، وتحريض أرمن محليين على مهاجمة مسلمين، أو القيام بذلك بأنفسهم، محرضين بذلك على قتل الأرمن، مما سيؤدي إلى تدخل أوروبي لمصلحة قيام دولة أرمنية.ويؤكد هذا الواقعة التالية فقدأخبر أحد الثوريين الأرمن الدكتور هاملِن مؤسس الجامعة الأمريكية في تركيا، بأن عصابات الهشنق الأرمنية تنتظر فرصتها لقتل أكراد وأتراك، وإشعال النار في قُراهم، ثم تفر إلى الجبال. سوف يثور المسلمون الغاضبون بعدها ويهاجمون الأرمن العُزّل ويقتلونهم بطريقة وحشية لدرجة أن روسيا ستتدخل باسم الإنسانية والحضارة المسيحية. وحينما شجب المبشر المذعور المخطط لأنه شنيع وشيطاني أكثر من أي شيء عرفه، تلقى هذا الرد:
" هكذا يبدو الأمر لك، من غير ريب، لكننا قررنا نحن الأرمن أن نصبح أحرارًا، أصغت أوروبا إلى الأهوال البلغارية وجعلت البلغار أحرارًا. سوف تصغى إلى صيحتنا حين تدخل في صيحات ودماء ملايين النساء والأطفال، نحن يائسون، سوف نفعلها"

لم يكتف الأرمن بتقديم مساعدات للروس للاستيلاء على مدينة "وان" بل قاموا بقتل عشرات الآلاف من المسلمين المدنيين من الشيوخ والنساء والأطفال فيها. فالوثائق العثمانية تثبت أن الأرمن قاموا في تلك الفترة بمجزرة حقيقية وإبادة ممنهجة بلغت ضحاياها أكثر من نصف مليون مسلم من الأتراك والأكراد والعرب من رعايا الدولة العثمانية آنذاك.
نظم الارمن عصابات وانضم 30000 رجل مسلح من سيواس الى الارمن في مسعاهم لاسقاط الحكومة العثمانية.فهاجموا مراكز الدرك(الشرطة) وسكك الحديد وقتلوا العديد من المسلمين.يعقب جستن مكارثي قائلًا: "من أجل فهم التسلسل الزمني للمجازر والمجازر المقابلة في المنطقة، يجب إدراك أن هذه النشاطات الثورية وغيرها (يقصد اعتداءات الأرمن) جرت قبل إصدار أي أوامر بترحيل الأرمن بمدة طويلة بدأت الثورات والهجمات على القوات العثمانية في وان وزيتون وموش والرشادية وكواش ومدن وبلدات أخرى، قبل صدور أوامر العثمانيين بالترحيل .
أما رد فعل العثمانيين على هذه المذابح، والذي يتخذ منه أعداء الإسلام دليلًا على دموية "الخلافة الإسلامية"، متمثلة في الدولة العثمانية، وقد غفلوا أن ما حدث -إن افترضنا صحته- قد وقع خلال حكم الاتحاديين العلمانيين، بعد أن انقلبوا على الخليفة عبدالحميد الثاني عام 1908م، وجعلوا الخلافة مجرد سلطة روحية، ما لبثوا أن ألغوها تمامًا وعزلوا الخليفة العثماني، وطردوا أفراد الأسرة العثمانية خارج البلاد.
فقام العثمانيون بعزل العصابات عن الدعم المحلي بالتخلص من المناصرين المحليين. لقد أدرك العثمانيون أن الثوار الأرمن يتلقون دعمًا مطلقًا من القرويين الأرمن ومن أرمن المدن الشرقية التي كانت موطنًا لزعماء ثورتهم، لذلك قرر العثمانيون اتخاذ إجراء جذري: نزوح قسري للسكان الأرمن من المناطق العسكرية الفعلية أو المحتملة.ويقول مكارثي إن نيات إسطنبول واضحة: نقل وإعادة توطين الأرمن سلميًّا، ويقول إن الوثائق العثمانية الوحيدة التي يمكن التحقق منها بهذا الشأن تدل على اهتمام رسمي على الأقل بالنازحين الأرمن، فقد كُتبت الإجراءات المفصلة في إسطنبول وأُرسلت إلى الأقاليم، وشملت بيع بضائع اللاجئين، وتوطين اللاجئين في مواقع اقتصادية مشابهة لتلك التي تركوها، وتعليمات بشأن الصحة وتطبيق القوانين الصحية، وما شابه ذلك.ويقول مكارثي إن قرار إجبار الأرمن على الرحيل صحيح باللغة العسكرية المحضة، لكنه سبَّب متاعب ووفيات كبيرة بينهم، وهذا يبعث على الأسى. ومع ذلك أدى القرار إلى النتيجة المرجوة: تضاءلت هجمات الثوريين الأرمن وتقهقرت العصابات الأرمنية على نحو فوضوي وخربوا المناطق التي كانوا يحتلونها وقتلوا مسلميها وارتكبوا الفظائع؛ فقد جاء في تقرير القائد العثماني وهيب باشا أن الأرمن قتلوا كثيرًا من المسلمين وألقوا بجثث بعضهم في الآبار، وأحرقوا جثثًا أخرى، ومثّلوا ببعض الجثث، وشقّوا بطون المسلمين في المسالخ، ومزقوا أكبادهم ورئاهم، وعُلقت النساء من شعورهن بعد أن كن عرضة لجميع الأفعال الشيطانية، وغير ذلك
بينما كان معظم القتلى من الأرمن كان في الجبهات الروسية أثناء محاربتها ضد الدولة العثمانية. وكذلك مات عشرات الآلاف من الأرمن أيام الحرب بسبب الأمراض المعدية والبرد القارس والجوع شأنهم في ذلك شأن باقي الضحايا من رعايا الدولة العثمانية أيام الحرب. وعلى سبيل المثال يبلغ عدد الضحايا الأرمن في الأراضي الروسية وحدها بسبب الظروف الصعبة 40 ألف. أما عدد الأرمن الذين قتلوا من جراء اعتداء بعض العشائر فهو في حدود 10 آلاف أرمني. وبكلمة فإن جملة ضحايا ألارمن هي في حدود 150 ألف أرمني، وكما أفاد الاستخباراتيون الروس فإن الأرمن يضيفون إلى هذا الرقم صفرا آخر ليرتفع ضحاياهم إلى 1.5 مليون.
وقد سلم بهذه الحقيقة الناشر الأرمني أرشاق جوبانيان حيث قال: "لا محالة من المبالغات في مثل هذه الأزمات ولكنه ليس من الصواب بأن ندعي بأنه تم إبادة الأرمن في تركيا"
هنا لا بد وأن نستمع إلى ما قاله مصطفى كامل باشا المصري في كتابه المسمى بـالمسألة الشرقية الذي نشر في مصر سنة 1909، وقد خصص فصلا للمسألة الأرمنية في الجزء الثاني (ص 176-250) حيث يلقى اللوم على إنكلترا في كل ما حدث ويشرح نواياها السيئة قائلا: "إن انكلترا تريد هدم السلطنة العثمانية وتقسيم الدولة العلية ليسهل لها امتلاك مصر وبلاد العرب وجعل خليفة الاسلام تحت حمايتها وآلة في يدها."
وكانت انكلترا بحاجة إلى عنصر داخلي لتحقيق مآربه فكانت الضحية هم الأرمن، إذ يقول مصطفى كامل باشا في هذا الشأن ما نصه: "ورأى العالم هذه الطائفة التي كانت تعيش في بحبوحة السعادة والرفاهية والتي كان يسميها العثمانيون بالملة الصادقة والتي لها في مناصب الحكومة والادارات وفي التجارة والصناعة الشأن الأول تثور ضد الدولة العلية."
ويقول عن دسائس الانكليز في مكان آخر: "ولكن انكلترا اشتهرت بأنها لا تقف أمام عائق لبلوغ غايتها وإدراك بغيتها فقد سلّحت الأرمن البروتستانت وألقت عليهم التعليمات بإحداث هيجان عام في كافة أنحاء المملكة العثمانية والاعتداء على المسلمين في كل بلد عثمانية ووعدتهم بالمساعدة والتداخل وإيجاد مملكة أرمنية مستقلة."
وفيما يخص قلب الحقائق والقيام بالدعاية ضد الدولة العثمانية يقول: " الحقائق تنشر في أوروبا مقلوبة وطالما اعتدى المسيحيون على المسلمين ادعت جرائد أوروبا أن المسلمين هم المعتدون وأنهم وحدهم المقترفون لكل الآثام. وكان الانكليز يعلمون أيضا أن تداخل أوروبا في مسائل تركيا وتحزبها ضدها يملآن قلوب المسلمين غلا وكراهة ضد المسيحيين ويشجعان المسيحيين على الاستمرار في خطتهم الثورية فيزداد بذلك البلاء ويعم الدمار والفناء وتنزل المصائب على تركيا وتحل البلايا بالسلطنة العثمانية." وينقل فيما يخص فبركة الأحداث عن الكاتب الفرنسي الفيكونت دي كورسون ما نصه: "والواقف على مسألة الأرمن بحذافيرها يتحقق لديه أنه ما من حادثة وقعت في البلاد التي اصطلح الانكليز على تسميتها بأرمينيا الا وتكون الجرائد الانكليزية في لندن قد أنبأت بها قبل حدوثها بزمن طويل جدا فتراها تبين لقرائها نوع الحادثة التي ستقع ومكان وتاريخ وقوعها كما فعلت في حادثة وادي (تالورى) ولا يجدر بالعاقل أن يتخذ هذا الأنباء بالمستقبل ضربا من ضروب التبصر الذي امتازت به الجرائد الانكليزية بل لا بد أن يذهب في تفسير معماه إلى ما فسره به من قال أن الثورة الأرمنية أشبه شيء ببضاعة جهزها الانكليز في مجتمعاتهم السياسية وأخذوا في تصديرها حسب الطلبات إلى جهات معلومة."
عبرات تاريخية
نشر في 23 نيسان 2015
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع