Facebook Pixel
رواية قلب حبيبي
2222 مشاهدة
1
0
Whatsapp
Facebook Share

وضعت قلبه فى وعاء جديد ، يحوى مادة حافظة ، ثم وضعته إلى جوار قلوب أحبائى السابقين ، الذين أحببتهم ، خلال الألف عام الماضية

" غدًا عيد الحب ..."
قالها (عماد) حبيبى فى رومانسية شديدة ، قبل أن يتحسَّس شعرى فى رقة ، مستطردًا فى حنان :
ـ ماذا تريدين كهدية لعيد الحب ؟!
أسندت رأسى على صدره ، واستمعت فى استمتاع إلى دقات قلبه ، قبل أن أهمس :
ـ أريد شيئًا واحدًا .
سألنى بكل الحب :
ـ مرينى يا حبيبتى .
اعتدلت ، وأشرت إلى صدره ، مجيبة :
ـ أريد قلبك .
ضمنى إليه فى حب ، وهمس فى أذنى :
ـ هو لك منذ البداية يا عشق روحى .
مرة أخرى أسندت رأسى إلى صدره ؛ لأستمع إلى أحب الأصوات إلى نفسى ...
دقات قلبه ...
قلب حبيبى ...
عدت إلى منزلى فى ذلك اليوم ، وأنا أستعيد كلماته فى سعادة ..
وأستعيد نبضات قلبه ...
غدًا هو يوم سعدى بالتأكيد ...
غدًا عيد الحب ...
وغدًا سأخبره بكل شىء ...
كل شىء ، بلا استثناء ...
رقدت فى فراشى مبتهجة ، أستعيد كل ذكريات عمرى ...
(عماد) ليس أوَّل حبيب لى ...
ولكنه أفضلهم ...
أوَّل حبيب لى كان فارسًا بحق ...
شجاع ...
قوى ...
جرىء ...
ومقدام ...
أحببته بشدة ، وقضيت كل وقتى معه ...
وكانت أمتع لحظات حياتى هى عندما أسند رأسى إلى صدره ...
وأسمع دقات قلبه ...
قلب حبيبى ...
ثم بعده كان حبيب ثان ...
وثالث ...
ورابع ...
أكثر أحبائى حظًّا ، لم يمض معى أكثر من عام ...
ولكن غدًّا تكمل علاقتى بـ (عماد) عام ونصف ...
ألم أقل لكم إنه أفضلهم ؟...
أستلقيت فى فراشى طويلًا ، ولكن النوم أبى أن يزور عينىَّ ...
كنت أفكِّر طوال الوقت ...
وانتظر الغد فى لهفة ...
والدقائق تمر بطيئة ...
والساعات لا تمضى أبدًا ...
ولهذا نهضت من فراشى ، وفتحت دولابى ، وأخرجت كل ثيابى ، وألقيتها على الفراش ؛ لأنتقى منها ثوبًا يناسب الغد ...
ولكنه لم يعد الغد ...
لقد أوشك الفجر أن ينبلج ...
ولكننى حتى لا أشعر برغبة فى النوم ...
فرزت ثيابى ثوبًا بعد الآخر ، وارتديت بعضها ، وتأملت نفسى فيه ، أمام تلك المرآة الطويلة فى حجرة نومى ...
وأخيرًا ، ومع أوَّل ضوء للشروق ، استقر أمرى على ثوب أحمر ، يناسب عيد الحب ...
ويناسب قلب حبيبى ...
شعرت بالارتياح ، عندما حسمت أمرى أخيرًا ، فخرجت إلى الشرفة ، استنشق هواء الصباح النقى ، الذى نادرًا ما يستنشقه المرء فى المدن ...
امتلأت نفسى بالانتعاش ، على الرغم من أننى لم أذق طعم النوم ، وشملنى حماس شديد ، فاتجهت إلى تلك الحجرة الحمراء الخاصة فى منزلى ، وفتحت دولاب تذكاراتى ، ووقفت أتأمَّل ما فيه فى استمتاع ...
كل حبيب ارتبطت به ، حصلت منه على تذكار ...
وأنا أعشق التذكارات ...
أعشقها كتذكارات ...
وكفكرة ...
ترى هل يشاركنى (عماد) هذا الشعور ؟!...
لم أدر لماذا انتبهت ، فى هذه اللحظة فقط ، انتبهت إلى أننى لا أعرف الكثير عن (عماد) ...
عام ونصف ، ولم أعرف عنه إلا أقل القليل ...
الحديث دومًا يدور عنى ...
من النادر أن نتحدَّث عنه ...
وهو لا يتحدَّث عن نفسه أبدًا ...
ولا عن عمله ...
كل ما أخبرنى به ، هو أن عمله يتعلَّق بنوع من الأبحاث العلمية ...
أبحاث الجينات حسبما أذكر ...
ولكنه لم يشرح أبدًا ما يعنيه هذا ...
وحسبما قرأت ، فتلك الأبحاث تتعلَّق بتطوير البشر ، عبر إحداث تغييرات نوعية ، فى جيناتهم الأساسية ...
وبالنسبة لى ، هذا أمر بشع ...
لماذا يسعى الإنسان لتغيير نفسه ؟! ..
لماذا لا يقبل بذاته كما هى ؟! ..
حتى لو أنه يعانى من نقائص ...
أو عيوب ...
أو مشكلات عويصة ...
فهكذا هو ...
فلماذا ؟! ..
لم أكن أميل كثيرًا إلى التعامل مع شبكة الإنترنت ، التى صارت أساسًا من أسس الحياة ، فى هذا الزمن ، إلا أننى قمت بالدخول إليها ، فى محاولة لفهم طبيعة عمل حبيبى ...
ولدهشتى ، كانت شبكة الإنترنت تحوى ملايين المعلومات عن الأبحاث الجينية ، على مستويات عديدة ...
ولم أدر من أين أبدأ ...!!
ثم خطرت ببالى الفكرة ...
فكرة ربط البحث عن الأبحاث باسم حبيبى ...
باسم (عماد) ...
ولقد فعلت ...
وبسرعة ، وجدت بحثًا قام هو بنشره ، منذ أقل من عام ...
بحث لم يخبرنى به قط ...
كان بحثًا علميًّا ، حول إمكانية تفادى عمليات زرع واستبدال الكلى والكبد والقلب ، بالعلاج الجينى المباشر ...
والواقع أنه كان بحثًا شيقًا للغاية ...
ممتاز هو (عماد) هذا ...
استعدت صوت دقات قلبه ، قبل أن أتخذ قرارى ...
وعلى الفور ، نهضت أتصل به ، وما أن سمعت صوته نصف النائم ، على الطرف الآخر للخط ، حتى همست فى نعومة :
ـ صباح الحب يا حبيبى .
شعرت به وكأنه قد وثب من فراشه ، من فرط السعادة ، وهو يهتف :
ـ صباح أجمل حب يا حبيبتى ... حبك .
كدت أسمع صوت دقات قلبه عبر الهاتف ، وأنا أقول فى رقة :
ـ ما رأيك لو نحتفل بعيد الحب فى منزلى هذا العيد ؟!
صمت لحظة ، تخيَّلت معها أنه يلهث من فرط المفاجأة والانفعال ، قبل أن يقول :
ـ أتسالينى عن رأيى ؟! .. إنه حلم عمرى .
قلت بنفس الرقة والنعومة :
ـ سأعد كل شىء ... وسأنتظرك فى الثامنة .
هتف فى حب وحماس :
ـ لن أتأخر ثانية واحدة .
أنهيت الاتصال وأنا أشعر بنشوة عجيبة ، لم أشعر بمثلها منذ سنوات ... وبكل همة ونشاط ، رحت أعد لحفل عيد الحب ...
واخترت اللون الأحمر لكل شىء ...
فكما أعشق التذكارات ، أعشق أكثر اللون الأحمر ...
اخترت مفرشًا أحمر اللون للمائدة ، ووضعت فى الشمعدان شموعًا حمراء ، وقضيت نصف اليوم فى إعداد كعكة من الفراولة ، وضعتها على المائدة ، ثم ارتديت الثوب الأحمر ...
وانتظرت ...
وفى تمام الثامنة ، وصل (عماد) ...
فتحت الباب ، فوجدته يقف مبتسمًا ، وقد أحضر باقة من الورد الأحمر ...
ولكن شيئًا ما فى ابتسامته ، لم يرق لى ...
لم تكن ابتسامة محب ...
بل كانت أقرب إلى ابتسامة ذئب ...
ولكننى تجاهلت هذا ، وأنا أدعوه للدخول ، وتركته يقبل خدى فى رقة ، قبل أن يقول فى لهفة واضحة :
ـ فرحت جدًّ ، عندما اقترحت أن نحتفل بالعيد هنا .
غمغمت فى قلق :
ـ أنت تعلم أننى أقيم وحدى .
مال على أذنى ، هامسًا :
ـ ولهذا فرحت .
عدت أنظر إلى عينيه وابتسامته ...
لقد كنت على حق ...
إنها عيون وابتسامة ذئب ...
ذئب انفرد بفريسته ...
سألته فى قلق :
ـ ماذا يدور فى ذهنك يا (عماد) ؟!
همس فى أذنى ، بصوت كالفحيح :
ـ سأخبرك فى الصباح ... يا حبيبتى .
ارتجف شىء ما فى كيانى ...
لقد فهمت ما يعنيه ...
يا للرجال ...!!
كلهم يحملون الجينات نفسها ...
جينات الغدر ...
حاولت أن أبتسم ، وأنا أقول :
ـ دعنا نأكل كعكة عيد الحب أولًا ، وبعدها سأريك دولاب تذكاراتى .
طبع قبلة ثانية على خدى ، وهو يهمس فى حرارة :
ـ ومتى سترينى كنزك ؟!
قلت فى توتر ، حاولت أن أضفى عليه بعض الصرامة :
ـ تذكاراتى هى كنزى .
راح يغازلنى أثناء تناولنا الكعكة ، وبعدها مال لتقبيلى فى شفتىَّ ، فدفعته بكفى فى رقة ، وأنا أقول :
ـ شاهد تذكاراتى أولًا .
اعتدل مبتسمًا ، وهو يقول :
ـ لا بأس .. دعينا نراها على الفور .
نهضت ، وقدته إلى حجرة تذكاراتى ، وأدهشه بشدة ذلك اللون الأحمر ، الذى طليت به جدرانها وسقفها ، وحتى أرضيتها ، وهتف ضاحكًا :
ـ أتعشقين اللون الأحمر إلى هذا الحد ؟!
أجبته وأنا أفتح ضلفتى الدولاب الأحمر الكبير ، فى مواجهة باب الحجرة :
ـ إنه لون الحياة .
حدق ذاهلًا فى تذكاراتى ، وشعرت بجسده ينتفض فى عنف ، وأنا أغرس خنجرى الأحمر فى عنقه ، مستطردة :
ـ والموت .
وقفت هادئة ، أراقب جسده وهو ينتفض على أرض الحجرة ، ثم ملت نحوه ، قائلة :
ـ لكى يظل التذكار نضرًا ، لا ينبغى الانتظار حتى توقّفه .
مع كلماتى ، شققت صدره ، ورأيت قلبه ينبض أمامى ...
ويا له من مشهد جميل ...
وبكل الحب ، انتزعت قلبه من جسده ، الذى انتفض انتفاضة أخيرة ، ثم همد تمامًا ...
لهذا اخترت الأرضية الحمراء ...
الدم لا يظهر على أرضية حمراء ...
وفى استمتاع ، وضعت قلبه فى وعاء جديد ، يحوى مادة حافظة ، ثم وضعته إلى جوار قلوب أحبائى السابقين ، الذين أحببتهم ، خلال الألف عام الماضية ...
هذا أضعف ما فى البشر ...
لا يمكنهم العيش دون قلوبهم ...
تراجعت خطوتين ، وأنا أنظر بكل الحب إلى القلب الجديد ، بين تذكاراتى الغالية ...
قلب حبيبى .
***
(تمت بحمد الله)
روايات مصريـة
نشر في 13 شباط 2019
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع