Facebook Pixel
780 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

إن أعمارنا يكتبها الملك بأمر الله قبل أن نولد، وكذلك أرزاقنا، ولعلها حكمة من الله مفادها أن لا نقلق كثيرًا بشأن أحدهما، فأكثر ما يشغل بالنا هما الرزق والأجل، وهما مكتوبان

لا أحد يموت قبل أوانه !

كانت جدتي رحمها الله تقول : الذي له عُمْر لا تقتله شِدَّة !

وبعد وفاة جدتي بسنوات، كتبت هيلاري كلينتون كتابها "خيارات صعبة" وذكرت فيه القصة التالية :
بعد أشهر على بدء الحرب العالمية الثانية حصل جندي على إجازة تسمح له بالعودة إلى منزله، وما إن وصل إلى الحي الذي يسكن فيه حتى رأى شاحنة عسكرية تتكدس فيها جثث القتلى، وكانت الشاحنة تستعد لنقل الجثث إلى مقبرة جماعية، وقف الجندي يتأمل المشهد، فلفت نظره حذاءٌ في قدم سيدة يشبه حذاءً سبق أن اشتراه لزوجته، ذهب إلى البيت مسرعًا فوجده مهدمًا، عاد إلى الشاحنة بسرعة فإذا بها زوجته فعلًا، رفض أن تُدفن زوجته في مقبرة جماعية، وقام بإنزالها من الشاحنة ليدفنها في قبر وحدها، وأثناء إنزالها لاحظ أنها ما زالت تتنفس ببطء وصعوبة، تم نقل السيدة إلى المستشفى، ثم ما لبثت أن تعافتْ، وبعد سنوات وضعت طفلًا تعرفونه جميعًا، إنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين !

سبحان من له حكمة وإن خفيت عنا ! كان يجب أن تعيش هذه المرأة لتنجب هذا المولود الذي سيُحدث خرابًا هائلًا في هذا الكوكب، نحن لا نعرف الحكمة منه، وقد نموت دون أن نعرف، ولكننا على يقين –أو أنا على الأقل- أن لا شيء في أقدار الله يحدثُ عبثًا وإن كان موجعًا !

والشيء بالشيء يُذكر، قرأتُ منذ سنوات أن والد صلاح الدين الأيوبي سقطت إحدى الثغور التي كان موجودًا فيها، فاصطحب عائلته تحت جنح الظلام هاربًا حيث دولته في قوة ومنعة، كان صلاح الدين رضيعًا يومذاك، وكان يبكي بكاءً شديدًا تلك الليلة، فطلب الأب من الأم أن تقوم بإسكات ابنها، لأن الأعداء قد يهتدون إليهم من بكائه، حاولت إسكاته ولكنها لم تفلح، فقام الأب بوضعه في أسفل العربة التي تجرها الخيول، ووضع فوقه أكواما من الملابس والأشياء والمتاع، وقال للأم، هكذا ننجوا، فإن كان له عمر فسينجو أيضًا ! ولأن صلاح الدين كان له عمر لم تقتله شدة، كان يجب على محرر المسجد الأقصى من براثن الصليبيين أن يعيش ! هذه حكمة نعرفها اليوم، وهي التي تخبرنا أن لكل أقدار الله حكمة وإن جهلناها !

القصتان فيها الكثير من الشبه، وإن كان بين الرجلين مقدار ما بين المشرق والمغرب من المسافة !
كلاهما يصحُّ درسًا لأهم أركان عقيدتنا، أن لكل أجل كتاب، وأنه لا أحد يموت ناقصًا عمرًا كما تقول جدتي الأخرى أطال الله بعمرها !

إن أعمارنا يكتبها الملك بأمر الله قبل أن نولد، وكذلك أرزاقنا، ولعلها حكمة من الله مفادها أن لا نقلق كثيرًا بشأن أحدهما ! فأكثر ما يشغل بالنا هما الرزق والأجل، وهما مكتوبان، لن ننال كسرة خبز أكثر أو أقل مما كُتب لنا، ولن نعيش ثانية أطول أو أقصر مما كُتب لنا، فاطمئنوا !

أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية

9. 8. 2018

http://al-watan.com/Writer/id/10760
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع