Facebook Pixel
في خبايا النفوس
939 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

هل تكفى تجربة واحدة للكشف عن طبيعة إنسان والبت فى مصيره؟ لكن بعض النفوس ترسب فى الاختبار مرة أو مرتين ثم يدركها النجاح بعد ذلك!

كتاب : الحق المر - تأليف : الشيخ محمد الغزالي

الحلقة [418] : فى خبايا النفوس

هل تكفى تجربة واحدة للكشف عن طبيعة إنسان والبت فى مصيره؟ يبدو أن النفس البشرية أعقد من ذلك، أو أن بعض النفوس ترسب فى الاختبار مرة أو مرتين ثم يدركها النجاح بعد ذلك!

وقد تدبرت سيرة خالد بن الوليد فوجدت أن الرجل كان من أسباب هزيمة المسلمين فى معركة أحد، ومن وراء استشهاد سبعين بطلا من خيرة المؤمنين!. ومع ذلك فقد انشرح صدره للإسلام بعدئذ، وقاد جيوش المسلمين فى معارك أودت بالإمبراطورية الرومانية التى قاومت الفناء قرونا طويلة!!.

وكذلك عمرو بن العاص الذى تأخر إسلامه إلى قبيل فتح مكة ومع ذلك فتح مصر، وأسعد بالإسلام رجالا وأجيالا!!

إن خبايا النفوس لا يعلمها إلا الله، وقد تضيق بامرئ لأمر ما ثم تكشف الأيام أن بقلبه كنزا من الخير.

وتظهر هذه الحقيقة فى تعليق القرآن الكريم على مصاب المسلمين فى أحد، وعلى ألم النبي الكريم لمصاب أصحابه، وغضبه الشديد من المشركين، لقد قال الله له ، (ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون * ولله ما في السماوات وما في الأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء).

والتلويح بالتوبة لأناس في أعداء الإسلام قاتلوه بعنف تكرر في غزوة الأحزاب عند قوله تعالى : (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر) ثم قال بعد ذلك (ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم)

وقد دخل فى الإسلام بعدئذ أناس طالما ضاقوا به...

ربما تأخر ناس عن اعتناق الحق لملابسات رديئة أحاطت بهم، فلا يجوز أن يحملنا هذا على الشطط معهم، فلعل الله يجعل منهم أنصارا لدينه.

وقد رأيت أن الله سبحانه أطال الحبل مع صنوف من أهل الكفر لعلهم يرعوون. وتدبر قوله جل شأنه فى المنافقين (أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون)

إن الله لا يفضح عبده لأول مرة، بل يصبر عليه ويطاوله لعله يستحى ويتوب، فإذا أصر على عوجه فآخر الدواء الكى، إنه يفضحه لأنه لم ينتفع من ستر الله عليه وحلمه معه!.

وقد تقبل الله أقواما انتفعوا من ستره وحلمه فحسن إيمانهم وطابت أحوالهم، وغضب على آخرين حسبوا أن الإرجاء إغضاء، وأن الإمهال إهمال، فمضوا فى طريق الشر إلى منتهاه، وفيهم يساق قوله تعالى (ومكروا مكرا ، ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون * فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين).

إن على الدعاة طول الصبر وحسن العرض وألا يسمحوا لمشاعر الغضب أن تحملهم على إغلاظ القول وإساءة الظن، ولنتأس برسولنا الكريم فى الحرص على الناس والأسى لعوجهم والأمل فى استقامتهم.

----------( يُتَّبع )----------
#محمد_الغزالي
#الحق_المر ج4
كلمة حرة
نشر في 26 أيلول 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع