Facebook Pixel
تذكروا الإسلام يا عرب
1247 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

سؤال للعرب هل درسوا علاقتهم بالعالم الإسلامى خلال هذا القرن، أو حتى القرون الماضية، وهل أقاموا حقوق خالقهم، فإن الدين للعرب هو الهواء الذي يبقي حياتهم

كتاب : علل وأدوية - بقلم : الشيخ محمد الغزالي

الحلقة [ 29 ] تذكروا الإسلام يا عرب

أريد أن أسأل العرب ـ وهم أمتى الكبيرة وعشيرتى الأقربون ـ هل درسوا علاقتهم بالعالم الإسلامى خلال هذا القرن، أو حتى القرون الماضية؟ إن هذه الدراسة مطلوبة، وإن الغفلة عن عبرها جريمة دينية وتاريخية ضخمة! إن هذه الدراسة ليست عمل الساسة والحكام، بل هى شغل الدعاة والفقهاء والأدباء، وتكاد تكون فى هذا العصر فريضة كذلك على الاجتماعيين والاقتصاديين..

لقد أفزعنى أن هناك نزعة مجنونة تشغل العرب بقضاياهم الخاصة، وتصرفهم عن مشكلات العالم الإسلامى الواسع، وتحبس التفكير والاهتمام فيما يمس المصلحة العربية وحدها، أما ما وراء ذلك فالاشتغال به من فضول البحث أو لغو الكلام، وظهرت هذه النزعة دميمة الوجه محقورة الفكر عندما أغارت الشيوعية على أفغانستان المسلمة، فإن دولا وجماعات عربية رأت أن هذه الغارة لا تقلق الضمير!! ولا ينبغى أن تشغلنا عن قضية المسلمين مثلا..!!

الحق أن هذا الموقف يجعلنى أميط اللثام عن خيانات فاجرة اقترفها عرب كثيرون ضد الإسلام وضد المنتمين إليه فى شتى القارات فإن السكوت عن ذلك طعنة نافذة تصيب الإسلام فى يومه وغده وتهدد أمتنا الإسلامية الكبرى بأفدح التمزق والخسران.

إن المسلمين فى أوغندا ـ وفى مقدمتهم قبيلة الرئيس السابق عيدى أمين ـ يتعرضون لحرب إبادة، ولا أحد يتحدث عن مصابهم. وكذلك المسلمون فى زنجبار وتانجانيقا والمسلمون فى الحبشة وأريتريا والصومال، أولئك كلهم يفنون فى صمت! وإذا تجاوزنا التبشير المكتسح فى وسط القارة، قارة أفريقية، وجنوبها وغربها وشرقها، وذهبنا إلى قارة آسيا وجدنا المسلمين فى (تايلاند) تطاردهم مذابح البوذيين، وهم أكثر من أربعة ملايين مسلم لا نعرف عنهم شيئا! ووجدنا كذلك حرب الاستئصال تجتاح جنوب الفليبين، أما مذابح المسلمين فى الهند فهى أمراض متوطنة أو أمطار موسمية!

والتبشير الصليبى يأكل إندونيسيا، والغول الشيوعى قبل أن ينشب أظافره فى أفغانستان كان يغتال مائة مليون مسلم فى روسيا والصين! وعندما نتوجه إلى أوروبا نرى مسلمى (ألبانيا) وهى الدولة الإسلامية الوحيدة على شاطئ الأدرياتيك يهلكون دون ضجة أو صريخ وعلى غرارهم ضاع المسلمون فى دول البلقان كلها، وذبحوا كقطعان غنم لا رعاة لها! يحدث ذلك كله والعرب مشغولون بشئونهم الخاصة، وقضاياهم التى لن تظفر بذرة من عناية السماء ما داموا بهذه الأثرة السمجة.

كان الشيخ محمد رشيد رضا إذا أصبح مكتئب النفس مقطب الجبين قالت له أمه: مالى أراك حزينا؟ هل حدث شىء لمسلم فى الصين؟..

كان الرجل مهموما بأمور المسلمين كلهم لأنه "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم " كما جاء فى الحديث الشريف.

ماذا كسب العرب من ترك التناصر بالإسلام؟ وماذا كسبوا من الانحصار فى جنسية ضيقة؟ لقد ضلوا وأضلوا، وضاعوا وأضاعوا، ثم جاء يهودى من بولندا اسمه (مناحم بيجين) لينزل بأرض فلسطين ويقول لعربها: باسم التوراة هذه أرضى وأرض آبائى، لا مكان لكم هنا. لقد هتف باسم التوراة عندما قرر العرب أن ينسوا أو يتناسوا اسم القرآن! وباسم التوراة طرد القضاة والعمد والخاصة والعامة والرؤساء والمرءوسين..

ترى أيقول واحد من أولئك التائهين عن وطنهم المغصوب: لقد أكلت يوم أكل الثور الأبيض! إن البكاء على رباط العقيدة التى أوهيناها أول علائم اليقظة، وأظن العرب قد آن لهم أن يستيقظوا فليس من بديل لليقظة إلا الموت المحقق وخزى الأبد!!

العرب وغير العرب سواء فى أنهم خلقوا لعبادة الله وأداء حقوقه والاستعداد للقائه.. لكن العرب وحدهم أولى الأجناس بمعرفة الله والتزام حدوده، إذ إن حاجتهم إلى الدين تفوق حاجة غيرهم وفرص التسامى التى تتاح لهم يوم يتقون الله أضعاف الفرص التى تتاح لغيرهم.

إن العرب جنس حاد المشاعر جامح الغرائز، عندما يطيش يفقد وعيه وعندما يعقل يبلغ الأوج.. ولقد قرأت رأى ابن خلدون فى العرب، وترددت فى تصديقه ثم انتهيت أخيرا إلى أن العرب لا يصلحون إلا بدين ولا يقوم لهم ملك إلا على نبوة، وأن العالم لا يعترف لهم بميزة إلا إذا كانوا حملة وحى، فإذا انقطعت بالسماء صلتهم ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وغشيهم الذل من كل مكان.

وتاريخ العرب الأقدمين مع الدين مثار عبرة! لقد قرأت سير الأنبياء العرب مع أقوامهم وعجبت لضياع رسالتهم أمام عواصف التكذيب التى هبت عليهم من كل مكان! فى جنوب الجزيرة العربية كانت عاد وسبأ وفى شمالها كانت ثمود ومدين وقرى المؤتفكة..

إن الرسل الكرام أعجزتهم الطباع المستكبرة والرذائل المتمكنة، فمضت سنن الله تحصد المجرمين وتؤدب العاتين. وجاء فى سورة هود ـ وهى نموذج لهذا التاريخ فى القرآن الكريم ـ قوله سبحانه: (فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين * وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون).

وشاء الله أن يتجدد العرب مع الرسالة الخاتمة، إن الأوائل الذين بادوا فى حريق الجحود جاء من بعدهم من أخذ الكتاب بقوة، وخدم الإيمان بعزم، وانتصب لحرب الجبابرة ببأس شديد! والواقع أن الجيل الذى رباه محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان من طراز فذ، لقد ألان القلوب لله حتى بلت دموعها المحاريب، وأخلص النيات فما بقى هوى ولا غش، وتمهدت الميادين لنصرة الحق.

وقيل يا خيل الله اركبى! فاندكت صروح للباطل ما ظن أحد أنها تزول، وتلاشت أوهام وخرافات طالما حقرت الإنسانية وأزرت بها ونشأت حضارة إسلامية أسهم فيها العرب وغيرهم فى ظل إخاء عام وفطرة سليمة.

ولكن العرب نسوا معقد شرفهم وعروة مجدهم، وظنوا أنهم بغير الإسلام يمكن أن يكونوا شيئا.. وقوى هذا الشعور أو ضعف حسب انكماش الإيمان وامتداده.

وجاء دور الهزيمة العامة فى تاريخ العرب الأخير، والعرب يفخرون بأصلهم لا بدينهم، ويتحدثون عن دمهم لا عن نسبهم الروحى الثاقب.

ولعل أغرب مفارقة فى تاريخ الحياة كلها أن يقبل اليهود فى موكب تقوده التوراة على حين ينسى العرب قرآنهم، بل تستعجم لغتهم على أفواههم فما يحسنون النطق بها.

وبديه أن تتلاحق المخازى فى شئون العرب السياسية والاجتماعية، وألا يبدو لهم نصر فى أفق من الآفاق. كيف؟ وقد تيقظت الشهوات، وصرخت الأثرة وشرع العرب المعاصرون يحيون كما كانت عاد وثمود، يبطشون بطش الجبابرة ولا يروى لهم عطش إلى الملذات الحرام..

لقد قرأت فى إحدى الصحف خبرا يذكر بمرور سبعين عاما على مأساة دنشواى أيام الاستعمار الإنجليزى، وقلت فى نفسى: ما تكون مأساة دنشواى إلى عشرات ومئات القتلى الذين أودى بهم الاستعمار الداخلى.

إن العرب ـ بعيدا عن الإسلام ـ لن يكونوا إلا حطب جهنم! ذاك فى الدار الآخرة أما فى هذه الدنيا، فإن العرب بعيدا عن الإسلام سيأكل بعضهم بعضا، ثم يأكل بقيتهم اليهود والنصارى!

إذا كان الدين ضرورة إنسانية لرشد الناس، وقيامهم بحقوق خالقهم، فإن الدين للعرب هو الهواء الذى يبقى حياتهم، أو الغذاء الذى يمسك كيانهم، فليروا رأيهم، إن شاءوا الحياة أو شاءوا الممات.

----------( يُتَّبع )----------
#محمد_الغزالى #علل_وأدوية
كلمة حرة
نشر في 10 تموز 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع