Facebook Pixel
968 مشاهدة
0
1
Whatsapp
Facebook Share

الحق أن الوجود الإنساني منذ الأزل لم يعرف كتاباً توفرت له ضمانات الحفظ، وتظاهرت حوله أسباب العصمة، مثل ما عرف لهذا القرآن الكريم

الحق أن الوجود الإنساني منذ الأزل لم يعرف كتابًا توفرت له ضمانات الحفظ، وتظاهرت حوله أسباب العصمة، مثل ما عرف لهذا القرآن الكريم.

إن التواتر القوي يشد أسانيده من كل ناحية! جماهير كثيفة تروي عن جماهير كثيفة، وتبلغ في الاستقصاء أن تحصي كلمات السور، بل تعد حروف الهجاء الموجودة بها حرفًا حرفًا.

وهذا على نقيض ما وقع لديانات أخرى لم تلق أصولها ذرة من هذه العناية. ولنضرب النصرانية مثلاً لهذا التفاوت .

إن البون بعيد بين الظروف التي مات فيها محمد، والظروف التي تُوفي فيها عيسى،** كلا الرجلين نبي كريم، بلغ رسالات الله بأمانة ووفاء، غير أن الإسلام كان أسعد حظًّا ـ في النجاة من أعدائه، والغلب على مؤامراتهم ـ من المسيحية التي تعرضت لخصومات عاصفة.

كان عيسى بن مريم عليه السلام كأنما يقاتل في معركة غير متكافئة. لقد اعتبر هو وأتباعه خارجين على القانون السائد!!.

وخروج المصلحين على العرف القائم، والتقاليد الموروثة أمر لا يضيرهم، بل قد يكون أساس شرفهم ومحور كرامتهم، وهنا يدور الصراع بين مبادئ ومبادئ، وجيل وجيل، ويحتدم النزاع بين الحق والباطل، ريثما تجيء النتائج الحاسمة.

ويبدو أن الذين آمنوا بعيسى لم تكن لهم شوكة مرهوبة، إما لقلتهم ، وإما لضعف شأنهم، وإما لقوة اليهود والرومان الذين تألبوا عليهم .

ومن ثم جاء ختام هذا العراك مؤسف، فقد سير الرومان ثلة من رجال الشرطة ألقوا القبض على عيسى! وقتلوه كما يقول النصارى، وأفلت من أيديهم كما نعتقد نحن المسلمين، وطويت صحائف هذه الدعوة المضطهدة بهذا المصير الخطير!

وتبدد الأتباع شذر مذر! وضاع الإنجيل الذي أنزله الله على نبيه فلم يعثر له على أثر إلى يوم الناس هذا . وكل ما أثر من تعاليمه بقايا أشاعها لفيف من كتاب سيرته بعد عشرات السنين من وفاته في أحوال تحفها الريب ويغلب عليها التخليط والخبط، وسميت هذه السير المؤلفة أناجيل. وليست هي البتة بالإنجيل الذي أنزل على نبي الله عيسى بن مريم!.

شتان بين هذه الأحوال، وبين الأحوال التي اكتنفت صدر الإسلام، فإن أتباعه الأوائل ـ على ما شرحنا ـ صنعوا سياجًا من حديد حول دعوته.

كتاب نظرات في القرآن
** (إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا)
روائع الشيخ محمد الغزالي
نشر في 27 أيّار 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع