Facebook Pixel
جدال.. من ورائه أمور ذات بال
1572 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

إننا نحب محمداً عليه الصلاة والسلام بعقولنا قبل أن نحبه بأفئدتنا، ونعرف مكانته بالدراسة المتعمقة لا بالتقليد المتوارث من كتاب علل وأدوية للكاتب محمد الغزالي

كتاب : علل وأدوية - بقلم : الشيخ محمد الغزالي

الحلقة [ 7 ] جدال .. من ورائه أمور ذات بال

هذا حديث لم أختر موضوعه وإنما دفعنى إلى الخوض فيه رجل يكره محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويخفى كرهه وراء ستار من اعتناق مبدأ الإنسانية المطلقة، وعدم التقيد بدين ما.

قلت له: ما أراك تكره الرسل كلهم بمثل هذا النفور الذى تكنه لمحمد ـ صلى اله عليه وسلم ـ فلم هذه العاطفة الخاصة؟

فأراد الالتواء فى الإجابة وقال : بل الأديان عندى كلها سواء، وقد يكون ما أعرفه عن محمد سببا فى ضيق خاص به.

قلت: وما تعرفه عن المرسلين الآخرين سبب كاف عندك للرضا عنهم والإعجاب بهم؟

فتضايق صاحبى من هذا الحوار، وأراد أن يتخذ خطة الهجوم فقال فى حدة يحاول إخفاءها: وما الذى جعلك أنت تتبع محمدا وتحبه؟.

قلت ـ وأنا الآخر أخفى حدتى ـ: إننى أعرف بدقة ما دعا إليه، وأعرف كذلك خط حياته بدءا وانتهاء فلا أرى إلا ما يشد ضميرى وتفكيرى إليه.

ولأكن صريحا معك، إنك قرأت العهدين القديم والجديد وتأثرت بهما فى صدر حياتك، ثم رأيت أن تتجه مع التيارات الإنسانية التى تهب من هنا ومن هناك. ولك ذلك كله، ما أستغربه منك، ولكن بقية من المواريث الآسنة بقيت فى نفسك تجعلك تكره الإسلام ونبيه، والمسلمين وحقوقهم الطبيعية. وهذا ما نأباه على إنسان يصطنع الحياد الفكرى والنفسى بين الأديان.

قال: قد أكون كذلك أو لا أكون، إنى لا أدرى لماذا تتبع محمدا وتغالى بشخصه؟ حدثنى.

قلت: سأحدثك بانيا على معتقداتك أنت وإن كنت أنا غير مؤمن بها.

قل لى: لماذا يكون نوح أولى بالرسالة من محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى عقلك الحر ـ مع آن نوحا كما قرأت أنت سكر وتعرى حتى جاء من غطى سوءته بعدما فضحتها الخمر؟

إن محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يذق قطرة من خمر فى عمره كله، ولم تفقده النشوة وعيه لا فى شباب ولا فى شيخوخة، فلم ترجح عليه رجلا ينتشى حتى يفقد وعيه؟ وأى الرجلين أحق باصطفاء السماء لتلقى الوحى؟

إننى أسترسل معك فقط ، لأبنى على رأيك وإلا فإن لى رأيا آخر فى قصة نوح كلها. إنكم تستبيحون محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ الصاحى الراشد، وتستكثرون عليه النبوة. ولا تستكثرون النبوة على رجل زنى بابنتيه كما تزعمون!

إنكم تعاملون محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ بغل أعمى وهو الإنسان المبرأ الطهور، فهل هذا هو الحياد العقلى كما تصف نفسك؟

قال الرجل وقد بدا عليه الحرج: إن حب محمد للنساء ينزله عن مكانة الرجل الربانى والمصلح الاجتماعى ودعنا من الخمر ومجالسها وندامها.

قلت: سأتنزل معك أيضا، وأبنى على ما تعرف أنت وأنكر أنا! إنكم ترون محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ عارم الشهوة، فماذا فعل ليشبع هواه؟

هل جمع سبعمائة امرأة فى قصره يخدمهن الإنس والجن كما فعل سليمان الحكيم. هل خطف ثم غصب امرأة قائده وهو غائب فى الجبهة، ولما عاد الزوج المظلوم أعيد إلى الميدان ليقتل وينفرد الغاصب الزانى بعشيقته؟ كما تذكرون ذلك عن النبى داود؟

هل محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليس آهلا للنبوة لأنه تزوج بضع نسوة فى السنوات العشر الأخيرة من حياته لظروف إنسانية واضحة؟ والذى يستحق النبوة هو خاطف النساء العاهر، وجامع المئات منهن للمتعة؟

يا صاحبى.. ما أظلمكم لمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين تحكمون عليه بأنه امرؤ مادى غير جدير بالنبوة بينما ترون النبوة حقا للزناة والقتلة ـ كما تتخيلون ـ.

قال: إن داود وسليمان ملكان وليسا نبيين!

قلت: بل هما عندكم حاملا وحى، ومبلغا هداية ولهما فى الكتاب المقدس عشرات الصفحات ابتداء من المزامير إلى نشيد الإنشاد الذى لسليمان. إننا نرى الرجلين أكبر مما تقولون فيهما وأشرف مما تتقولون عليهما. ولكنى كما ذكرت أبنى على ما تعتقدون أنتم.

وأدهش للمفارقة الواسعة وأنتم تضنون بالنبوة على محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ولا تضنون بها على إنسان مال قلبه إلى الوثنية إرضاء لنسائه عابدات الأصنام، وهن كثرة يبلغن عدة مئات.

إن محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى السنوات الأخيرة من عمره ـ تزوج عدة نساء كسيرات القلوب لظروف ألمت بهن، وعشن معه طالبات آخرة لا ترف ولا سرف، بل على المستوى الأدنى من الضرورات الماسة.

وربما أرسل إلى الحبشة يتزوج من لم يرها، لأنها وهى من أسرة رياسة وملك فقدت رجلها فأسرع إلى مواساتها كما فعل ذلك مع بنت قائد المشركين وزعيم مكة أبى سفيان بن حرب، فأين مكان الشهوة هنا أو هنا؟

يا عجبا.. تمرون بمقتل القائد (أوريا) والسطو على زوجته الجميلة فلا ترون الزنا والقتل مانعين من النبوة، وترون فى عقود الزواج المعلنة على رؤوس الأشهاد بنساء فاضلات شريفات ما يخدش الإيمان ويمنع من منصب النبوة؟

إنكم يا صاحبى تعاملون محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمنطق لا إنصاف فيه ولا اتزان..

وقال وقد احتدت نبرته وأزداد حرجه: لك أن تتبع محمدا ما شئت، وأما الأنبياء الذين ذكرت فهم غير معصومين من الخطايا..

فأسرعت أقول: إن الله لا يختار المبلغين عنه والمتحدثين باسمه من الزناة والسكارى والواقع أن تاريخ أولئك الأنبياء مزور. والآن لندخل فى صميم القضية، ولنتجاوز هامشها لنرى جدارة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالرسالة.

قال: أما كنت تتحدث فى الموضوع آنفا؟

قلت: كان الحديث فى هامشه، أما الآن فله سياق آخر، إننى رجل أحترم الإنسانية المجردة وعن طريقها عرفت محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولست مثلك أدعى الإنسانية، وأتعصب للأوهام وأتلمس للأبرياء العيوب، اسأل ما الإنسانية التى تتعشقها ويستحب الانتماء إليها ألوف المثقفين الآن؟

إنها الارتفاع بقيمة الإنسان، وتثمير خصائصه الراقية فى إنشاء حضارة ذكية نافعة، وتمكينه من ارتفاق الكون كله وتسخيره لخدمته .. ثم تجاوز الفروق بين الأجناس والأديان وجعل الحياة تعاونا على المصالح العامة لا تعاركا على المآرب الخاصة.

هذا تقريبا كل ما يقال فى تعريف هذه الإنسانية المنشودة، أو بتعبير صريح الإنسانية التى تحل محل الدين على ظهر الأرض.

إن عنوان الإنسانية أبرزته فلسفات كثيرة ومذاهب اجتماعية متناقضة أو متنافسة وقد ظهر بعد التطبيق العملى لهذا المبدأ، سواء فى المحافل الدولية أو السلطات المحلية، أنه غطاء لقضايا أخرى خبيثة أو أنه شعار لجأ إليه الضائقون بوجود الله، أو المعترفون بوجود ألوهيات مفتعلة، كى ينشر ما لديهم وهم آمنون.

وقد شعرنا نحن المسلمين أن الإنسانية تتجزأ عندما يكون النزاع بين اليهود والعرب، وأنها تتأخر عندما يكون الخصام بين البيض والسود وأن صوتها يعلو بل يهدر بالفرح عند جيشان الغرائز الجنسية، والنزعات العرقية، وأن هذا الصوت يحتبس ويتلاشى عند ذكر الآخرة وما وراءها.

إن موقف الإنسانية المعاصرة من الله الواحد ومن حقوقه على خلقه غريب.

إنه لا بأس عندها من التبشير بإله مزدوج أو مثلث أو مربع (!) أما الدعوة إلى إله واحد فشىء منكر. بل قد يكون التعطيل المحض أفضل عند سدنة هذه الإنسانية من التوحيد النقى الذى شرحه محمد صلى الله عليه وسلم ، أية إنسانية هذه؟

إن مخلب الوحش لن يتحول إلى يد رقيقة آسية لأنه وضع فى قفاز من الحرير.

قاطعنى محدثى وقد ضاق بما سمع وقال: ما هى معالم الإنسانية التى تتخيلها، والتى قلت إن محمدا عرفك بها... ودعنى من هجائك للمدنية المعاصرة؟

أجبت غير ضائق: اسمع!، إن أشرف ما فى الإنسان عقله وقلبه ونحن عندما نتبع محمدا عليه الصلاة والسلام نصطلح مع إنسانية لا تضع على العقل قيدا، ولا تدع فى القلب عوجا، ذاك كلام مجمل يحتاج إلى تفصيل.

إن الإنسانية الصحيحة ترفض جمود الفكر، وانسداد الآفاق أمامه وترفض عجز الحواس البشرية عن أن تكون أدوات لاستبانة الحقائق وإصدار الأحكام الصحيحة.

والإسلام يرى هذا القصور ذنبا جديرا بالعقاب: (وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير * فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير). وفى وصف أصحاب النار يقول الله تعالى عن سبب تعذيبهم: (ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون).

فهؤلاء لهم حواس، ولكنهم عطلوها، ولهم عقل ولكنهم أماتوه.

والدين الحق تشغيل لمواهب الإنسان الرفيعة بحيث ينتفى من حياته الظن والتوهم، ويبقى اليقين وحده.

الكفر ليس إلا لونا من الحيوانية الهابطة تقدر على التقليد والتبعية فقط، أما الإيمان فمعناه دوران الأجهزة الفطرية فى الكيان الإنسانى على نحو صحيح.

وعندما ينضج العقل ويرزق بالذكاء الحاد، فإنه يتحول وسيلة جيدة لخدمة ما يريد من الأغراض ؟ هناك أذكياء أشرار، هناك من يسخر علمه الواسع لبلوغ أردأ الغايات، وهنا يجىء دور القلب.

إن القلب السليم أساس التدين المقبول ولباب التقوى. والإنسانية تبرز فى أرقى صورها وأزكاها مع نبل القصد وحسن النية. والقلب المشرق يشق طريقه وسط الظلمات والأشواك وقلما يخطى هدفه.

وقد جاء رجل إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يسأله: أخبرنى ما يحل لى وما يحرم على؟ فقال له: " البر ما سكنت إليه النفس واطمأن إليه القلب ، والإثم ما لم تسكن إليه النفس، ولم يطمئن إليه القلب وإن أفتاك المفتون " .

إن هذا التوجيه النبوى يخلق الإنسانية الرفيعة خلقا، ويجعل المرء يضاء من الداخل قبل كل شىء، دون انتظار للتعلات والمعاذير، ودون رهبة من القوانين و الأقاويل.

قال محدثى: موعظة حسنة لا بأس من قبولها! ولكن ما صلة الإنسانية بصور العبادات التى يجىء بها الدين، أو بتعبير أصرح: ما صلة العقل بهذه المراسم؟ وأنت تشيد به.

قلت له : إننا نكتب لغتنا العربية من اليمين إلى اليسار، والأوروبيون يكتبون لغاتهم من اليسار إلى اليمين فما صلة العقل بذلك؟

قال: هذه أشياء تواضع الناس عليها ولا صلة للعقل بها.

قلت: يكفينى ذلك فى إجابتك. هناك أشياء يرفضها العقل حتما، وهذه يستحيل أن تكون دينا، ولا حقائق ولا مراسم، وهناك أشياء لا دخل للعقل فيها لا سلبا ولا إيجابا.

إن الإنجليز يلتزمون السير شمالا وغيرهم يلتزم السير يمينا وهؤلاء وأولئك لا يوصفون بحمق ولا ذكاء. فإذا وضع الدين صور العبادات ركوعا وسجودا فى الصلاة، وطوافا بالبيت العتيق فى الحج، وامتناعا عن الشهوات من الفجر إلى الغروب فى الصوم، فلا توصف هذه العبادات لأنها مخالفة للعقل. وقد وضع الدين ضوابط كثيرة لشرائعه ولم يترك هذه الأوضاع لكل ذوق حتى لا تشجع الفوضى.

وقريب من ذلك موقف الدين من الغرائز الإنسانية، فإن قيام الحياة يعتمد على نشاط هذه الغرائز، إن قتلها خطأ، وتركها حبلها على غاربها خطأ.

والمرء يحتاج إلى الضرورات التى تصونه والمرفهات التى تنعمه، والإسلام يضمن ذلك كله له.فإذا جارت هذه الغرائز أو طغت كسر الدين حدتها وقمع طغواها، وذاك سر التذكير الطويل بالله ولقائه الحتم.

قال لى محدثى: فيما تقول أشياء موضع تسليم، فهل ذاك سر حبك لمحمد وأتباعك له ؟

قلت: ذاك جزء من أسباب تشبثى برسالته وتعلقى بشخصه. أما الجزء الأكبر فيعود إلى أسباب أخرى إن القرآن الكريم هو الكتاب الذى نزل على قلبه، وشرح دعوته وأيد نبوته.

ترى لو وجدت هذا القرآن كله فى فلاة من الأرض، أكنت أستطيع الانتفاع به دون أن أجلس بين يدى محمد عليه الصلاة والسلام، واستمع إلى شرحه له، وأتابع تأثره به؟ ما أظن!

سيعطينى القرآن جملة الحقائق العلمية والنفسية للرسالة الخاتمة، ولكن محمدا ـ صلى الله عيه وسلم ـ سيعطينى المنهج العلمى، والأسوة الحية والتطبيق الحاسم، والتفسير الذى يضع النقط على الحروف كما يقولون.

ومن ثم فإنك لن تعرف الإسلام معرفة صحيحة واضحة إذا جهلت سيرة محمد عليه الصلاة والسلام، ورفضت سنته التى نفذ بها توجيهات القرآن القريبة والبعيدة.

ثم أى عظيم فى الأولين والآخرين قرر الناس تجاهل حياته واطراح كلماته. وإذا كان نفر من الناس يحيا على غير ما يدعو، فإن حياة محمد ـ صلى الله عيه وسلم ـ كانت قرآنا متحركا على دروب الأرض كلها. كان خلقه القرآن، والخلق ـ كما عرف العلماء ـ هو الملكة النفسية والعادات المطردة الثابتة.

إن سنته هى أعماله وأقواله، هى ترجمة القرآن من المعنى إلى الواقع، فكيف يجازف بعض الحمقى فينكر السنة لأن حديثا دس عليها أو لأن حديثا لم يعجبه؟

وراء الخطوات المحسوبة بدقة، والكلمات المرسلة بحكمة كان محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتحرك ويتكلم وأشعة القرآن تعمر قلبه ولبه.

قد يرى عظمة القدرة العليا أمامه فى الصحراء المبسوطة والآكام الشامخة، ولكنه عن طريق القرآن وعلومه كان يرى هذه العظمة فى السحب المركومة فوق المحيطات والكواكب المتهادية فى آفاق السموات.

قد يعيش مع الناست فى مجالسهم ويستمع إلى سمرهم وشغلهم، ولكنه ببصيرته النافذة يعيش فى جو آخر يرى فيه الجنة ونعيمها حتى ليكاد يقطف من ثمارها وكرومها، ويرى فيه النار وأهوالها حتى ليكاد يتقهقر أمام شعوره بويلاتها.

ما أكثر حديث القرآن عن مشاهد البعث والجزاء. مع التخلق بالقرآن كان الحس بتاريخ الماضين يغالبه، فقد رأى فى قصص القرآن أن مجتمعا فاسدا أودت به الرياح العاصفة، فهو يحس بشىء من القلق عندما تهب الريح على نحو ما.

من تخطيط القرآن الكريم لكل شىء فى الحياة ومن بيانه المضىء فى كل قضية تفرعت السنة تفرع الأنهار من منبعها الفوار، وما يعرف ذلك إلا العلماء الراسخون لا السطحيون المتفيهقون.

قال محدثى: إنكم معشر المسلمين تحبون محمدا حبا جارفا، وقد استمعت أخيرا إلى أناس ينكرون السنة النبوية، وقد أومأت أنت على عجل إلى ارتباط السنة بالقرآن نفسه فى نبوة محمد. وأيا ما كان الأمر فلا ريب أن محمدا إنسان عظيم، وليس كغيره من الناس.

قلت: ما تعجبنى هذه اللهجة! والقول بأن محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنسان عظيم لا يزيده ولا ينقصه. الأمر عندنا أكبر من ذلك!

فى علوم الدين يقولون إن النبوة هبة لا كسب، يعنون أن النبوة ليست إجازة علمية أو تربوية يحصل عليها بعض الدارسين بعد ليال ساهرة فى البحث والتمحيص.

إنها فضل أعلى، يخلق الله له أناسا من معدن خاص، يكونون بنقاوتهم الفطرية أهلا لتلقى الوحى، والوصول إلى درجة من المعرفة دونها جمهرة الفلاسفة والمفكرين.

ونحن نقول: لو كانت النبوة كسبا شخصيا ـ وهذا فرض وحسب ـ لكان الإنسان الذى يتناولها ولو كانت فى الثريا هو محمد بن عبد الله صلى اله عليه وسلم. ولكان استحقاقه لها بتفوق ساحق يجعل مكانة الذين يجيئون بعده فى مؤخرة الصف.

إنه الوحيد الذى غير الدنيا واجتاح ظلماتها ومظالمها. والوحيد الذى ترك تراثا قديرا على هذا التغيير المطرد كلما تفسخت الحضارات، واعوجت الخطوات.

إننا نحب محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعقولنا قبل أن نحبه بأفئدتنا، ونعرف مكانته بالدراسة المتعمقة لا بالتقليد المتوارث.

وأنا شخصيا لا أخاف على رسالته ضغائن الخصوم وإنما أخشى عليها الأصدقاء الجهال.

----------( يُتَّبع )----------
#محمد_الغزالى #علل_وأدوية
كلمة حرة
نشر في 09 تموز 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع