Facebook Pixel
اللغة العربية في خطر
1146 مشاهدة
1
0
Whatsapp
Facebook Share

محنة اللغة العربية والأخطار التى تكتنفها من كتاب مشكلات في طريق الحياة الإسلامية

كتاب : مشكلات في طريق الحياة الإسلامية - تأليف : الشيخ محمد الغزالي

الحلقة [ 11 ] الفصل الرابع : محنة اللغة العربية والأخطار التى تكتنفها (2 من 2 )

• فى مجال الأدب :

وفى الوقت الذى كان الاستعمار الثقافى يئد الفصحى فى مجال العلم ، كانت جهوده موصولة لقتلها فى مجال الأدب ، ولكى نكشف أسلوبه فى الفتك نحب أن نرجع قليلا إلى الوراء . .

منذ خمسين سنة ، انتعشت العربية بنهضة أدبية فى شعرها ونثرها ، أشبهت أو أربت على تألقها القديم فى العصر العباسى الأول ، ولم يحدث فى تاريخنا الأدبى أن تعاصر فيه مجموعة من العمالقة ، كما حدث ذلك خلال القرن الماضى.

ففى ميدان النثر ظهر الرافعى ، والعقاد ، وأحمد أمين ، وزكى مبارك ، وطه حسين ، وأحمد حسن الزيات ، وعلى الطنطاوى ، وشكيب أرسلان ، وآخرون تغيب أسماؤهم عنى الآن .

وكان الانتماء الروحى لهؤلاء ، متباينا ، فمنهم الوفىُّ للإسلام ظاهرا ، وباطنا منذ بدأ إلى أن مات !

ومنهم من استقى من ينابيع أجنبية تأثر بها فى كتابته حينا من الدهر ، كالعقاد الذى تأثر بأدب السكسون ، وطه حسين الذى تأثر بأدب اللاتين ، ووقع بينهما تلاوم وجدال على هذا الانتماء وقيمته الإنسانية والثقافية ، ومنهم من غلبه فكر المستشرقين، واتجه إلى التحلل . .

على أن هؤلاء جميعا كانت الفصحى لغتهم ، وكان حسهم البيانى رفيعا ، وكانوا يحتقرون العامية ويترفعون عنها ، ومع أن بدايتهم كانت على هذا الخلط الذى وصفنا ، فإن أغلبهم ختم حياته بخير . .

فلم يمت العقاد إلا بعد أن ألف أروع كتبه وأخلدها فى الإسلام وحقائقه ورجاله . .

وعلى نحو مّا كان طه حسين ، الذى بدأ ملحدا مارقا ثم أخذ ينعطف نحو الإسلام ، وقد اعتمر وزار المسجد النبوى ، وقال لى الصديق الأستاذ محمد فتحى ، إنه كان معه على حافة القبر الطهور ، وقال : . . . وكنت أمسك ذراعه وكان بدنه ينتفض بقوة . .!!

ويبدو أن الاستعمار الثقافى حاول تجفيف الروح الدينية فى ميادين الأدب ، ولكنه لم ينجح كل النجاح ، وبقيت الفصحى رفيعة الهام .

وفى ميدان الأدب الدينى وجد فقهاء ودعاة ومفكرون ومفسرون لهم تدفق وبلاغة وذكاء مثل : محمد رشيد رضا ـ تلميذ الإمام محمد عبده ـ ومحمد فريد وجدى ، وجمال الدين القاسمى ، ومحمود شلتوت ، ومحمد البهى ، والفقيه الكبير محمد أبو زهرة ، والفقيه المؤرخ محمد الخضرى ، ومجدد الإسلام فى القرن الرابع عشر حسن البنا ، وآخرون أذهل عنهم الآن . .

كانت اللغة العربية على ألسنة هؤلاء إذا خطبوا ، وعلى أسنة أقلامهم إذا كتبوا ، تنفجر ينابيع صافية . . ولو قُدِّر لهذه الفئة أن يطول بقاؤها لارتفعت بمستوى الجماهير ، وأعادتهم إلى حظيرة اللغة التى هبطوا دونها . .

وفى ميدان الشعر وجد أحمد شوقى ، وحافظ إبراهيم ، وخليل مطران ، والزهاوى ، والرصافى ، وأحمد محرم ، وعلى الجارم ، وغيرهم . . وهؤلاء ما يقلون عن المتنبى ، والمعرى ، وأبى تمام ، وبشار بن برد ، بل إن هناك من النقاد ومؤرخى الأدب العربى من يرون أحمد شوقى أمير الشعراء العرب قديما وحديثا ..

وهؤلاء الشعراء ـ أعنى المسلمين منهم ـ كانوا عواطف الإسلام الحارّة ومشاعره النابضة ، وكان شوقى الباكى الحزين فى مآتم الإسلام وهزائمه ، كما كان المغنى الفرح فى انتصاراته وانتفاضاته ، وكان الشعر يقود معارك الحرية ضد الاحتلال الأجنبى ، ويوقد نيران الحماس فى الجماهير التى تنطلق بين الحين والحين لتدافع عن وجودها المادى والأدبىّ .

وظاهر أن هذه النهضة الأدبية المباركة كانت تبنى على المهاد الأول ، وتصل من أمجاد المسلمين ما أضاعه التفريط والغدر !

وظاهر أن محافظتها على التراث ، وتقديسها للقيم الدينية ، وولاءها العميق للغة العربية ، أن ذلك كله ثابت لا يتزحزح . . ولكن الاستعمار الثقافى لم ييأس ، وعداوته للغة القرآن لم تفتر !

إنه يريد القضاء على الإسلام ، وأيسر السبل إلى ذلك القضاء على العربية وقواعدها وآدابها .

وأظنه اليوم قد بلغ ما يشتهى ! فقد اختفى الأدب العربى الأصيل ، وإذا وجدت كتابات بالحروف العربية فإنها وعاء لمعان مبتوتة الصلة بأصولنا الروحية والفكرية..

وإذا كان الأدب مرآة أمة ، ودقات قلبها ، فإن المتفرس فى أدب هذه الأيام العجاف لا يرى فيه بتة ملامح الإسلام ولا العروبة ولا أشواق أمة تكافح عن رسالتها ، وسياستها القومية . وثقافتها الذاتية . .

ما الذى يراه فى صحائف هذا الأدب ؟ لا شىء إلا انعدام الأصل وانعدام الهدف ، والتسول من شتى الموائد الأجنبية . . وحيرة اللقيط الذى لا أبَّوة له .

والشعر ؟ لا موضوع له ! أذكر أن المرحوم أحمد زكى أبو شادى كان يهوى قول الشعر ، وأصدر من نصف قرن مجلة باسم " أبوللو " تجمع إنتاج أمثاله من الهواة ، وكان أبو شادى " نحالاً " يزكى نحل العسل ، فقال أحد الظرفاء : " إن أبا شادى مغرم بكل ما يلسع : بتربية النحل وقرض الشعر " !!

وأشهد أن شعر أبى شادى كان أنظف ألف مرة مما يسمى فى عصرنا هذا بالشعر المرسل . . فقد كان لكلامه نظم موسيقى ومحور يدور عليه . .

أما الأشخاص الذين يحلو لهم حمل لقب " شاعر " دون أى نصاب من القدرة على النظم الموزون ، والمعنى الرائق فأمرهم يستثير الدهشة والغضب . .!!

وأريد أن أصفهم بصدق ليعرف الناس : ما هم ؟

إذا لمحت عينى ما يسمَّى بالشعر المنثور تجاوزته على عجل ، لأنى من طول ما بلوته يئست أن أجد فيه معنى جاداً ، أو شعورا صادقا أو فكرة واضحة ! غير أنى أحيانا أقرأ ما يترجم من الشعر الأجنبيّ لأتعرف على ألوان الحسّ التى تخامر شتى الأجناس ، ولأصل الرحم الإنسانية بيننا وبين الآخرين . .

وشاء الله أن أقرأ خلال فترة قصيرة كلمات ، ولا أقول أبياتا لشاعرين ، أحدهما : أميركى ، والآخر : إسبانى ، تريثت وأنا أطالعها إذ استبانت لى من خلال السطور حقائق بالغة الوضوح جديرة بالاحترام .

أما الشاعر الإسبانى فيذكر فى شعره المرسل ـ هكذا ترجم لنا ـ أن فى أصله عرقا عربيا ، ومن ثَمّ فهو يتغنى بالحضارة التى أينعت فى الأندلس ثمانية قرون ، ويومئ إلى شعاعاتها التى أضاءت أوروبا خلال العصور الوسطى ، ويذكر فى ألفاظ خاطفة كيف أمّحت هذه الحضارة ، أو كيف انتحر أصحابها ! وهاكم كلمات الشعر الإسبانى (عن الحضارة العربية فى أسبانيا ، للدكتور محمود على مكى) :

أنا مثل أولئك القوم الذين عمروا أرض أجدادى
أنا من جنس كان قديما صديقا للشمس !!
أنا من أولئك الذين كسبوا كلَّ شىء وفقدوا كل شىء . .
وروحى هى روح الزنابق العربية الإسبانية . .

إن هذه الكلمات أهاجت فى نفسى عاصفة ترابية ، كرياح الخريف التى تهب بغتة ، فتثير الغبار ، وتحمل الأوراق الجافة ، وتحرك معانى البلى . .

نعم كانت لنا على هذه الأرض حضارة أقمناها يوم كنا حملة وحى ، وصلةً بين الأرض والسماء ، فلما خُنَّا كتابنا ، وأرخصنا رسالتنا طاردتنا نقمة رهيبة ، وفقد كل شىء ، أو كما قال أبو تمام :

ثم انقضت تلك السنون وأهلها .. فكأنها ، وكأنهم أحلام . .!!

والأعجب من هذا التاريخ أن أصحابه لا يذكرونه ، ولا يستخلصون منه عبرة !! مالى أذهب بعيدا عن موضوعى؟ إننى أريد الكلام فيما يسمى بالشعر المنثور ، وقد نقلت نموذجا منه للشاعر الإسبانى " مانويل ما تشادو " فلأذكر النموذج الآخر الذى أعجبنى للشاعر الأميركى " جون هانيز " " من مقال للأستاذ درويش مصطفى الفار"

كلما نظرت إلى اللبن مسكوبا على المائدة
ورأيت الأكواب ملقاة بغير عناية
تذكرت كل الأبقار التى تشقى . .
وضياع " الأطنان " من الحشائش فى المرعى
ومعاناة الضروع التى تمتلئ لتحلب
وأشجار الغابات التى تجتثُّ لصناعة الورق
و " ملايين " الشموع التى تحترق هباء
فعلى كل مائدة فى العالم المتخم تنسكب الألبان ضائعة
ويحاول " ملايين " الأطفال الغرثى التقاطها بقطع الإسفنج دون جدوى . .!

هل هذه النظرة مادية ؟ هل الشاعر الأميركى يتألم للدولارات الضائعة ؟ من الظلم أن نوجه إليه هذه التهمة ، إن الرجل يمقت الإسراف ، وإراقة نعم الله على الثرى .

تصور اللقمة التى ترمى بها دون اكتراث ، كم سنبلة قمح بها ؟ كم بذل الفلاح من جهد حتى حصدها ؟ وكم بذل غيره من جهد حتى أوصلها إلى يدك؟

أما كان الأولى أن تصان لينتفع بها فقير بدل أن تستقر فى صناديق القمامة ؟

لكن التبذير يزين لأصحابه ازدراء كل شراء ، والاستهانة بمواقعه ، ولأمر ما يقول الله تعالى : (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين و كان الشيطان لربه كفورا)

والجنس العربى أجدر الناس بمعرفة مقابح التبذير ، فإن العرب الأغنياء متخصصون فى بعثرة مال الله هنا وهناك دونما اكتراث . .!

والشاعر الأميركى يقرر فى كلماته حقائق لا ريب فيها ، ولست أدرى هل هى فى الأصل الإنجليزى مضبوطة الأداء وفق موسيقى خاصة ، أم أن الشعر عند القوم مرسل ؟

إن الشعر العربى له موسيقاه الخاصة ، وقد أحصى الرواة له ستة عشر نغماً تتعانق مع العواطف ، وتنساب معها الأحاسيس الإنسانية إنسياباً ساحرا جميلا . .

والفرق بين الكلام العادى والقصائد المنظومة ، كالفرق بين الأصوات المعتادة ، وبين ألحان الناى وصدح الآلات الموسيقية المختلفة ، وقد نبغ شعراء كثيرون فى تاريخنا الأدبى ولا يزال تراثهم موضع درس واحترام ، وترديد لما حوى من عواطف وتجارب . .

وقد غالى أبو تمام فى وصف الشعر وأثره عندما قال :

ولولا خلال سنَّها الشعر ما درى .. بغاة العلا من أين تؤتى المكارم !

وبيت أبى تمام أفضل من بيت العقاد الذى يقول :

والشعر من نفس الرحمان مقتبس .. والشاعر الفذ بين الناس رحمان !

هذا الكلام من هفوات العقاد ـ رحمه الله ـ المردودة عليه .

• الشعر المرسل:

وقد ظل العرب أقل من عشرين قرنا يصوغون شعرهم حسب البحور المأثورة عنهم حتى جاد هذا العصر الأنكد بما يسمَّى : الشعر المرسل ، محاكاة للشعر الأوروبى كما يقولون . .

وأكرهتنى الأيام على سماع هذا اللغو من بعض الإذاعات ، أو قراءته فى بعض المجلات فماذا وجدت ؟ تقطُّعا عقليّا فى الفكرة المعروضة ، كأنها أضغاث أحلام ، أو خيالات سكران . . ثم يُصَبُّ هذا الهذيان فى ألفاظ يختلط هزلها وجدُّها ، وقريبها وغريبها ، وتراكيب يقيدها السجع حينا ، وتهرب من قيوده أحيانا . . ثم يوصف المشرف على هذا المخلوط الكيماوى المشوش . . بأنه شاعر . .

فى الشعر الأجنبى المرسل صورة ذهنية أو عاطفية ظاهرة على النحو الذى سُقنا شواهده أول هذا البحث ، أما التقليد العربىُّ له فشىء غريب حقا. واسمع هذا الكلام الذى نشرته صحيفة الراية فى ملحقها الأسبوعى ( 567 ) :

وصاعدا فصاعدا . .
نأيت عن خريطة الليمون والحوانيت الخفيفة . .
حجر من النهر اصطفانى . . فارتعدت !
الثور والحمير تجرى فوق أكوام الغلال !!
وحاجتى لمعطف التبرك . .
ابتداء فجر صحن بيتنا ـ السحارة العتيقة . .
آن الأوان . .
لأروح فى السيجا قوى الجأش . .
لأروح تحت البواكى أملأ السيجا مرابيع النجوم . .
قوس الجنازة الذى . .
يمتد فى قوس البيوت الواطئة . .
الصاغة الملثمون والحلب . . والنسوة الحبالى . .
قلبى الذى يجول . . إلخ إلخ

مَنْ مِنَ الناس فى الدنيا أو فى الآخرة يفهم هذا المجون ؟ كأن جامع الحروف التقط كلمات من على الأرض ، ورصَّها كيفما اتفق ! وزيادة فى التهويل أو التزوير جاء الرسام فوضع حولها بعض الزخارف الغامضة ، وتحت عنوان " وشم العاشق " سمى هذا الخليط الكيماوى شعرا . !!

كان صديقى محمد مصطفى حمام رحمه الله مولعا بتقليد هذا الشعر المرسل ، والضحك من قائليه ، فجاءنى يوماً يقول : اسمع هذه القصيدة .

تحت شجرة الأبدية . .
جلس الدهر يتفلَّى وجلست معه أرمق الأفق البعيد . .
على شاطىء مديد من الصخور اللينة . .
هناك فى الجزر التى تبارز الأمواج . .
كانت حبيبتى تحيا مع الغزلان وبقر الوحش . .
أين أنت يا حبيبتى . .؟؟

فقلت له مصححا : أين أنت يا مصيبتى ؟ هكذا قال الشاعر ، أو كذلك يجب أن يقول! ومع ذلك فهذا الهزل المصنوع أكثر تماسكا من الشعر المرسل الذى انتشر فى صحفنا انتشار القمامات فى الطرق المهملة . .

ذلكم صنيع الاستعمار الثقافى بنا ، وبلغتنا ، وتراثنا الأدبى ، وخصائصنا الفنية!

وقد راقبت إنتاج ذوى الأسماء اللامعة فى هذا الميدان المبتدع ، فوجدت السمة الغالبة على هذا اللغو المسمَّى شعرا لا تتخلف أبدا . . التفكير المشوش أو اللا تفكير ، والتعبير الذى يجمع الألفاظ بالإكراه من هنا ومن هنا ويحاول وضعها فى أماكنها ، وتحاول هى الفرار من هذه الأماكن . .

والسؤال الذى يتردد باستمرار لماذا أيها القوم تسمون أنفسكم شعراء إذا كنتم لا تحسنون قرض الشعر وبناء القصيدة ؟ لماذا لا تحاولون أن تكونوا ناثرين بعد استكمال القدرة العقلية واللغوية ؟

ومن العجائب أن هذا العجز الأدبى يلبس ثياب البطولة ، فعندما مات صلاح عبد الصبور ، غفر الله له ، نشر الرسامون الهزليون صورة لتمثال أقيم له وقد نقشت فى قاعدته هذه العبارة " فارس الكلمة "!

أى فروسية ؟ إنها طريقة المصريين ـ أوالعرب أحيانا ـ فى تسمية الأعمى أبا بصير ، وتسمية الأقرع : شعراوى !! كذلك يسمى العاجز عن نظم الكلم : فارس الكلمة . .!!

• العربية فى خطر :

عندما يتشابه الأنين أقول : قد تكون العلة واحدة ! ولقد سمعت مدرسا للغة العربية فى إحدى دول الخليج يتألم ، وكأنه يستغيث ، فقلت : إن مثل هذا الجؤار شق مسامعى فى دول الشمال الإفريقى ، وفى وادى النيل ، وفى أقطار أخرى ، لا بدَّ أن العلة واحدة .

وأخذت أقرأ ما نشرته جريدة الاتحاد فى العدد (3140) .

قال المحرر : " اللغة العربية من أهم الركائز التى تميز مجتمعنا عن بقية المجتمعات الأجنبية ، تلك اللغة التى تميز هوية هذا المجتمع ، وتثبت شخصيته وانتماءه . . وحين نطالب بالاهتمام بلغتنا العربية وإرساء قواعدها فى أذهان طلابنا ، فإننا ندعو إلى ذلك من باب الغيرة على لغة الضاد .

والذى دعانى إلى الخوض فى هذا الموضوع . هو شكوى تلقيتها من أحد أساتذة اللغة العربية عبر الهاتف حيث عبر عن تذمره ومعاناته ، وأبدى دهشة واستغرابا من ضياع معالم هذه اللغة فى مجتمع الإمارات !

ذكر لى أنه يقوم بتدريس اللغة العربية ، ويحاول جاهدا أن يرسخ ويثبت فى أذهان التلاميذ مدى أهمية هذه اللغة وجمالها وسهولتها وبساطتها ، وكيف أن العرب قديما كانوا حريصين كل الحرص على معالم لغتهم ، واعتبروها أساس الحضارة .

يقول : إنه حين يخرج من المدرسة فإن معالم اللغة العربية تضيع من أمامه تماما ، فسائق التاكسى الذى يركبه أجنبى (هندى أوباكستانى) ، وحين يصل إلى البيت ويرفع سماعة التليفون ليسأل فى المستشفى عن صديق له يعالج هناك ، فإن عامل البدالة " الأجنبى " يجبره على التفاهم معه بلغة غير العربية ، وحين يذهب إلى السوق ، فإن كل البائعين فى السوق أجانب ، ويحتاج إلى عدد من القواميس لكى يستطيع التفاهم معهم ، وحتى الحمّال الذى ينقل مشترياته من داخل السوق إلى السياراة أجنبي . . ويكمل هذا المدرس " العربى " طريقه ليفاجأ أن كل شىء فى هذا المجتمع بعيد كل البعد عن اللغة العربية ! فيحس فى المدرسة أنه هو الوحيد الذى يجاهد ويكافح من أجل إرساء أسس هذه اللغة فى أذهان أبناء هذا المجتمع " العربى " .

الحقيقة أنه ليس لدىّ أى تعليق على أقوال هذا المدرس " الغلبان " ، سوى أن أضيف أن التلاعب بلغتنا امتد إلى لوائح الإعلانات فى الشوارع العامة ، وأسماء المحلات ، والمعارض التى تكتب بخطوط عريضة ومليئة بالأخطاء اللغوية ! والغريب أن البلديات لا تعير هذا الجانب أى اهتمام ، وتترك أصحاب المحلات " الأجانب " يكتبون ما يشاؤون بالطريقة التى يريدونها ، ويعلقون كتابتهم بشكل استفزازى فى الشوارع العامة ! " .

هذا مثال للهوان الذى تلقاه اللغة العربية فى الأسواق والشوارع . . وقد سقنا آنفا مثالا لما تلقاه لغتنا " الجميلة " من اقصاء وإزراء فى ميادين العلوم ، ثم لما يلقاه أدبها من تشويه وغبن فى ميادين الآداب والفنون ، وماذا بقى للغتنا من أماكن تكرَّم فيها ؟

إننا نصيح محذِّرين : اللغة العربية فى خطر ، أدركوها قبل فوات الأوان !!

----------( يُتَّبع )----------
#محمد_الغزالى
#مشكلات_في_طريق_الحياة_الإسلامية
كلمة حرة
نشر في 07 تموز 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع