Facebook Pixel
كيف تحقق الحرية الفكرية؟
1610 مشاهدة
0
0
Whatsapp
Facebook Share

مقال للكاتب محمد الغزالي، من كتاب حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة يتكلم فيها عن الحرية الفكرية

كتاب : حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة - تأليف : الشيخ محمد الغزالي

الحلقة [ 7 ] : الحرية الفكرية

وظيفة العقل أن يفكر كما أن وظيفة العين أن تبصر. وتوهم أن الإنسان يعيش بعقل معطل التفكير كتوهم أن الإنسان يعيش بعين مغمضة ٬ ويد مشلولة ٬ وقدم مقيدة.. الخ ٬ وذلك رد للأشياء عن مجراها الطبيعى. ويستحيل قبول ذلك فى دين شارته الأولى الفطرة ٬ والاستقامة من طبائع الأشياء.

والنظرة الأولى فى القرآن الكريم تورث يقينا جازما بأن الإسلام يبنى الاعتقاد الصحيح على النظرة فى الكون.. وأنه يجعل اليقين الحق ثمرة التفكير الحق ٬ كما يجعل الكفر ثمرة عقل أصابته آفة سلبته نوره ٬ أو ضللت مسيره .

فى الإيمان بالله ورسوله تسمع هذه الآيات : “قُلْ إِنمَّا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا. ”.

وفى تفسير طبيعة الرسالة وشخصية الرسول: “قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون” .

وقد لفت النظر إلى أسرار التشريعات المختلفة عبادية أو اجتماعية : “ يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون ٬ في الدنيا والآخرة “.

وفى إشعار الإنسان بأن هذا الكون كله خلق لارتفاقه ٬ ويسر بره وبحره وعلوه وسفله له : “وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي السَّمَاوَاتِ ومَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” . “هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون ٬ ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون” .

والحق أن الإسلام لا يلوم على حرية الفكر ٬ بل يلوم على الغفلة والذهول.

وهو لا يجعل هذه الحرية أيضا من المباحات التى يباشرها من شاء ٬ ويتركها من شاء ٬ بل يجعلها حقا لله على الإنسان .

فالمصابون بكسل التفكير واسترخاء العقل عصاة فى نظر الإسلام. وتتفاوت جرائمهم بمقدار ما يترتب عليها من اضطراب الصلات الإنسانية بالله وبالحياة.

وتبدأ حرية التفكير من علاقة المسلم بدينه نفسه ٬ فإن قوام الإسلام ولب رسالته كتاب مفتوح ميسر للذكر ٬ مطلوب من الأمة أن تتدبره وأن تستفيد منه شرائعها جميعا .

ومنذ نزل القرآن الكريم وشق الرسول به طريق الحياة. شرع العقل الإسلامى يشتغل بجهد رائع ٬ ويعمل فى حرية مطلقة ٬ ويختلف العلماء باختلاف أساليب البحث ووسائل النظر دون أى حرج .

حتى إنك لتتناول فريضة كالصلاة ٬ فترى فى أعمالها منذ افتتاحها بالتكبير واختتامها بالتسليم سبعين حكما قد يكون أحدها مضادا للآخر. ومع ذلك فإن الحرية الهائلة التى أتاحها الإسلام للباحثين المجتهدين وسعت تلك الأنحاء ٬ مع تقدير متبادل وأخوة فى الدين مقررة .

وربما اختلف الأولون فى كلامهم عن العقائد نفسها فقدم بعضهم العقل على النقل ٬ وقدم آخرون النقل على العقل.

وعند التأمل نرى أن الفريقين يقدران قيمة العقل الإنسانى ويعرفان له مكانته الضخمة.

لكن الفريق الذى يؤخره على النقل يحدد له مجال عمله الناجح ٬ ويقصره على الميدان الذى يستطيع فيه ترتيب المقدمات واستخلاص النتائج.

أما الزج بالفكر الإنسانى فى عالم ما وراء المادة ليبتكر أحكاما وينشئ تصورات. فهذا تحميل للعقل فوق طاقته. ومن العبث انتظار خير منه فى هذه المجالات.

والخلاف بين المحافظين من أهل السنة والمتطرفين من المعتزلة يبدأ من هذه النقطة. فأهل السنة يحترمون العقل؟ لأنهم مسلمون يتصلون بكتاب الله الذى رفع قدره ٬ وكرم أهله.

لكن إقحام العقل فى عالم الغيب ٬ وتكليفه بدراسة فاحصة لما وراء المادة ظلم للعقل وإعنات له.

والمعتزلة أخطاؤا عندما اعتمدوا على الفكر الإنسانى فى هذا الميدان البعيد.

قال الأستاذ أحمد أمين: ( فجوهر الخلاف إذن بين هؤلاء المعتزلة وأهل السنة ٬ هو سلطة العقل ومداها وحدودها.. رأى المعتزلة أن العقل البشرى قد منح من السلطة والسعة ما يمكنه من إقامة البرهان حتى على ما يتعلق بالله . فلا حدود للعقل إلا براهينه ٬ ولا زلل ولا خطأ متى صح البرهان ٬ فاستعملوا البراهين فى أدق الأمور وأصعبها وأعقدها . إذ فى استطاعة العقل الوصول إلى الحق فيها .

وكانت نزعة المعتزلة هذه متجلية فى كل أبحاثهم يسيرون وراء البرهان إلى نهايته ويثيرون أصعب المشاكل وأعقدها ٬ ثم يتعرضون لحلها ٬ فإذا تم لهم حلها أو على الأقل اعتقدوا بحلها٬ تأولوا آيات القرآن على مقتضاها.

وعلى العكس من ذلك الآخرون. رأوا أن العقل أضعف من ذلك وأن استطاعته محدودة بإدراك ما يتعلق بشأنه هو ٬ أو أقل من ذلك ٬ وأنه منح القدرة على أن يدرك البرهان على وجود الله ٬ والنبوة العامة ٬ ونبوة محمد خاصة. ولم يمنح القدرة على معرفة كنه الله وصفاته.

فلنؤمن بما جاء به أنبياؤه. ولنقف عندما قالوا ٬ ولا نثر مشاكل لم يأت بها الأنبياء ٬ ولنسد الطريق على من يثيرونها. فإن جادلناهم فى شئ ففى بيان خطئهم وفساد طريقتهم )

***

ونحن نؤمن بحرية التفكير فى أوسع نطاق ٬ بيد أن المهم ضمان الأصالة والجودة لهذا التفكير ٬ حتى يعود من رحلاته المعنوية بحصيلة كريمة .

والفارق بعيد بين التخمين ودفع العقل وإلى بناء قصور على الرمال وبين التفكير الذى يقوم على منطق مرتب ٬ وينتهى بيقين محترم . وقد نهى الله جل شأنه عن التخمين ٬ والتعلق بالأفكار الرجراجة الحائرة: “ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا” .

وقد اعتل الفكر الإسلامى يوم استعمل حريته العظيمة فى بحوث الإلهيات القصية عن مداركه وحطها بفلسفات دخيلة عقيمة لا قيمة لها.

وصح سيرُهُ عندما التزم الميدان الذى تمهد له ٬ ميدان الحياة التى بين أيدينا.

وقد وصل فى هذا الميدان إلى كشوف عظيمة الجدوى فى علوم الرياضة والطبيعة والفلك ٬ وكانت الحرية المتاحة له حاديا أمينا ٬ فلم يتعرض البحث لأى لون من ألوان العسف أو الخطر ٬ بينما كانت أوروبا توصد أبواب النظر على كل المفكرين ٬ وتتبعهم بالإرهاب والمقت.

يقول الأستاذ محمد بهجة الأثري : ( إننا نعد ما بلغه المجتمع الإسلامى من الجمود العقلى فى أشد عصور تأخره طورا من أطوار الإصلاح الذى بدأته أوروبا يومئذ.

فلم يشهد هذا المجتمع ما شهدته أوروبا من تحجر العقل وشل الفكر وجدب الروح وقسوة الضمير فى مصادرة الحياة والضراوة فى إبادة الكتب ومحاربة العلم والعلماء وإنزال أقسى العقوبات وأقصاها بالمفكرين من أجل أفكار تبدو لنا الآن عادية كانوا يعلنونها فى سبيل الإصلاح والتجديد.

ويذكر التاريخ أن عدد الذين عوقبوا فى أوروبا بلغ ثلاثمائة ألف أحرق منها اثنان وثلاثون ألفا أحياء كان منهم العالم الطبيعى ` برنو `. وقد نقصت منه آراء أشدها قوله بتعدد العوالم فحكم عليه بالقتل وأحرق ميتا.

وعوقب العالم الطبيعى الشهير ` جاليليو ` بالقتل لأنه اعتقد بدوران الأرض حول الشمس. وحبس ` دى رومنس ` فى روما حتى مات ، ثم حوكمت جثته وكتبه فحكم عليها بالحرق وألقيت فى النار لأنه قال: إن ` قوس قزح ` ليست قوسا حربية بيد الله ينتقم بها من عباده إذا أراد ٬ بل هى من انعكاس ضوء الشمس فى نقط الماء .

وأصاب ` جيوفث ` فى جنيف ٬ و` فايتى ` فى تولوز ما أصاب هؤلاء وحرقا شيا على النار لآراء لا تستوجب حتى التعزير ٬ إن لم نقل تستوجب الاحترام والتقدير. ولا جدال فى أن تاريخ الإسلام لم يعرف هذا الاضطهاد الشنيع لحرية الفكر والعلم الذى عرفته أوروبا )

***

ماذا كانت حالة المسلمين فى تلك الحقبة من الزمن؟

لقد ألف المسيو ` سيديو ` الوزير الفرنسى الأسبق وأحد علماء الغرب المنصفين كتابا أسماه ` خلاصة تاريخ العرب ` تضمن اعترافا مشكورا بما قدمه المسلمون للعالم من ثمرات نشاطهم العقلى الحر.

وقد ترجم هذا الكتاب المرحوم على باشا مبارك ٬ ونثبت هنا مقتطفات تشهد بالمدى الذى وصلت إليه الحرية العلمية فى تاريخنا القديم ٬ وكيف أسدت إلى التقدم العمرانى أخلد الأيادى...

" أتى النبى ` صلى الله عليه وسلم ` فربط علائق المودة بين قبائل جزيرة العرب ٬ ووجه أفكارها إلى مقصد واحد أعلى شأنها حتى امتدت سلطاتها من نهر التاجالمار بأسبانيا والبرتغال!إلى نهر الكنجوهو أعظم أنهار الهند ٬ وانتشر نور العلم والتمدن بالشرق والغرب ٬ وأهل أوروبا إذ ذاك فى ظلمة القرون المتوسطة وجهالتها ٬ وكأنهم نسوا نسيانا تاما ما وصل إليهم من أحاديث اليونان والرومان أسلافهم الأقدمين .

واجتهد العباسيون ببغداد والأمويون بقرطبة والفاطميون بالقاهرة فى تقدم الفنون ٬ ثم تمزقت ممالكهم وفقدوا شوكتهم السياسية فاقتصروا على السلطة الدينية التى استمرت لهم فى أرجاء ممالكهم.

وكان لديهم من المعلومات والصنائع والاستكشافات ما استفاده منهم نصارى أسبانيا حين تم طردهم منها ٬ كما أن الأتراك والمغول بعد تغلبهم على ممالك آسيا استفادوا معارف من تغلبوا عليهم ".

ثم قال فى صفحة “ 9” فى وصف التمدن العربى الذى تمكنت أصوله فى آفاق الدنيا القديمة أقوى تمكن:
" ولا نزال إلى الآن نرى آثاره حين نبحث عن مبادئ ما نحن عليه من المعلومات الأوروبية ٬ فان العرب فى غاية القرن الثامن بعد الميلاد فقدوا الحمية الحربية وشغفوا بحوز المعارف حتى أخذت مدائن قرطبة وطليطلة والقاهرة وفاس ومراكش والرقة وأصفهان وسمرقند تفاخر بغداد فى حيازة العلوم والمعارف .

وقرئ ما ترجم إلى العربية من كتب اليونان فى المدارس الإسلامية ٬ وبدل العرب همتهم فى الاشتغال بجميع ما ابتكرته الأفهام البشرية من العلوم والفنون ٬ وشهروا فى غالب البلاد خصوصا البلاد النصرانية من أوروبا بابتكارات تدل على أنهم أئمتنا فى المعارف.

ولنا شاهد صدق على علو شأنهم الذى تجهله الفرنج من أزمان مديدة.

الأول: ما أثر عنهم من تواريخ القرون المتوسطة وأخبار الرحل والأسفار وقواميس ما اشتهر من الأمكنة والرجال والمجاميع الشاملة لكثير من الفنون الفاخرة.

والثاني: ما كان لديهم من الصناعات الفائقة والمبانى الفاخرة والاستكشافات المهمة فى الفنون ٬ وما وسعوا دائرته من علوم الطب والتاريخ الطبيعى والكيمياء الصحيحة والفلاحة والعلوم الأخرى التى مارسوها بغاية النشاط.

وقد أتى المسيو ` سيديو ` فى كتابه هذا على بعض السيرة النبوية والتاريخ الإسلامى ٬ وتوسط فى بحثه ولم يكن مجحفا أو جافيا ٬ ونقل عنه الأستاذ محمد فريد وجدى فى كتابه “ الإسلام دين عام خالد “ فى الجزء الأول منه بصفحة “ 42 ” أنه : " لقد كان المسلمون متفردين بالعلم فى تلك القرون المظلمة ٬ فنشروه حيث وطئت أقدامهم ٬ وكانوا هم السبب فى خروج أوروبا من الظلمات إلى النور ".

***

ونجاة المجتمع الإسلامى من هذه الشائنة التى خيمت على أوروبا يعود إلى طريقة القرآن الكريم فى ربط الإنسان بالكون الذى يحيا بين أرضه وسمائه. فقد علمت أنه يجعل الإيمان نتيجة التأمل فى آفاقه. “ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين” . “وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون”.

كما يجعل هذا الكون نفسه مسخرا للإنسان لا يصعب على مناله شئ منه “ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة”

ولم يقدم القرآن نظرية علمية معينة للناس يلزمهم بها ويؤاخذهم إذ تجاوزوها. كلا. لقد أوصاهم بالنظر والتأمل وتركهم أحرار الفكر فيما يفهمون ويقررون.

وهو واثق من أن العقل الدؤوب المكافح المتحرى للحقائق وحدها لن يؤوب من سياحاته البعيدة والقريبة إلا بما يدعم الإيمان. ويعلى فى هذا العالم مكانة الإنسان.

وفى الحكم على الأشخاص والأشياء احترم الإسلام الخصائص الفردية للإنسان نفسية كانت أو عقلية ٬ فإن البشر ليسوا طبعة واحدة من كتاب معين. كلا. إن التفاوت بينهم بعيد الآماد حتى لتحسبهم من عناصر شتى. وان كانوا جميعا من تراب.

وهذا الاختلاف فى أمزجتهم وأفكارهم ملحوظ فى أحداث الحياة التافهة والجليلة. فما أكثر ما تشتجر الآراء. وتتباعد المذاهب.

وقد احترم الإسلام حرية الفكر لكل فرد من الناس. ما دامت محكومة بحسن النية ٬ وشرف الوجهة ٬ ومنح كل امرئ حق الإبانة عن رأيه كما تكون فى نفسه. واصطبغ بطبعه الحاد أو الهادئ وبرز بتفكيره الحرفى أو المرن.

ففى غزوة بدر استمع الرسول إلى أبى بكر الحليم يرى العفو عن الأسرى واستمع إلى عمر الحازم يرى مؤاخذتهم بما اقترفوا. فشبه الأول بإبراهيم وعيسى ٬ وشبه الآخر بنوح وموسى .

فإن إبراهيم كان حليما يوم قال: “…فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم” . وعيسي كان حليما يوم قال: “إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم” . ونوح كان حازما يوم قال: “رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ٬ إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولايلدوا إلا فاجرا كفارا” . وموسى كان حازما يوم قال: “ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم” .

ومن أروع ما يتعلق بحرية الرأى فى الإسلام ٬ أن عليا كرم الله وجهه قد فوت على نفسه الخلافة بعد عمر ٬ تمسكا بحريته فى الرأى والاجتهاد ٬ فقد انتهت المفاوضات والشورى بعد مقتل عمر إلى أن يحسم الأمر فيها عبد الرحمن بن عوف فدعا الناس إلى المسجد ٬ وكان الأمر قد غدا بين على وعثمان ٬ فوقف فى المسجد ونادى من بين الناس عليا ليبايعه خليفة للمسلمين على أن يعمل بكتاب الله وسنة رسوله واجتهاد الشيخين أبى بكر وعمر فرفض على لك إلا أن يكون عمله بكتاب الله وسنة رسوله ويجتهد رأيه ٬ فدفع عبد الرحمن يد على ونادى عثمان فقبل العهد الذى رفضه على .. فكان خليفة بدلا منه.

كما أن لعلى موقفا ممن خرجوا على خلافته وسموا ` بالخوارج ` فقد بعث إليهم عبد الله بن عباس فناظرهم ٬ فرجع إلى صفوف على أربعة آلاف منهم وأصر أربعة آلاف أخر على عدم الرجوع ٬ فأرسل إليهم يقول: ` كونوا حيث شئتم وبيننا وبينكم أن لا تسفكوا دما حراما ولا تقطعوا سبيلا ٬ ولا تظلموا أحدا ٬ فإن فعلتم نبذت إليكم الحرب ` كما قال لهم مرة أخرى ` لا نبدأ بقتال ما لم تحدثوا فسادا `.

لقد رغب الإمام الكبير فى أن يدع هؤلاء الناس ورأيهم مهما ساء فيه على ألا يحدثوا على الدولة شغبا ٬ وألا يظلموا من الناس أحدا ...

وهذا تصرف حق ٬ وما تعرف أعرق الدول حرية غيره ..
فتأمل كيف نبعت حرية الفكر المؤمن من طبائع شتى ومشت فى هذه المناهج المختلفة. وهى أفكار قادة الإيمان من رسل الله وتابعيهم بإحسان ؟؟

فإذا تجاوزت هذه النواحى النفسية وجدت حرية الفكر تنبع من اختلاف الطبائع الذهنية للناس.
ففى غزوة بنى قريظة لما قال ` صلى الله عليه وسلم ` لأصحابه “ من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يصلين العصر إلا فى بنى قريظة “ ٬ وأوشكت الشمس على المغيب.
قال الحرفيون: الصلاة فى بنى قريظة ٬ ولو فات الوقت !!
وقال أهل الفحوى: إنما أراد الإسراع !! وصلوا فى الطريق ..

وبلغ النبى ما فعل الفريقان ٬ فأقرهما جميعا على وجهات نظرهما. إن حرية الفكر ٬ لم تزدهر فى جماعة كما ازدهرت فى حضارة الإسلام .

----------( يُتبع )----------
#محمد_الغزالي #حقوق_الإنسان
كلمة حرة
نشر في 15 تموز 2018
QR Code
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع
تابع
متابع